صفقة ترمب والتجارة المرتقبة تثير قلق حلفاء واشنطن في آسيا

أشار ترامب في ولايته الأولى إلى استعداد الولايات المتحدة لخوض عصر من التنافس العسكري والاقتصادي المكثف مع الصين، ثم أصبح من أولويات جولته الآسيوية، مع عودته إلى البيت الأبيض في ولايته الثانية، وضع إبرام اتفاق تجاري مع شي جين بينج في مقدمة أهدافه، وهو ما أثار مخاوف الحلفاء من أن تكون الصفقة م fisت على قضايا الأمن والاقتصاد كما نقلت مصادر اقتصادية.
جولة ترمب في آسيا وجدول الأعمال
بدأت الجولة من ماليزيا في لقاءات لقادة دول جنوب شرق آسيا، حيث شارك في مراسم توقيع اتفاق سلام يهدف إلى حل النزاع الحدودي بين تايلاند وكمبوديا. ثم يتجه إلى اليابان حيث سيعقد اجتماعاً مع رئيسة الوزراء الجديدة ساناي تاكايشي، فيما ستكون المحطة الثالثة في كوريا الجنوبية، حيث سيلتقي بالرئيس لي جاي ميونج ويشارك في قمة أبِيك الاقتصادية.
وفي كوريا الجنوبية، أعرب ترمب عن ترحيبه بمواجهة محتملة مع زعيم كوريا الشمالية كيم جونغ أون في حال توفرت فرص مناسبة، بينما قال مسؤول أميركي رفيع المستوى إن ذلك ليس مدرجاً على جدول الرحلة النهائي. ووصف ترمب اجتماعه المرتقب مع شي بأنه الاختبار الحاسم لرحلته الآسيوية، مضيفاً أن الاجتماع سيؤدي، بعد انتهاء اللقاءات في كوريا الجنوبية، إلى اتفاق تجارة عادل ورائع مع الصين.
أجندة ترمب بشأن الصين
يركز مسار الضغط على الصين على تخفيف القيود على صادرات المعادن الأرضية النادرة وتجنب الدخول في حرب تجارية شاملة، إضافة إلى إقناع بكين باستئناف شراء فول الصويا الأميركي بعد توقف أثار استياء المزارعين، وهو قطاع انتخابي مهم بالنسبة للحزب الجمهوري.
كانت هناك إرهاصة في الإدارة السابقة بأن الصين ستظل حجر زاوية في مواجهات استراتيجية، مع تأكيد أن الصين دولة مغيرة تهدف لفرض هيمنتها في غرب المحيط الهادئ، وتدفع الولايات المتحدة إلى تعزيز التحالفات وتطوير اقتصاد أقوى وتوظيف جيش أكثر فتكاً. ومع أن جزءاً من ميزانية الدفاع يتركز على تطوير قاذفات وصواريخ طويلة المدى وطائرات مسيرة، يظل الهدف الأساسي تعزيز الوجود الأميركي في غرب المحيط الهادئ وفق مسؤولين. كما يتوقع أن يركز تزايد الحضور الأميركي في نصف الكرة الغربي على ضغوط اقتصادية وأنشطة لمكافحة المخدرات، بحسب تقارير الصحيفة.
قال دبلوماسي سابق يدير برنامج الصين في مؤسسة الدفاع عن الديمقراطيات إن حلفاء آسيا يشعرون بصدمة استراتيجية، ويخشون من أن تكون أي صفقة كبيرة مع الصين وراءها تغييرات تهمش تايوان أو تقلل من نفوذ الحلفاء. وأكد خبير آسيوي آخر أن القلق يتزايد من احتمال أن تكون العلاقات الأميركية–الصينية في طور الدخول في مرحلة جديدة تعتمد على تفوق التكنولوجيا، لا اللغة التقليدية للقوة. وفي ختام نقاشات قيادية، أشار خبيرٌ إلى أن تغيّرات الاستراتيجية قد تعني عودةً أوسع إلى مسار المنطقة وتخفيفاً للتركيز على آسيا بما يتركز على مواجهة قضايا مكافحة المخدرات أكثر من مواجهة جمهورية الصين الشعبية. كما لفت إلى أن الحرب الباردة كانت تعتمد في نهايتها على القوة النووية، بينما يواجه ترمب وشي حقبة جديدة تُبنى على التفوق التكنولوجي والابتكار.
وأشار خبير ميزانية الدفاع إلى أن التغيير في الاستراتيجية يعني أن نسبة أكبر من القوات الأميركية قد تنقل تركيزها عن المحيط الهادئ وتعيد توجيه الجهود نحو قضايا الأمن في نصف الكرة الغربي، خاصةً في سياق مكافحة العصابات والمخدرات.
سياسة الغموض الاستراتيجي
أكّد مسؤول أميركي أن الإدارة لا تعتزم التخلي عن سياسة الغموض الاستراتيجي المتبعة منذ زمن طويل بشأن ما إذا كانت واشنطن ستتدخل عسكرياً إذا هاجمت الصين تايوان. وفي هذا السياق، قال وزير الخارجية ماركو روبيو إن الإدارة لن تقدم تنازلات بشأن أمن تايوان مقابل إبرام اتفاق تجاري مع الصين، مع التأكيد على أن أي صفقة لا تمنح معاملة تفضيلية مقابل الانسحاب من تايوان.
تمديد الهدنة التجارية
أعلن لي تشنج جانغ، كبير المفاوضين التجاريين الصينيين، عن توافق مبدئي بين الصين والولايات المتحدة بشأن مناقشات في كوالالمبور تشمل تمديد هدنة التجارة بين البلدين، إضافة إلى قضايا مثل أزمة المخدر الفنتانيل والضوابط التصديرية. وشارك لي إلى جانب نائب رئيس الوزراء الصيني هي لي فنج في محادثات مع سكوت بيسنت من وزارة الخزانة الأميركية وجيمس جرير من الممثل التجاري الأميركي، وذلك على هامش قمة آسيان. ولم يقدم الجانب الصيني تفاصيل بشأن القضايا والشروط المتفق عليها. ووصف وزير الخزانة الأميركي المحادثات بأنها بناءة وشاملة وعميقة، مؤكداً أنها مهدت الطريق لاجتماع القادة في إطار إيجابي للغاية.




