بوليفيا تصوت في جولة إعادة رئاسية قد تقود البلاد إلى اليمين

المشهد الانتخابي في بوليفيا ولُحمة القضايا الأساسية
يتجه الناخبون البوليفيون اليوم إلى صناديق الاقتراع في جولة الإعادة الرئاسية، التي ستحسم مسار البلاد في السنوات القادمة وتحدد شكل العلاقة بين الحكومة الجديدة والاقتصاد والمجتمع. يتنافس في هذه الجولة رودريغو باز بيريرا، السيناتور الوسطي اليميني الذي فاز بالجولة الأولى، وخورخي “توتو” كيروجا، الرئيس السابق المنتمي إلى اليمين المتشدد، الذي تفوق في الأسابيع الأخيرة على خصمه في استطلاعات الرأي.
منذ فوز إيفو موراليس لأول مرة في 2005، ظل حزب MAS في السلطة، لكنه يواجه أسوأ هزيمة له في الجولة الأولى الأخيرة؛ إذ قرر الرئيس غير الشعبي لويس آرسه عدم الترشح، فيما حصل مرشحه وزير الداخلية إدواردو ديل كاستيو على 3٪ من الأصوات.
يتوقع أن يشكل التحول اليميني في بوليفيا تغييرا جذرياً في طريقة التعامل مع زراعة الكوكا، النبات الذي يُستخلص منه الكوكايين لكنه يُستخدم في بوليفيا بشكل واسع لأغراض ثقافية وطبية ولغايات تقليدية. ستنطلق نقاشات السياسة النهائية حول هذا الملف، وقد تعود إلى الواجهة سياسات مكافحة المخدرات بشكل أشد من الماضي.
وقبل أيام قليلة، وصف وزير الخارجية الأميركي ماركو روبيو الانتخابات البوليفية بأنها من بين التطورات الأكثر أهمية في أميركا اللاتينية، مع التأكيد على أن المرشحين يريدون علاقات قوية مع الولايات المتحدة. يرى المحلّل السياسي خوسيه أورلاندو بيرالتا أن مسألة إنتاج الكوكا ستكون محوراً رئيسياً في علاقات الرئيس الجديد مع واشنطن، خاصة في ظل اتجاه إدارة ترمب لسياستها الأكثر حدة في المنطقة.
يكابد الاقتصاد البوليفي أسوأ أزمة منذ عقود، مع معدل تضخم مرتفع ونقص حاد في الدولار والوقود. قررت الجهة الانتخابية السماح لسيارات نقل صناديق الاقتراع بالحصول على وقود من محطات البنزين وسط طوابير طويلة، إذ أصبحت بوليفيا تستورد الوقود وليس لديها احتياطي من العملة الأجنبية. جميع هذه الظروف تضغط على أي قائد مقبل وتدفعه إلى بناء علاقة أقوى مع الولايات المتحدة لإنقاذ الاقتصاد.
إلى جانب هذه الصورة الاقتصادية، تتزايد التكهنات بأن عودة الولايات المتحدة إلى التعامل مع مسألة مكافحة المخدرات قد تكون شرطاً لتمويل الحكومة الجديدة، وهو ما أشار إليه بعض المحللين كعامل مؤثر في السياسة الخارجية والاقتصادية للبلاد. يذكر أن تاريخ العلاقات مع وكالة مكافحة المخدرات الأميركية (DEA) شهد توتراً في الماضي، حيث طُردت الوكالة من بوليفيا عام 2008 في عهد موراليس قبل أن تعود إلى مكانة مختلفة في فترات لاحقة، وهو ما يترك أثره في حسابات المسؤولين عند اتخاذ قرارات حول الدعم الدولي والتمويل.
وتبرز منطقة تشاباري كقلب موضوع الكوكا في بوليفيا، إلى جانب اليونغاس قرب لاباز. تشاباري تشهد حضوراً مكثفاً لمزارعي الكوكا، ويمتاز بأن بعض إنتاجها مخصص للاستخدام الشخصي والطقوسي، بينما جزءاً آخر يُستخدم في صناعة الكوكايين. يقول المسؤولون عن المزارع في تشاباري إن إنتاجها ليس كله موجهاً إلى الأسواق الحكومية، وأن المسافات بين المناطق تؤدي إلى فروقات كبيرة في المسارات. من جهة أخرى، يرى بعض المرشحَين أن كوكا اليونغاس تبقى تقليدية وقانونية، بينما كوكا تشاباري لها هدف مختلف يتعلق بتجارة المخدرات فقط. تؤكد أوساط مزارعي الكوكا أن جزءاً من الإنتاج يذهب إلى الاستخدام الشخصي وأن هناك آليات إشراف عند وجود أي انحراف نحو الاتجار يتم الإبلاغ عنها فوراً للسلطات.
يؤكد زعيم اتحاد CSCIOB أن نصيب تشاباري من الإنتاج لا يمر عبر السوق الحكومي بسبب المسافة، وأن معظم الإنتاج للاستخدام المحلي، وهو موقف يؤكد أن الاتحاد يساند موراليس ويحذر من أي مخاطر تستهدفه. يقول الأمين العام للاتحاد إن هدف الولايات المتحدة هو التخلص من موراليس بأي ثمن، وأن أعضاء الاتحاد سيظلون يحرسون قائده ولن يسمحوا بإضعافه.