اخبار سياسية

المهمة الأميركية في كاراكاس: مكافحة المخدرات أم الضغط لإسقاط مادورو؟

أعلنت تقارير أن الحشد العسكري الذي يقوم به الرئيس الأميركي دونالد ترامب قبالة سواحل فنزويلا يهدف إلى إقناع نيكولاس مادورو بأن البقاء في السلطة سيكون أكثر كلفة من المغادرة، وفق ما ذكرت صحيفة فاينانشيال تايمز.

نفذت الولايات المتحدة نحو خمس ضربات تقربياً على قوارب تعتبرها واشنطن متورطة في تهريب المخدرات، من دون تقديم أدلة علنية.

عندما أمرت الولايات المتحدة بأكبر نشر للسفن الحربية والطائرات في منطقة البحر الكاريبي منذ أكثر من ثلاثين عاماً، وصِفت المهمة في البداية بأنها حرب على تهريب المخدرات، لكنها تبعتها هجمات لتدمير قوارب زُعمت أنها تهرب مخدرات، وتحديد الأولوية الآن لإجبار كبار الشخصيات في الحكومة الفنزويلية على الرحيل.

وتفضل المصادر أن يكون رحيل رموز النظام عن طريق الاستقالة، مع التهديد الواضح بأنه إذا تشبث مادورو ودائرته بالسلطة، فقد يلجأ الأميركيون إلى القوة العسكرية المستهدفة للقبض عليهم أو قتلهم.

وعندما سُئلت عن الاستراتيجية، قالت الناطقة باسم البيت الأبيض آنا كيلي إن ترمب مستعد لاستخدام كل ما في وسعه من قوة أميركية لوقف تدفق المخدرات إلى بلدنا وتقديم المسؤولين عنها إلى العدالة.

وقال تومي بيجوت، نائب المتحدث باسم وزارة الخارجية الأميركية، إن مادورو ليس الزعيم الشرعي لفنزويلا، إنه هارب من العدالة الأميركية ويقوّض الأمن الإقليمي ويُسَمِّم الأميركيين.

رحيل مادورو

قالت إحدى الشخصيات المعارضة المطلعة على المناقشات إن استراتيجية ترامب لا تقوم على نشر قوات برية بقدر ما ترتكز على إظهار تفوق عسكري ساحق واستخدامه لإجبار مادورو وأقربائه على الرحيل في أقرب وقت ممكن.

وقالت فانيسا نيومان، رائدة أعمال في صناعة الدفاع ومبعوثة سابقة للمعارضة، إن الخطة هي القبض على نيكولاس مادورو ثم قتله أو القبض عليه والتخلص منه بطريقة أو أخرى.

أفاد رجال أعمال لهم علاقات واسعة أن شخصيات بارزة في النظام غيرت أرقام هواتفها المحمولة وتنام في أماكن مختلفة ليلاً، واستبدلوا حراسهم الكوبيين بوحدات جديدة من هافانا.

قال جنرال فنزويلي، لم يكشف عن هويته، إن الأمن يفرض عليهم التنقل المستمر بين مواقع متفاوتة في كاراكاس وفالنسيا وماراكاي.

وتختبئ ماريا كورينا ماتشادو، زعيمة المعارضة المحافظة والحائزة على جائزة نوبل للسلام، داخل البلاد في انتظار لحظتها الحاسمة.

وتأمل حركتها في أن تحصل المعارضة على فرصة عبر ما تعتبره انتخابات مزورة في العام الماضي، بما يمهد الطريق للجيش الأميركي لتمكين مرشح المعارضة من تولي السلطة.

ويقول محللون عسكريون إن القوات المسلحة الفنزويلية في وضع ضعيف لاستقبال هجوم خارج البلاد، مع تعطل الكثير من معداتها بسبب نقص الصيانة وقطع الغيار.

وقال أحد المعارضين إن الجيش الفنزويلي لم يظهر قوته إلا في قمع المدنيين المعارضين، في إشارة إلى دوره في قمع المعارضة.

وعلى الرغم من ذلك، يقود مادورو نحو مليون عنصر من ميليشيات غير نظامية مدججة بالسلاح يمكنها مقاومة أي توغل أميركي.

وتشكل فنزويلا أكبر احتياطي نفطي مثبت في العالم، إضافة إلى كنوز من ذهب وماس وكولتان، وعلى الرغم من أنها كانت حليفة للولايات المتحدة قبل عقد من الزمن، دخلت في محور روسيا والصين وإيران بقيادة هوجو تشافيز، الضابط الذي قاد فوزاً اشتراكياً بوليفارياً من 1999 حتى وفاته في 2013.

وكان مادورو، سائق الحافلة السابق الذي تلقى تدريبه في كوبا، يمثل خليفته المختار وفق تقويم المعطيات الدولية، وتوجت المكافأة الأميركية التي رُصدت مقابل معلومات عنه بخمسين مليون دولار.

فنزويلا.. مهمة “لم تنته” لترمب

بالنسبة لترامب، الذي أعاد تركيز اهتمامه بالمنطقة منذ ولايته الثانية، تعد فنزويلا أولوية عالية، فلاتزال تعتبر كاراكاس مهمة عالقة بعد فشل محاولاته الأولية في فرض عقوبات قصوى والاعتراف بحكومة بديلة تقودها المعارضة.

قال رايان بيرج، رئيس برنامج الأميركتين في مركز الدراسات الاستراتيجية والدولية، إن المهمة تتطور لتصبح أقرب إلى محاولة انهيار النظام أو تغييره بشكل جذري.

وأضاف أنه يعتمد بشكل متزايد على هروب مادورو من كاراكاس وتطهير نحو 25 إلى 50 من كبار أتباع تشافيز من أتباع أيديولوجيا تشافيز.

ومع تزايد الضغط الأميركي، حاولت حكومة فنزويلا التفاوض، حتى عرضت تسليم السلطة من مادورو إلى نائبة الرئيس ديلسي رودريجيز، وعندما سُئل عن التنازلات التي قدمها مادورو قال ترامب: لقد قدم كل شيء، لأنه لا يريد العبث مع الولايات المتحدة.

وقالت مصادر مطلعة في واشنطن إن حكومة الولايات المتحدة تتخذ موقفاً أكثر تشدداً تجاه كاراكاس في الأشهر الأخيرة، مع وجود شخصيات مثل وزير الخارجية ماركو روبيو ورئيسة موظفي البيت الأبيض سوزي وايلز، بينما تم تهميش المبعوث الخاص ريتشارد جرينيل على الأقل حتى الآن.

وقال مسؤول سابق في إدارة ترامب إن الهدف هو إبقاء الناس في حالة توتر، وإن القرار النهائي ما زال قيد النقاش، مع أن الخطوات الفعلية لم تُتخذ بعد وفق قوله.

في الوقت نفسه، يواصل الأميركيون تصعيد الضغوط، فانتشرت صور لطائرات وسفن عسكرية تابعة للقوات الخاصة الأميركية على مواقع التواصل الاجتماعي، ما دفع بعض المحللين إلى اعتبار الأمر حرباً إعلامية لترويع دائرة تشافيز المقربة.

ورصد مدونون عسكريون ثلاث قاذفات من طراز B-52 تحلق قبالة سواحل فنزويلا، وتولت مجلة آرمي ريكيونيشن الدفاعية نشر صور لسفينة “شبح” تابعة للقوات الخاصة في البحر الكاريبي، كما ظهرت صور على وسائل التواصل لمت døّقين مدربين على مروحيات بلاك هوك وليتل بيرد قبالة سواحل فنزويلا.

ورد مادورو ودائرته بإطلاق تدريبات عسكرية وجولات حربية لحشد المعارضة بما يعتبرونه غزواً خارجياً مخططاً، لكن خلافهم هذا يعكس مخاوفهم من سلامتهم الشخصية وتداعيات أي مواجهة أوسع.

يحذر آخرون من احتمال انزلاق فنزويلا إلى حرب أهلية إذا أُسقطت الحكومة، كما حدث في ليبيا أو العراق بعد التدخل الأميركي، رغم أن من المعارضة من يستبعدون وجود فصائل دينية أو إثنية قد تشعل صراعاً داخلياً بنيوياً.

أياً كان التقييم، فإن الوقت يضغط، إذ يذكر مسؤولو الإدارة الأميركية السابقون أن القوات الأميركية لا يمكنها البقاء في حالة الاستعداد العالي إلى ما لا نهاية، خصوصاً مع موسم الأعاصير المستمر حتى نهاية نوفمبر، وهو ما يرفع احتمال حدوث حوادث أثناء الطوارئ الجوية والبحرية.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى