هيئة محلفين أمريكية تدرس دعوى مرفوعة ضد مصرف فرنسي بتهمة تمويل فظائع نظام البشير في السودان

في محاكمة بي إن بي باريبا في السودان
استمعت هيئة مكونة من ثمانية أعضاء إلى شهادات ثلاثة ناجين سودانيين، رجلين وامرأة، باتوا جميعاً مواطنين أميركيين، مؤكدين تعرضهم للتعذيب الجسدي والاعتداءات الجنسية والحرق والطعن على أيدي جنود سودانيين وميليشيات الجنجويد خلال نزاع دارفور ومناطق أخرى.
أدلت انتصار عثمان كاشر (41 عاماً) أمام المحكمة بقولها: “لم يعد لدي أقارب. لقد فقدت كل شيء”.
أوضح المحامي باري بيركي أن الضحايا كانوا سيتعرضون لنفس الانتهاكات حتى بدون وجود بنك بي إن بي باريبا، لكن البنك منح النظام قدرة مالية على تنفيذ جرائمه.
وصف المحامي بوبي ديتشيلو المصرف بأنه “دعم التطهير العرقي”، مضيفاً أن بي إن بي باريبا أنقذ وحمى ومول اقتصاد دكتاتور.
نفى فريق الدفاع عن المصرف أي علاقة مباشرة أو غير مباشرة بالانتهاكات، مؤكداً أن العمليات المصرفية في السودان كانت قانونية وفق المعايير الأوروبية، وأن البنك لم يكن على علم بوقوع جرائم ضد الإنسانية أو انتهاكات لحقوق الإنسان، وأن مؤسسات دولية مثل صندوق النقد الدولي كانت تقيم علاقات اقتصادية مع الحكومة السودانية في تلك الفترة.
قال محامي الدفاع داني جيمس إن الربط بين سلوك المصرف وما تعرض له المدعون غير قائم على دليل مباشر، مشدداً على أن التعاملات المصرفية كانت جزءاً من عمليات تمويل اعتيادية لتسهيل الاستيراد والتصدير ولا علاقة لها باستخدام الأموال في أغراض عسكرية أو قمعية.
تعود أنشطة بي إن بي باريبا في السودان إلى أواخر التسعينيات واستمرت حتى 2009، وبحسب الادعاء، فإن رسائل الاعتماد التي وفرها المصرف مكنت نظام البشير من تصدير سلع استراتيجية كالقطن والزيت، ما وفر له مليارات الدولارات استخدمت في تمويل عمليات القمع والانتهاكات.
وتقدر الأمم المتحدة أن الصراع في دارفور بين عامي 2002 و2008 أسفر عن مقتل نحو 300 ألف شخص ونزوح 2.5 مليون آخرين.
أُطيح بالرئيس السوداني السابق عمر البشير في أبريل 2019، وهو مطلوب أمام المحكمة الجنائية الدولية بتهم تشمل الإبادة الجماعية وجرائم حرب وجرائم ضد الإنسانية.
وتتوقع هيئة المحلفين إصدار قرارها خلال الأسابيع المقبلة. وإذا أُدين المصرف فستشكل هذه القضية سابقة قضائية هامة تحمل المؤسسات المالية العالمية مسؤولية قانونية وأخلاقية عن تمويل أنظمة ارتكبت جرائم جسيمة، حتى وإن كان ذلك بصورة غير مباشرة.
إطار دولي وتداعياته
طالبت المحكمة الجنائية الدولية السلطات السودانية بالكشف عن أماكن وجود البشير ومساعديه أحمد هارون وعبد الرحيم محمد حسين، واعتقالهم وتسليمهم إلى المحكمة.
أعلنت المحكمة الجنائية الدولية خطوات جادة لضمان تنفيذ أوامر الاعتقال وتسليم البشير ومساعديه، وتؤكد العمل على متابعة ملفهم بشكل مستمر.
قالت المحكمة الدولية أيضاً إن على السودان تسليم البشير ومساعديه، والكشف عن أماكن وجودهم، والقبض عليهم، وتسليمهم للمحكمة.
نقلت أنباء عن نقل عمر البشير إلى منشأة طبية خارج الخرطوم بسبب مضاعفات صحية، في حين أكد محامي البشير أن البشير نقل إلى منشأة طبية شمالي السودان لتلقي رعاية صحية أفضل.
إجراءات داخل السودان
فتحت النيابة العامة السودانية تحقيقاً في “الجرائم المرتكبة خلال النزاع المسلح في إقليم دارفور”، يستهدف مسؤولي نظام الرئيس المعزول عمر البشير الذي أُطيح به في أبريل الماضي.