اخبار سياسية

أسئلة ما بعد الحرب: سباق فلسطيني ودولي لرسم ملامح إدارة غزة

تشهد الاتصالات غير المعلنة مع غزة زخماً مع بدء تثبيت وقف هش لإطلاق النار وتبلور خطواته الأولى، وتُركّز الجهود على بلورة ترتيبات “اليوم التالي” في غزة، وأبرزها شكل الحكم المؤقت، والترتيبات الأمنية، وملف السلاح.

تُجرى هذه الاتصالات على وقع حراك دولي متسارع وخطط مطروحة أميركياً وأوروبياً وعربياً، بعضها يتطلب موافقات أممية وتمويلاً ضخماً، وبعضها يصطدم برفض حركة حماس واشتراطات إسرائيل.

ما الذي على الطاولة الآن؟

تتضمن المرحلة الثانية من الهدنة فتح المعابر، وتفعيل إدارة محلية للخدمات، والانطلاق في مسار إعادة الإعمار.

وتشير تقارير إلى ترقّب إعادة فتح معبر رفح قريباً، مع استمرار الخلاف حول الجهة التي ستدير جانبه الغزّي.

حكم تكنوقراطي تحت إشراف دولي

تشير الخطة الأميركية المطروحة إلى لجنة فلسطينية تكنوقراطية وغير سياسية تدير غزة بشكل انتقالي، وتُراقِبها هيئة دولية يُشار إليها بـ”مجلس السلام” Board of Peace، مع دور مقترح لرئيس الوزراء البريطاني السابق توني بلير.

وتقول السلطة الفلسطينية إنها مستعدة للتعاون مع هذا الجهد بشرط أن يفضي إلى دور محوري لها على الأرض، فيما تعارض حكومة إسرائيل عودتها إلى الحكم.

قوة تثبيت دولية بقرار من مجلس الأمن

وتعمل فرنسا وبريطانيا، بالتنسيق مع واشنطن، على مشروع قرار في مجلس الأمن يتيح نشر “قوة تثبيت” دولية مخوّلة، على غرار بعثات أُقرّت سابقاً، مع بحث مساهمات عربية وآسيوية، وتُصاغ الفكرة باعتبارها قوة مصادقة أممياً لا “قِبعات زرق” (قوات حفظ السلام التابعة للأمم المتحدة).

الشرطة الفلسطينية: تدريب وتسليم مضبوط

على المسار الشرطي، تُسجَّل مساعٍ لتوسيع تدريب وتجهيز الشرطة الفلسطينية بالتعاون مع مصر والأردن والاتحاد الأوروبي (بعثة EUPOL COPPS).

فيما أعلنت مصر إعداد المرحلة الثانية من الإعداد لمؤتمرٍ للإنعاش المبكر وإعادة الإعمار في نوفمبر، وأشارت إلى برامج تدريب شرطية بالتنسيق مع عمّان والدعم الأوروبي.

و(بعثة EUPOL COPPS) هي بعثة مدنية أوروبية أُسِّست عام 2006 لدعم وتطوير الشرطة الفلسطينية وسيادة القانون عبر المشورة والتدريب، ويمكن البناء عليها سريعاً لتوسعة التأهيل والرقابة خلال الفترة الانتقالية.

أين تقف حماس وفتح؟

موقف حماس من السلاح والأمن

قيادات في حماس أعلنت صراحة أنها لا تستطيع الالتزام بنزع السلاح الآن، وأنها تريد الاحتفاظ بدور أمني خلال المرحلة الانتقالية، مقابل الانفتاح على تهدئة طويلة وإدارة مدنية تكنوقراطية. وهو ما يضعها في مسار تصادمي مع مطلب إسرائيل بنزع كامل للسلاح ويعقّد المساعي الأميركية.

هل يمكن دمج أجهزة حماس؟

قبل الحرب قدّرت مصادر بحثية وأميركية أن لدى إدارة حماس في غزة عشرات الآلاف من العمال المدنيين وقوى الأمن الداخلي، وهذا الإرث الإداري–الأمني يجعل أي إقصاء كامل وصفةً لفراغ وفوضى.

ويطرح عملياً خياران: دمجٌ انتقائي وتدريجي بعد تدقيق وفحص أمني ومهني (Vet ting)، أو إحالة واسعة للتقاعد المبكر بصندوق تمويلي خاص، وهو خيار سبق للسلطة استخدامه مع موظفيها في غزة عام 2017.

السلطة الفلسطينية: جاهزون للدور

بينما تقول رام الله إنها مستعدة لتحمّل مسؤوليات تنفيذية في غزة ضمن ترتيبات متفق عليها، مع تأكيد أن الإصلاحات الداخلية يجب ألا تكون ذريعة لحرمان الفلسطينيين من مسار الدولة. وفي المقابل، تبدي فصائل رفضاً لأي وصاية أجنبية على غزة.

ملف المعابر والإعمار… المال السياسي وتحويله إلى فرص

خطة الإنعاش وإعادة الإعمار: عرض رئيس الوزراء الفلسطيني محمد مصطفى خطة من ثلاث مراحل تُقدَّر بنحو 67 مليار دولار على خمس سنوات، تبدأ بمرحلة سريعة لمدة 6 أشهر بتكلفة 3.5 مليار دولار، وتشتمل إزالة الركام، مساكن مؤقتة، إعادة الخدمات الأساسية، نقد مقابل عمل، دعم المشاريع الصغيرة، وتفعيل النظام المصرفي والمدارس والجامعات. كما أعلنت مصر استضافة مؤتمر القاهرة للإنعاش المبكر وإعمار غزة في نوفمبر لتعبئة التمويل.

لأن فتح المعابر وإطلاق برامج الإنعاش السريع سيحددان ما إذا كان وقف النار سيتحوّل إلى استقرار قابل للحياة أم سيبقى هدنةً هشّة تستنزفها الفراغات الأمنية والاقتصادية.

شخصيات عائدة وأدوار محتملة

ناصر القدوة يعود إلى الضفة… وإشارات إلى أدوار رقابية: عاد القيادي الفلسطيني ناصر القدوة إلى رام الله بعد غياب أربع سنوات، وأطلق أفكاراً لإدارة انتقالية في غزة وإصلاحات داخلية. ويطرح القدوة، القريب من إرث الرئيس الفلسطيني الراحل ياسر عرفات، دمج قوى الشرطة المحلية تدريجياً تحت سقف فلسطيني وبإشراف دولي محدود، وفقاً لمقابلة مع Reuters.

عقبات كبرى لا يمكن تجاهلها

السلاح: إصرار إسرائيل على نزع كامل للسلاح مقابل رفض حماس التعهد بذلك الآن. وتحتاج أي تسوية إلى برنامج DDR محكم زمنياً ومالياً، يقصد به نزع السلاح والتسريح وإعادة الدمج.

الأمن اليومي: من سيدير الأمن المدني فوراً؟ طرح قوة تثبيت دولية يحتاج تفويضاً أممياً ومساهمات بشرية ولوجستية؛ وبديل ذلك تسليم مضبوط لشرطة فلسطينية مدربة ومراقبة.

الشرعية الفلسطينية: قدرة السلطة على استعادة الثقة وفرض إصلاحات سريعة وشفافة شرطٌ لنجاح أي إدارة انتقالية.

المعابر والسيادة: من يشغّل رفح وبقية المعابر وكيف؟ النقاش لم يُحسم بعد.

التمويل وشروطه: مؤتمر القاهرة للإعمار سيكون اختباراً لمدى جاهزية المانحين للالتزام بخطة القيادة والهوية الفلسطينية.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى