من هي ماريا كورينا ماتشادو: سيرة ومسارها نحو جائزة نوبل للسلام

منحت اللجنة النرويجية لجائزة نوبل للسلام لعام 2025 جائزة نوبل للسلام إلى ماريا كورينا ماتشادو، زعيمة الحركة الديمقراطية في فنزويلا، ووصفتها بأنها بطلة السلام الشجاعة والملتزمة التي أبقت شعلة الديمقراطية مشتعلة في ظل ظلام متزايد.
وقالت اللجنة إن الجائزة تُمنح لها تقديرًا لعملها المستمر في تعزيز الحقوق الديمقراطية لشعب فنزويلا وكفاحها من أجل انتقال سلمي وعادل من الدكتاتورية إلى الديمقراطية، وهو وصف يصف ماتشادو بأنها جزء من مسار طويل من النضال المدني.
اعتبرت مفوضة الأمم المتحدة السامية لحقوق الإنسان أن هذا الاختيار يعكس تطلعات شعب فنزويلا لإجراء انتخابات حرة ونزيهة ولحقوق المدنية والسياسية وسيادة القانون.
من هي ماريا كورينا ماتشادو؟
ولدت ماتشادو في كاراكاس في 7 أكتوبر 1967 وهي مهندسة صناعية، وكان والدها رجل أعمال بارز في صناعة الصلب، وهو ما جعل جذورها مرتبطة بالطبقة الراقية وتعرضت لانتقادات من الحزب الاشتراكي الحاكم.
أصبحت زعيمة حزب المنصة الوحدوية الديمقراطية ودعت إلى إصلاحات اقتصادية ليبرالية تشمل خصخصة الشركات المملوكة للدولة، مثل الشركة الوطنية للنفط، وتدعم برامج رعاية اجتماعية تهدف إلى مساعدة الفقراء في البلاد.
ودفعها نشاطها السياسي ثمناً باهظاً، إذ عزل جميع مستشاريها الكبار تقريباً أو أُجبروا على مغادرة البلاد.
ورغم الانتقادات أحياناً من والدتها بسبب اعتدادها الزائد بنفسها، إلا أنها نادراً ما تتحدث عن نفسها وتصور حملتها كجهد جماعي من أجل الخلاص والوحدة، بهدف بث الأمل في قلوب الفنزويليين الذين يعانون من صعوبات اقتصادية واجتماعية.
وخاضت معارك شديدة في مواجهة الرئيس نيكولاس مادورو، الذي سعى للترشح ضدها، فُرض عليها منع من الترشح عدة مرات، فدفع الائتلاف الذي تقوده باختيار مرشحة بديلة ثم مرشح غير معروف.
اضطرت حركة المنصة الوحدوية الديمقراطية إلى الدفع بمرشح غير معروف بعد فشل ترشيح كورينا يوريس (80 عاماً) لمواجهة مادورو، وكانت يوريس قبل استبعادها الخطة البديلة للمعارضة حال عرقل ترشح ماتشادو نفسها.
بعد إجراء الانتخابات، بدأت ماتشادو معركة جديدة لرفض النتيجة من خلال قيادة تظاهرات داخل البلاد ودعوة المجتمع الدولي لرفضها وعدم الاعتراف بها.
فازت ماتشادو بغالبية ساحقة في الانتخابات التمهيدية للمعارضة التي أُجريت في أكتوبر 2023، بحصولها على 93% من الأصوات، لكن نحو ثلاثة أشهر منعتها المحكمة من تولي مناصب عامة لمدة 15 عامًا، بعد اتهامها بقضايا فساد ودعم العقوبات ضد البلاد، وهي تهم تعتبرها «ملفقة».
وفي 27 يناير 2024 قضت المحكمة العليا في فنزويلا بعدم أهلية ماتشادو للترشح في الانتخابات الرئاسية، وأيدت الحكم الصادر بمنعها من تولي مناصب عامة لمدة 15 عامًا، وأرجعت القرار إلى اتهامها بالضلوع في مؤامرة فساد دبرها خوان غوايدو.
واعترفت عشرات الدول بجوايدو الذي فر إلى المنفى بأنه الفائز الشرعي في انتخابات 2018، وتحدثت عن شبهات تزوير في تلك الانتخابات.
وقالت المحكمة في حيثيات حكمها إن المؤامرة التي دُبرَت مع غوايدو أدت إلى حصار على جمهورية فنزويلا، ومصادرة لشركات وثروات الشعب الفنزويلي في الخارج، بالتواطؤ مع حكومات فاسدة.
عقب الحكم أعربت وزارة الخارجية الأميركية عن قلقها إزاء تأييد المحكمة العليا لهذا الحكم، وأعلنت أنها ستراجع سياسة العقوبات على كاراكاس في ضوء التطور.
وردت ماتشادو على المنصة «إكس» بعبارة: «اختار مادورو ونظامه المجرم الطريق الأسوأ: انتخابات مزورة.. لن يحدث ذلك».
وفي 30 مارس دعت ماتشادو المجتمع الدولي إلى ممارسة مزيد من الضغوط على الرئيس مادورو للسماح للمرشحة كورينا يوريس بالمشاركة في الانتخابات الرئاسية التي جرت في 28 يوليو، وتقدمت بشكرها للولايات المتحدة وفرنسا وكولومبيا والبرازيل لإبداء القلق بشأن استبعاد يوريس، لكنها لم تشارك في الانتخابات.
بعد نحو أسبوع من إجراء الانتخابات، خرجت ماتشادو من مخبئها في 4 أغسطس 2024 لتقود احتجاجات حاشدة اعتُقل فيها نحو 2000 شخص، متحدية تهديد الحكومة باعتقالها، بعد أسبوع من إعلان النتائج وسط مظاهرات في جميع أنحاء البلاد.
بعد أسبوعين، نشرت مظاهرات مع حشود من أنصارها للمطالبة بالاعتراف بفوز المعارضة، فيما أعلنت لجنة الانتخابات استمرار فوز مادورو بفترة رئاسية ثالثة بحصوله على نحو 52% من الأصوات، بينما قالت المعارضة إن مرشحها إدوموندو جونزاليس فاز بنسبة 67%.
اعترف وزير الخارجية الأميركي السابق أنتوني بلينكن بفوز جونزاليس في الانتخابات، بعدما تواصل مع ماتشادو وجونزاليس، معربًا عن قلقه بشأن سلامتهما.
قالت ماتشادو في مؤتمر صحفي عبر الإنترنت إنها تقترح أن تفعل الولايات المتحدة أكثر، وتستخدم آليات دولية لمحاسبة من ينتهكون حقوق الإنسان.
قدم المجتمع الدولي مجموعة مقترحات لحل الأزمة، منها إجراء انتخابات جديدة، لكن رفضتها الجهة الحاكمة والمعارضة على حد سواء، وفق تعبيرها بلغة بسيطة وواضحة.