مفاوضات حماس وإسرائيل تبدأ يوم الإثنين وسط عقبات وفرص تتراوح بين النجاح الجزئي والكلي أو الانهيار

تبدأ المفاوضات غير المباشرة بين حركة حماس وإسرائيل في شرم الشيخ الاثنين بمشاركة ثلاث جهات وسيطة هي الإدارة الأميركية ومصر وقطر، في أجواء من التفاؤل الحذر بسبب عدد وحجم العقبات التي تواجهها.
وجاءت الدعوة لاستئناف المفاوضات المتوقفة منذ شهور بعد موافقة حركة حماس على خطة الرئيس الأميركي دونالد ترامب، وهي الخطة التي تقضي بأن تكون المرحلة الأولى من الصفقة على إطلاق سراح جميع المحتجزين الإسرائيليين الأحياء والأموات مقابل 250 أسيراً فلسطينياً محكوم عليهم بالسجن مدى الحياة و1700 أسير من قطاع غزة اعتقلوا أثناء الحرب دون أن تكون لهم علاقة بالهجوم في السابع من أكتوبر.
لكن الحركة وضعت موافقتها في إطار “يحقق وقف الحرب والانسحاب الكامل من القطاع”، ما يثير بعض الشكوك بشأن فرص نجاحها.
آليات ومعايير تنفيذية
تركز المفاوضات التي ستجري بحضور وفد أميركي رفيع حول آليات ومعايير تنفيذ الصفقة، وتقول مصادر في حركة حماس إن هذه الآليات تتضمن وقفاً تاماً لإطلاق النار وانسحاب الجيش الإسرائيلي إلى المواقع التي تواجد فيها قبل تطبيق الصفقة السابقة في يناير خارج التجمعات السكانية، وتوقف الطيران الحربي والطائرات المسيرة لمدة 10 ساعات يومياً و12 ساعة في أيام التبادل.
وتؤكد المصادر أن الحركة ستطالب بتطبيق هذه الإجراءات طيلة فترة المفاوضات التي قد تستغرق أسبوعاً وربما أكثر.
كما ستناقش المفاوضات معايير إطلاق سراح الأسرى الفلسطينيين، وتؤكد الحركة مبدأ الأقدمية والسن وفق تاريخ الاعتقال وبناء على العمر.
التحفظ الإسرائيلي
وكانت إسرائيل تحفظت في الصفقة السابقة على 50 أسيراً فلسطينياً بينهم قادة بارزون مثل مروان البرغوثي وأحمد سعدات وإبراهيم حامد وحسن سلامه وعباس السيد وغيرهم.
وقالت المصادر إن حماس ستطالب برفع التحفظ الإسرائيلي عن هذه القائمة، معتبرة أنها الفرصة الأخيرة لإطلاق سراحهم.
بحسب معيار الأقدمية فإن مروان البرغوثي يحتل الرقم 60 في قائمة الأسرى المحكوم عليهم بالسجن مدى الحياة، ما يؤهله للإفراج.
وأكدت المصادر أن المفاوضات ستشهد أزمة حادة في حال إصرار إسرائيل على التحفظ على أي من الأسرى.
ربط المراحل ودور السلطة الفلسطينية
ومن المتوقع أن تطالب حركة حماس بربط المرحلة الأولى من الصفقة بالمراحل التالية التي تتناول الحكم والأمن والسلاح والمعابر وإعادة الإعمار، بما يضمن استمرار وقف إطلاق النار أثناء المفاوضات التي قد تستغرق وقتاً طويلاً.
ويرى المراقبون أن نتائج التفاوض تعتمد إلى حد بعيد على تدخل الوفد الأميركي الذي من المتوقع أن يحاول إنجاح وإتمام خطة ترامب.
دخول السلطة الفلسطينية وموقف مصر
تطالب حركة حماس بإشراك السلطة الفلسطينية في المفاوضات المتعلقة بمصير قطاع غزة خاصـة الحكم.
وقالت مصادر إن مصر ستدعو إلى حوار وطني فلسطيني للتفاهم على ملفات الحكم والأمن والسلاح والمعابر.
تأهيل السلطة وخطة الحكم
ترفض إسرائيل السماح للسلطة الفلسطينية بالعودة إلى حكم قطاع غزة وتصر على تولي لجنة دولية لإدارة القطاع بذريعة التحريض من خلال المناهج التعليمية والأنظمة المالية التي تمنح الأسرى رواتباً شهرية متصاعدة بحسب فترة الاعتقال.
وطالبت جهات غربية الرئيس محمود عباس بإدخال إصلاحات جوهرية مالياً وإدارياً وتعليمياً وإعلامياً لتأهيل السلطة للعودة إلى الحكم بما في ذلك إجراء انتخابات عامة لا تشارك فيها القوى التي لا تعترف بالاتفاقات.
خريطة طريق عباس والتعبير عن الرؤية السياسية
وأعلن الرئيس عباس في بيان عن “خريطة طريق” للإصلاح والتطوير الشامل، يهدف إلى توسيع دائرة الاعتراف الدولي بدولة فلسطين والعضوية الكاملة بالأمم المتحدة وصولاً إلى إنهاء الاحتلال وتجسيد الدولة الفلسطينية المستقلة ذات السيادة على أرضنا وعاصمتها القدس الشرقية.
وأضاف البيان أنه سيجري انتخاب رئاسي وبرلماني خلال عام من تاريخ انتهاء الحرب، مع تعديل قانون الانتخابات وفرض حظر على من يخالف البرنامج السياسي والالتزامات الدولية لمنظمة التحرير الفلسطينية، وتنفيذ حل الدولتين ومبادرة السلام العربية وقرارات الشرعية الدولية، مع وجود قوة أمنية شرعية واحدة.
وأكد البيان أيضاً التزام الحكومة بتحديث المناهج التعليمية وفق معايير اليونسكو ونبذ العنف والتحريض في الإعلام والمناهج والمجال الثقافي، وإلغاء القوانين السابقة المتعلقة بمستحقات عائلات الأسرى والشهداء والجرحى وإحالة الحالات إلى برامج حماية ورعاية وفقاً للمعايير الدولية المعروفة.
وختم عباس بأن الشعب الفلسطيني يقف أمام مرحلة مهمة تتطلب من الجميع تحمّل المسؤوليات للحفاظ على المكتسبات والمضي قدماً نحو الحرية والاستقلال وتجسيد الدولة الفلسطينية المستقلة ذات السيادة وعاصمتها القدس الشرقية.
رسالة للداخل والخارج
يرى كثير من المسؤولين والمراقبين أن بيان عباس موجه إلى الخارج والداخل، وأن الخريطة تمثل جسراً أمام حركة حماس لاستجابة المطالب الدولية بإنهاء الحرب ورفع الحصار وإعادة الإعمار، وفي مقدمتها الابتعاد عن الحكم والتخلي عن السلاح.
وقال مسؤولون في السلطة إن التزام حماس بوحدة السلطة والمؤسسة والقانون والسلاح يشكل مدخلاً لإقناع الجهات الدولية القادرة على التأثير على إسرائيل بوقف الحرب، خاصة في ضوء الدعم الأميركي الغربي.
وأشار مسؤول رفيع في السلطة إلى أن نجاح المرحلة الأولى من الصفقة أو فشلها قد يترك إسرائيل قادرة على مواصلة الحصار ومنع إعادة الإعمار، ما لم تسلم حماس سلاحها إلى السلطة كخطوة إجبارية لوقف الحرب وفتح الطريق لإعادة البناء.