حرب روسيا وأوروبا: اندلاعها سيكلف العالم نحو 1.5 تريليون دولار خلال عام واحد

تتوقع بلومبرغ إيكونوميكس أربعة سيناريوهات للمواجهات الاقتصادية والسياسية بين روسيا وأوروبا خلال السنوات الخمس القادمة، من اندلاع الحرب إلى الوصول إلى تطبيع محتمل، مع استخدام نماذج لتقدير تأثير كل سيناريو على الناتج المحلي الإجمالي في الاقتصادات الكبرى وعلى العالم، مع مراعاة الصراع نفسه وصدمات سلاسل الإمداد وانقطاعات الطاقة وردود الأسواق. وفي أقوى هذه السيناريوهات قد يفقد العالم نحو 1.5 تريليون دولار من الناتج المحلي الإجمالي في السنة الأولى من الحرب إذا توسعت المعارك خارج كييف.
سيناريو حرب روسيا وأوروبا
تُظهر النماذج أن التوتر الأطلسي وتفوق روسيا في ساحة المعركة في أوكرانيا ورغبة واشنطن في إنهاء الحرب بسرعة قد يؤديان إلى اتفاق سلام يَرجّح كفة روسيا بشدة، لكنها في المقابل قد تدفع الولايات المتحدة إلى تقليل وجودها في الناتو وتواجه أوروبا صعوبة في توحيد الإنفاق الدفاعي. وتتصاعد الهجمات الروسية عبر شبكات إلكترونية وحملات تضليل وعمليات سرية في دول البلطيق، ما يدفع روسيا إلى توسيع تقدمها عسكرياً في المنطقة ليشمل هجمات على استونيا ولاتفيا وليتوانيا. وتتصاعد محاولات روسيا للسيطرة على بحر البلطيق وتشل حركة الشحن، فترد دول البلطيق وفرنسا وألمانيا والمملكة المتحدة دعماً عسكرياً ومالياً وتجنب الأطراف التصعيد النووي. وتؤكد النماذج أن التكلفة الاقتصادية تكون كبيرة، حيث يُتوقع تراجع الناتج المحلي الإجمالي في دول البلطيق بنحو 43% وتراجع روسيا بنحو 2.5%، وتراجع الاتحاد الأوروبي بنحو 3%، وتراجع المملكة المتحدة بنحو 1.7%، وتراجع الولايات المتحدة بنحو 0.7% وتراجع الصين بنحو 0.8%. كما يُتوقع أن ترتفع تكلفة الطاقة وتتعرض الأسواق المالية لتقلبات، ما يؤدي إلى انخفاض في الناتج العالمي بنحو 1.3% تقريباً (ما يقارب 1.5 تريليون دولار) في السنة الأولى، رغم احتمال تعويض جزئي عبر زيادة الإنفاق الدفاعي والدين العام.
سيناريو الحرب ضد مولدوفا
قد تختبر روسيا عزيمة الغرب عبر هجوم محتمل على مولدوفا، حيث توجد قوات روسية في منطقة ترانسنيستريا والانفتاح على استغلالها لتمديد نطاق الحرب. لكن جغرافية المنطقة تعني أن السيطرة على جنوب أوكرانيا ستكون شرطاً أساسياً للوصول إلى مولدوفا. في هذا السيناريو تعزز أوروبا الإنفاق الدفاعي وتقدم المساعدة دون تدخل مباشر، وتكون التداعيات الاقتصادية العالمية محدودة نسبياً، وتقدَّر بنحو انخفاض عالمي في الناتج المحلي الإجمالي بمقدار 0.4% في السنة الأولى.
سيناريو التطبيع
في سيناريو متفائل، يتوسط الأميركيون والأوروبيون مناخاً يسود فيه سلام دائم في أوكرانيا وتضغط الصين على موسكو للالتزام. يعود الحوار التجاري والاستثماري عبر الحدود إلى مستويات ما قبل 2021 تقريباً، وتُرفع كماً من العقوبات وتستأنف أوروبا مشترياتها من الطاقة الروسية. إذا حدث ذلك دفعة واحدة، يزداد الناتج المحلي الإجمالي لروسيا والاتحاد الأوروبي في السنة الأولى بنحو 0.5%، ويرتفع الناتج العالمي بنحو 0.3%، مع توزيع الفوائد بشكل تدريجي وغير متساو عبر الدول.
سيناريو استمرار الوضع الراهن
يميل السيناريو الأكثر احتمالاً إلى استمرار النزاع مع احتمال محدود لحدوث اختراق عسكري، بينما تظل التسوية التفاوضية الطريق الأقرب للمضي قدماً. تظل هناك خلافات بين أوكرانيا وروسيا حول شروط التسوية، وتؤجَّل جهود السلام من جانب موسكو عندما ترى أن التقدم في ساحات المعارك يخدم مصالحها. وتختلف الولايات المتحدة وأوروبا بشأن دفع روسيا إلى العودة إلى مفاوضات وتوفير الأمن لأي اتفاق، ما يجعل استمرار الصراع أو تجميده خياراً مؤثراً يتركز فيه الاستثمار العسكري والتمويل وموارد موسكو العسكرية على أوكرانيا، محقِقاً تأثيرات محدودة على التطبيع الكامل للعلاقات مع الغرب. في ظل هذه الصورة يبقى التفاؤل بشأن المسارات الإيجابية محدوداً، خصوصاً مع تعرض أوروبا لضربة اقتصادية نتيجة سياساتها القائمة على التجارة، ما يجعل التطبيع خطوة حذرة ومتدرجة في طريقه إلى الواقع.