صدمة في بريطانيا بعد إغلاق قضية تجسس ضد أحد أقوى شخصيات الصين

أثار قرار إسقاط قضية التجسس في البرلمان صدمة وخيبة أمل في صفوف المعارضة، فيما سلطت القضية الضوء على تساي تشي، خامس أعضاء اللجنة الدائمة للمكتب السياسي للحزب الشيوعي الصيني، وأحد أقوى الشخصيات في الصين، بحسب صحيفة الغارديان.
وكانت محكمة الادعاء العام البريطانية قد أشارت في أبريل 2024 إلى أن عضواً كبيراً في الحزب الشيوعي وعضواً في المكتب السياسي تلقى معلومات حساسة سياسياً من باحثين بريطانيين، هما كريستوفر بيري وكريستوفر كاش، كانا متهَمَين بالتجسس لصالح الصين.
وأوضحت الغارديان أن هذا الشخص هو تساي تشي، وهو عضو في اللجنة الدائمة المكونة من سبعة أشخاص، مما يجعله من أقوى الشخصيات في الصين، وهو كان سابقاً أمين الحزب في بكين، كما أنه مدير المكتب العام للحزب الشيوعي الصيني، ما يجعله بمثابة رئيس الموظفين الفعلي لشي جين بينج.
تساي، الذي يعتبر من تلاميذ شي جين بينج، كان خامس أعضاء اللجنة المكونة من سبعة، وفي أكتوبر 2022 ترقى إلى اللجنة الدائمة.
في الشهر الماضي، تخلت محكمة الادعاء العام البريطانية عن التهم الموجهة إلى كريستوفر بيري وكريستوفر كاش بسبب نقص الأدلة.
لكن تحديد هوية تساي في قضية الادعاء ظل جوهر الملحمة التي استمرت نحو عامين ونصف، يرى بعض أعضاء البرلمان أنها تكشف عن مخاطر عمليات الاستخبارات الصينية في البرلمان، بينما يقول خبراء الصين إنها تعكس نقص فهم المؤسسات البريطانية للسياسة الصينية.
وزعم الادعاء أن بين ديسمبر 2021 وفبراير 2023 قام عميل استخبارات صيني بتكليف بيري، الباحث البريطاني المقيم في الصين، بإعداد 34 تقريراً على الأقل، وكانت هذه التقارير تحتوي على معلومات من كاش، الذي كان يعرف بيري ويعمل في البرلمان لصالح مجموعة أبحاث الصين، وهي مجموعة من نواب المحافظين المعارضين للصين.
وقد اعتقد الادعاء أن المعلومات تمرَّت إلى تساي، الذي كان خلال تلك الفترة عضواً في المكتب السياسي المكون من 24 عضواً، وفي أكتوبر 2022 تمت ترقيته إلى اللجنة الدائمة.
وذكرت الغارديان أن كاش وبيري استمرا في التأكيد على براءتهما طوال الوقت، وفي 15 سبتمبر وبعد أكثر من عامين على اعتقالهما لأول مرة، قررت محكمة الادعاء العام إسقاط القضية.
ردود الفعل والتداعيات
وفي رسالة إلى وزير الداخلية في حكومة الظل البريطانية، قال مدير الادعاء العام ستيفن باركنسون إن الأدلة لم تعد تفي بالمعيار الإثباتي، وهو المعيار الذي يتطلب احتمالاً واقعياً للإدانة، وأضاف أن القرار اتُّخذ بعدما كان هناك دليل كافٍ عند اتخاذ إجراءات التهم، ونفى وجود ضغوط سياسية.
أعرب نواب من حزب العمال والمحافظين ومكتب رئاسة الوزراء عن صدمتهم وخيبة أملهم من قرار إسقاط القضية، حيث قال ليندساي هويل، رئيس مجلس العموم، إنه غير سعيد بالقرار ويفكر في اتخاذ إجراء خاص ضد كاش وبيري.
وخُصَّت رسائل من رؤساء لجنتي الشؤون الداخلية والعدل إلى باركنسون، يطالبون بمعلومات إضافية حول سبب إسقاط التهم، موضحين أن التفسير حتى الآن يفتقر إلى التفاصيل الملائمة لقضية كبيرة من هذا النوع.
أراء وتحليلات
قال كيري براون، مدير معهد الصين في كلية لندن الجامعية، إن القضية تثير أسئلة حول كيفية تقييم أجهزة الأمن البريطانية للمعلومات المتعلقة بالصين، معتبرًا أن نقص الفهم بشأن الصين يمثل أحد التحديات أمام الأمن القومي البريطاني وخطط النمو الاقتصادي.
وذكر محامي بيري، جون أرمسترونج، أن بيري لا يقبل أنه التقى بشخص من المستوى الذي أشارت إليه النيابة، وأن القضية تعبُر عن تكهنات، ولا يوجد دليل على أن بيري التقى بأي شخص مهم داخل الحزب الشيوعي الصيني، وأن المواد الموثقة ليست سرية.
أما ستيف تسانج، مدير معهد الصين في SOAS، فأكد أنه من المتوقع أن يكون لدى أعضاء اللجنة الدائمة للمكتب السياسي مهام أكثر جدية من الاستماع لما يقوله باحثون في «مجموعة أبحاث الصين»، وأشار إلى أن من غير المعتاد أن يكون لأعضاء المكتب السياسي اتصالات مباشرة بضباط استخبارات داخل الصين، معتبرًا أن محاكمة أي شخص له علاقة بمكتب سياسي صيني سيكون أمراً غير لائق، ويقترح أن يتعين على أجهزة الاستخبارات البريطانية تجنيدهم بدلاً من ذلك.
وذكر متحدث باسم مكتب الادعاء العام أن الأدلة قيدت المراجعة باستمرار، وأن المعايير الإثباتية للجريمة لم تعد مستوفاة، كما لم يرد تعليق من السفارة الصينية باستثناء وصف الاتهامات بأنها مفبركة ومضللة بشكل خبيث، في حين لم ترد جهة وزارة الإعلام الصينية، المسؤولة عن الاستفسارات الإعلامية للحكومة، على الطلب.