ثلاث سنوات من الركود: كيف تغيّر اقتصاد ألمانيا جراء تفجير خطّي السيل الشمالي للغاز؟

واجهت ألمانيا خلال السنوات الثلاث الماضية موجة حادة من ارتفاع أسعار الطاقة وتراجع النمو وارتفاع البطالة وإغلاق آلاف المنشآت الصناعية، إضافة إلى نقل بعض الشركات لعملياتها إلى خارج البلاد.
وبعد عامين من التراجع، قد يسجل الناتج المحلي الإجمالي الألماني نمواً شبه معدوم في 2025، وفق مركز أبحاث الاقتصاد الأوروبي (ZEW).
وتشير آخر استطلاعات المركز إلى توقعات الخبراء بنمو الناتج المحلي الإجمالي لألمانيا بنسبة 0.2% فقط في 2025، وهو التقدير نفسه الذي خلص إليه محللو معهدIFO للأبحاث الاقتصادية.
ووصف كلاوس فولراب، رئيس قسم الأبحاث في معهد إيفو، الوضع بأنه وفق التوقعات الحالية سيكون نمو الناتج المحلي الإجمالي في 2025 نحو 0.2%، مما يعني أن الاقتصاد سيكون في ركود فعلي هذا العام.
من جانبها أشارت وزيرة الاقتصاد والطاقة الألمانية كاترينا رايشه إلى الصعوبات الاقتصادية، موضحة في مقابلة مع صحيفة بيلد أن الناتج المحلي يعيش جموداً منذ 2019، مع وجود نحو 3 ملايين عاطل عن العمل وتزايد تكاليف الكهرباء وتوقف النمو في الأشهر الأخيرة.
تشير بيانات صندوق النقد الدولي إلى أن الناتج المحلي الألماني نما بنسبة 1% في 2019، ثم انخفض بشكل حاد بنسبة 4.1% في 2020 بسبب تبعات جائحة كورونا، وبعد التعافي في 2021 بنمو 3.7% تباطأ النمو في 2022 إلى 1.4%، ثم تحول إلى انكماش بنسبة 0.3% في 2023 و0.2% في 2024.
قالت ناتاليا ميلتشاكوفا، المحللة الأولى في Freedom Finance Global، إن الاقتصاد الألماني يتأثر بعدة عوامل متزامنة، منها التخلي عن مصادر الطاقة الروسية الرخيصة والمشكلات الهيكلية في منطقة اليورو وموجة التضخم التي حدّت من الطلب الاستهلاكي وشيخوخة السكان ونقص العمالة، مع الإشارة إلى وجود أعداد كبيرة من المهاجرين القادرين على العمل الذين يتلقون إعانات اجتماعية ولا يرغبون في البحث عن عمل دائم.
ويرى الخبير في الجامعة المالية والصندوق الوطني لأمن الطاقة، إيغور يوشكوف، أن التحدي الرئيسي للاقتصاد الألماني يتمثل في أزمة الطاقة المطولة، التي بدأت منذ منتصف 2021 مع ارتفاع أسعار الغاز في أوروبا، وأن الاتحاد الأوروبي اختار التخلي عن الوقود الأحفوري والتركيز على الطاقة الخضراء، وهو ما أدى إلى انخفاض الاستثمار في الفحم والنفط والغاز ثم ارتفاعات كبيرة في أسعار الطاقة في الاتحاد الأوروبي.
ومع ذلك لا يزال خبراء ألمان يتوقعون عودة الاقتصاد الألماني إلى المسار الإيجابي بنهاية المطاف، حيث يتوقعون نمواً قدره 1% في 2026 و1.4% في 2027، مع اعتراف بأن حل المشكلات الاقتصادية الأساسية في القريب ليس محتملاً.
ويخلص بعض الخبراء إلى أن الانتعاش الاقتصادي سيكون في المقام الأول نتيجة السياسات المالية التوسعية، خصوصاً زيادة الإنفاق الحكومي على الدفاع والبنية التحتية، ولكن سيكون الانتعاش أضعف من الدورات السابقة بسبب قيود هيكلية مثل ارتفاع تكاليف العمل والطاقة ونقص الكوادر المؤهلة وتراجع الطلب على الصادرات بسبب الرسوم الجمركية الأمريكية.