ثلاث سنوات من الركود: كيف تأثر اقتصاد ألمانيا بتفجير خطي السيل الشمالي للغاز؟

وضع الاقتصاد الألماني وتوقعات النمو حتى 2027
واجهت ألمانيا، أكبر اقتصاد في أوروبا، خلال السنوات الثلاث الماضية ارتفاعاً حاداً في أسعار الطاقة وتباطؤاً اقتصادياً وزيادة البطالة وإغلاق آلاف المنشآت الصناعية ونقل بعض العمليات إلى خارج البلاد.
وبعد عامين من التراجع، يتوقع مركز أبحاث الاقتصاد الأوروبي (ZEW) أن يسجل الناتج المحلي الإجمالي نمواً شبه معدوم في عام 2025.
وتشير أحدث استطلاعات المركز إلى توقعات بنمو الناتج المحلي الإجمالي بنسبة 0.2% هذا العام، وهو التقدير ذاته الذي توصل إليه معهد إيفو للأبحاث الاقتصادية.
وصف كلاوس فولراب، رئيس قسم الأبحاث في معهد إيفو، الوضع بأن النمو في 2025 سيكون 0.2% فقط، مما يعني دخول الاقتصاد في ركود فعلي هذا العام.
ومن جهتها أشارت وزيرة الاقتصاد والطاقة الألمانية كاترينا رايشه إلى الصعوبات الاقتصادية التي تمر بها البلاد، موضحة في مقابلة مع صحيفة بيلد أن الناتج المحلي الإجمالي يعيش جموداً منذ عام 2019، مع وجود 3 ملايين عاطل عن العمل، وارتفاع مستمر في تكاليف الكهرباء، وتوقف النمو في الأشهر الأخيرة.
وأكدت بيانات صندوق النقد الدولي أن الناتج المحلي الإجمالي الألماني نما بنسبة 1% في 2019، ثم انخفض بشكل حاد بنسبة 4.1% في 2020 بسبب تبعات جائحة كورونا، وعلى الرغم من التعافي في 2021 بنمو 3.7%، تباطأ النمو إلى 1.4% في 2022، ثم تحول إلى انكماش بنسبة 0.3% في 2023 و0.2% في 2024.
وقالت ناتاليا ميلتشاكوفا، المحللة الأولى في فريدوم فاينانس غلوبال، إن الاقتصاد الألماني يتأثر بتخلي أوروبا عن مصادر الطاقة الروسية الرخيصة، وبمشكلات هيكلية في منطقة اليورو، وموجة التضخم التي ضربت الطلب الاستهلاكي، وشيخوخة السكان ونقص العمالة، إضافة إلى وجود عدد كبير من المهاجرين القادرين على العمل ويتلقون إعانات اجتماعية ولا يبحثون عن عمل دائم.
ويرى إيغور يوشكوف، الخبير في الجامعة المالية والصندوق الوطني لأمن الطاقة، أن التحدي الرئيسي للاقتصاد الألماني هو أزمة الطاقة المطولة التي بدأت منتصف عام 2021 مع ارتفاع أسعار الغاز في أوروبا.
وذكر الخبير أن قيادة الاتحاد الأوروبي قررت في السابق التخلي عن استخدام الوقود الأحفوري والتركيز على تطوير الطاقة الخضراء، وهو ما أدى إلى انخفاض الاستثمار في صناعات الفحم والنفط والغاز، ثم ارتفاع حاد في أسعار الطاقة في الاتحاد الأوروبي.
ومع ذلك لا يزال خبراء ألمان يتوقعون عودة الاقتصاد إلى مسار إيجابي في نهاية المطاف، حيث يتوقعون أن ينمو الناتج المحلي الإجمالي لألمانيا بنسبة 1% في عام 2026، وبنسبة 1.4% في عام 2027، لكنهم يقرون بأنه من غير المرجح حل المشاكل الاقتصادية الأساسية في المستقبل القريب.
ويخلص بعض الخبراء إلى أن الانتعاش الاقتصادي سيكون في المقام الأول نتيجة السياسة المالية التوسعية، وخاصة زيادة الإنفاق الحكومي على الدفاع والبنية التحتية، ومع ذلك فسيكون الانتعاش أضعف مما كان عليه في الدورات السابقة بسبب القيود الهيكلية مثل ارتفاع تكاليف العمالة والطاقة، ونقص العمالة الماهرة، وانخفاض الطلب على الصادرات بسبب الرسوم الجمركية الأمريكية.