اخبار سياسية

إيران تدرس خيارات الرد على العقوبات الأممية.. وواشنطن تؤكد أن باب الدبلوماسية ما يزال مفتوحاً

فرض العقوبات الأممية وتداعياتها

فرضت الأمم المتحدة إعادة فرض العقوبات على إيران بدعم غربي، لتشمل حظر الأسلحة، ومنع تخصيب وإعادة معالجة اليورانيوم، وتقييد الأنشطة الخاصة بالصواريخ الباليستية، إضافةً إلى تجميد أصول مالية وحظر سفر لمجموعة من الكيانات والأفراد، وتُجيز للدول توقيف وتفتيش الشحنات القادمة من إيران عبر البر والبحر والجوا، بما فيها ناقلات النفط.

وتتعافى إيران من حرب دامت 12 يوماً مع إسرائيل في يونيو الماضي انتهت بضربات أميركية على منشآت نووية إيرانية، وتواجه طهران أزمة اقتصادية وتراجعاً في العملة وتضخماً مرتفعاً وفق تقارير اقتصادية محلية ودولية.

رد إيران وموقفها من آلية سناب باك

رفضت إيران تفعيل آلية سناب باك المنصوصة في اتفاق 2015 بسبب انسحاب الولايات المتحدة أحادياً من الاتفاق في 2018، واتهمت طرفي الترويكا الأوروبية بانتهاك التزاماتها وعدم جواز تفعيل الآلية. وأكد رئيسها أن العقوبات جائرة وغير قانونية، وأن اتخاذ قرار الرد سيكون محلياً بعد التشاور مع المسؤولين.

ودعت الخارجية الإيرانية سفراء فرنسا وبريطانيا وألمانيا إلى التشاور، بينما يناقش البرلمان رسالة من أعضائه تدعو إلى مراجعة سياسة البلاد المعلنة بعدم السعي لامتلاك أسلحة نووية. وترددت دعوات في جمهوريات عسكرية وآراء سياسية تدعو إلى خيارات أكثر تشددًا داخل البلاد، بما في ذلك مناقشة الانسحاب من معاهدة عدم انتشار الأسلحة النووية، وهو خيار رفضه بعض القادة الإيرانيين باعتباره غير مطروح كخيار عملي.

موقف الصين وروسيا وآثارهما

سعت روسيا والصين، حليفتا إيران، إلى تأجيل العقوبات ستة أشهر حتى أبريل 2026، لكن التصويت رفض الاقتراح. وتعتبر الدولتان آلية سناب باك غير شرعية، وإن كان من المرجح أن تخففا من آثارها عبر الاستمرار في التجارة مع إيران. قال وزير الخارجية الروسي إن إعادة تطبيق العقوبات قد تكون “خطأ فادحاً”، وتوجه برسالة إلى الأمين العام يحذر فيها من تداعيات الاعتراف بها.

وترتبط إيران والصين بعلاقات اقتصادية قوية، فبكين هي المستورد الرئيسي لنفط إيران وتشتري الخام بخصم يصل إلى عدة درجات. وذكر مسؤول نفطي إيراني في مقابلة أن العقوبات الجديدة لن توقف الصين عن شراء النفط الإيراني لكنها ستخلق عراقيل إضافية، وربما تطلب تخفيضات أكبر أو مضاعفة المخاوف من اعتراض ناقلات النفط في البحار.

ثلاثة شروط أوروبية وتباين المواقف

اتهمت الترويكا الأوروبية إيران بخرق الاتفاق من خلال رفع نسبة تخصيب اليورانيوم من 3.5% إلى ما يصل إلى 60%، وتكديس مخزون من اليورانيوم عالي التخصيب يصل إلى 400 كيلوجرام، إضافة إلى منع دخول المفتشين الدوليين بعد الضربات. وتصر إيران على أن برنامجها نووي سلمي وتبرر تسريع التخصيب بانسحاب الولايات المتحدة من الاتفاق في 2018، وتؤكد استعدادها للامتثال للضمانات الدولية وتعاونها مع الوكالة الدولية للذرة.

أوقفت الدول الأوروبية تجارتها مع إيران وفقاً لقرارات وقيود فرضها الغرب، وهو ما تعتبره طهران خرقاً للالتزامات، مع تأكيد إيران أنها لا تسعى لإنتاج سلاح نووي وتعبير مسؤولين عالين عن دهشتهم من رفض العالم تصديق ذلك.

قالت أوروبا إنها اشترطت لرفع العقوبات رغم الخلاف ثلاثة شروط: دخول مفتشي الوكالة الدولية للطاقة الذرية فوراً، الكشف عن مخزون اليورانيوم عالي التخصيب البالغة كميته 400 كيلوجرام، والبدء بمفاوضات نووية مباشرة مع الولايات المتحدة. وأبدى الرئيس الإيراني قناعته بأن إيران مستعدة للتعاون مع الأوروبيين لكن بشروطه، مع رفض واضح لأي تبادل شامل يفرض التخلي عن مخزون اليورانيوم مقابل تعليق جزئي للعقوبات.

خيار الدبلوماسية وخطة الترويكا الأوروبية

عرضت الترويكا الأوروبية تأجيلاً لإعادة فرض العقوبات لمدة تصل إلى ستة أشهر لإفساح المجال لمفاوضات حول اتفاق طويل الأجل، شرط السماح للمفتشين بالدخول والتعامل مع مخزون اليورانيوم والالتزام بمفاوضات مباشرة مع الولايات المتحدة. وفي بيان مشترك، شدد وزراء خارجية بريطانيا وفرنسا وألمانيا على أن إعادة فرض العقوبات ليست نهاية الدبلوماسية ويجب الالتزام بالضمانات الملزمة قانوناً.

وعبر العراقجي عن استعداد طهران للدبلوماسية والتوصل إلى حل عادل ومتوازن ومستدام، مؤكداً أن إيران مستعدة لحوار بناء مع الوكالة الدولية للطاقة الذرية ومع الأوروبيين بشأن مخزون اليورانيوم والمراقبة، لكن الولايات المتحدة اشترطت أن تُسلم إيران كامل مخزونها مقابل تعليق العقوبات لمدة ثلاثة أشهر وهو شرط وصفه المسؤول الإيراني بأنه غير معقول.

أما الولايات المتحدة فشددت على أن إعادة فرض القيود ترسل رسالة واضحة بأن العالم لن يقبل التهديدات أو الحلول الجزئية، وأن التوصل إلى اتفاق يظل خياراً قائمًا إذا وصلت إيران إلى تفاهم directe ونوايا جادة، مع رفض المماطلة والتضليل. ودعا الروّاب الأميركيون الشركاء إلى تطبيق عقوبات سناب باك فوراً في حال غياب اتفاق حقيقي يلتزم به الطرفان.

الأبعاد الاقتصادية والسياسية الداخلية في إيران

تظل إيران في مأزق اقتصادي وتراجع في العملة المحلية، ما يزيد من الضغوط الشعبية والسياسية داخل البلاد. وتظل مواقف القوى السياسية الإيرانية متباينة بين مؤيد للدبلوماسية وتعاون دولي ومؤيد لتشدد أكبر، وهو ما ينعكس في نقاشات البرلمان والتظاهرات الإعلامية والخطب العامة، بينما يظل الهدف الرئيسي للحكومة الحفاظ على المصالح الاستراتيجية وتجنب ضربة جديدة للقدرات النووية.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى