اقتصاد

رؤية مصر 2030: كيف يبدو مستقبل الاقتصاد بعد برنامج صندوق النقد الدولي؟

رؤية مصر 2030 وخطة ما بعد صندوق النقد

أعلنت الحكومة المصرية عن رؤية اقتصادية حتى 2030 تركز على تعزيز النمو وتوسيع دور القطاع الخاص، وتواكب إعلانها عدم المضي في برنامج جديد مع صندوق النقد الدولي بعد انتهاء الاتفاق الحالي في أواخر 2026. وتوضح الرؤية خريطة طريق لما بعد الصندوق وتستلهم التعاون الطويل مع الصندوق الذي بدأ منذ 1962، مع توجيه الجهود نحو الاستقرار الاقتصادي وتوسيع قاعدة الاستثمار وتوفير وظائف وفرص عمل.

محطات برنامج صندوق النقد

شهدت علاقة مصر بالصندوق محطات بارزة خلال العقد الأخير، أبرزها برنامج 2016 بقيمة 12 مليار دولار على ست شرائح، شمل تحرير سعر الجنيه وخفض الدعم. وفي 2020 قدم الصندوق تمويلاً عاجلاً قدره 2.77 مليار دولار لمواجهة آثار جائحة كورونا. ومع تفاقم الأزمة وندرة العملة الأجنبية، وقعت مصر في ديسمبر 2022 اتفاقاً جديداً بقيمة 3 مليارات دولار، وتوسع إلى 8 مليارات دولار في مارس 2024. حتى منتصف 2025، حصلت القاهرة على نحو 6.16 مليار دولار من إجمالي القرض، ضمن شرائح منها 820 مليوناً في مارس ويوليو 2024 و1.2 مليار في مارس 2025. ورغم تأخر بعض الإصلاحات، رصد الصندوق تحسناً في ضبط التضخم والاحتياطيات وتحسن الاستقرار الاقتصادي.

انتقادات صندوق النقد

يعترف الصندوق بالتقدم في الاستقرار لكنه يصف تنفيذ البرنامج بالمتفاوت، مع بطء تعميق المنافسة وتكافؤ الفرص وتحسين تدفق البيانات. أشار تقريره في مارس 2024 إلى عدم الالتزام بثمانية شروط ورصد ارتفاعاً في الاعتماد على أدوات الدين والقروض بالعملة الأجنبية من البنوك للمؤسسات الحكومية بنحو 8 مليارات دولار، ما يثير مخاطر ائتمانية.

في المقابل تواجه الحكومة صعوبة في مواصلة الوتيرة المطلوبة، كما عبر الرئيس عن ضرورة مراجعة الاتفاق إذا أصبحت الضغوط المالية لا تُطاق.

تحسن الاقتصاد المصري

واصل معدل التضخم الهبوط للشهر الثالث على التوالي في أغسطس، مع انخفاض أسعار بعض الأغذية، وتم خفض أسعار الفائدة بنحو 200 نقطة أساس، كما ارتفع الجنيه 2.2% منذ نهاية يونيو. يبقى العائد الحقيقي على الأصول المصرية من بين الأعلى في الأسواق الناشئة.

وأشاد المسؤولون الدوليون بإصلاحات مصر الكبيرة، مؤكدين أن الاقتصاد نجح في تجاوز صدمات سابقة وحقق نمواً قوياً في السنوات الأخيرة.

قلّ عجز الحساب الجاري إلى نحو 5% من الناتج في الربع الأول 2025 مقابل 6.5% في الربع الثالث 2024، مع تحسن التحويلات الخارجية وعائدات السياحة، ما دعّم بناء الاحتياطيات النقدية بنحو 14 مليار دولار منذ نهاية 2023.

ما بعد برنامج صندوق النقد

وقف التعاطي مع برامج الصندوق يعني فقدان تمويل ميسر وشهادة موثوقية تسهل الوصول إلى الأسواق ومؤسسات التنمية، ما قد يدفع إلى زيادة الاعتماد على التمويل المحلي وارتفاع تكلفة خدمة الدين، إذ من المتوقع أن يصل الدين الخارجي إلى نحو 202 مليار دولار بحلول يونيو 2030 من 162.7 مليار في يونيو 2025 وفق صندوق النقد.

من دون مراجعات الصندوق قد تنحسر ثقة المستثمرين وتتباطؤ تدفقات الاستثمار على الأسهم والسندات، ما يوسع فجوة التمويل إذا لم يعوض ذلك بزيادة الصادرات وتدفقات الاستثمار الأجنبي المباشر وتوسيع القاعدة الضريبية. وفي المقابل يوفر التوقف مرونة أكبر في توقيت إصلاحات الدعم وتسعير الخدمات، شريطة الحفاظ على استدامة المالية العامة.

التحرر من قيود الصندوق

يمكن لمصر التحرر من قيود صندوق النقد بعد انتهاء البرنامج، خاصة المتعلقة بتعزيز مرونة أسعار الصرف ورفع الدعم وتخفيف متطلبات الإفصاح الدوري، إضافة إلى تقليل المطالب المرتبطة بالمراجعات. لكن مغادرة هذا الإطار تستلزم بدائل واضحة للتمويل وضبط الدين.

أهداف المرحلة المقبلة وفق جهاد أزعور

أوضح جهاد أزعور أن المرحلة المقبلة ستسعى إلى خفض نسبة الدين الخارجي إلى الناتج المحلي الإجمالي من نحو 46% إلى نحو 34%، بدعم من نمو أقوى وفائض أولي مستهدف 4% في 2025/2026.

إطار “رؤية مصر 2030”

أطلقت حكومة مدبولي السردية الوطنية للتنمية الاقتصادية: السياسات الخاصة بالنمو والتشغيل كإطار متكامل مع رؤية مصر 2030، وأكدت وزيرة التخطيط أن السردية تركز على القطاعات العالية الإنتاجية مثل الصناعة والزراعة والسياحة والطاقة والاتصالات بهدف تعزيز التنافسية ودعم دور القطاع الخاص.

ترتكز الخطة على ثلاثة محاور رئيسية هي استقرار الاقتصاد الكلي وتحسين بيئة الأعمال ودعم الانتقال الأخضر، وتهدف إلى زيادة الصادرات وتوظيف الاستثمار الأجنبي وتوفير وظائف إضافية، كما تؤكد إعادة تعريف دور الدولة من خلال التخارج من الأنشطة غير الاستراتيجية وطرح الأصول العامة.

وأوضحت وزيرة التخطيط أن السردية ليست بديلاً عن الاستراتيجيات الوطنية، بل إطاراً تكاملياً مدعوماً بقوانين التخطيط والمالية ويعتمد على نهج مرن يتيح التكيف مع الأزمات العالمية وبناء اقتصاد قادر على امتصاص الصدمات وتحقيق التنمية المستدامة بثلاثة أبعاد.

قطاعات مستهدفة

باشرت الحكومة في 2023 وضع مسار لقطاعات الزراعة والصناعة والطاقة والنقل والاتصالات والسياحة كقطاعات إصلاح وتنمية أساسية.

في الزراعة، يهدف البرنامج إلى زيادة الرقعة الزراعية إلى 12 مليون فدان بحلول 2030، وتحقيق الاكتفاء الذاتي من القمح بنسبة 70%، وتصدير منتجات بقيمة 14 مليار دولار.

في الصناعة، يهدف إلى رفع مساهمة الصناعات التحويلية إلى 20% من الناتج المحلي، وإنشاء 32 مجمعاً صناعياً، ونمو الصادرات الصناعية بمعدل 20% سنوياً.

في السياحة، يستهدف الوصول إلى 30 مليون سائح، وإيرادات قدرها 45 مليار دولار، وتوفير 500 ألف غرفة فندقية.

في النقل يستهدف استثماراً بقيمة 1.5 تريليون جنيه لإنشاء شبكة طرق بنسبة 50% وإتمام مشروع القطار الكهربائي السريع.

في الكهرباء، ستصل حصة الطاقة المتجددة إلى 42% من الاستهلاك عبر استثمارات قدرها 83 مليار دولار.

في الاتصالات يسعى لتضاعف صادرات نشاط التعهيد إلى 13 مليار دولار وزيادة أعداد محطات المحمول إلى 45 ألف.

في الطاقة والبترول والتعدين يهدف إلى مضاعفة صادرات الغاز والنفط إلى 36 مليار دولار، وزيادة مساهمة التعدين إلى 5% من الناتج وخفض الانبعاثات في القطاع بنسبة 65%.

جدير بالذكر أن وزارة السياحة أعلنت ارتفاع أعداد السائحين بنحو 24% في النصف الأول من العام الحالي نتيجة الحملات الترويجية وتطوير البنية التحتية والخدمات.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى