المحكمة العليا تجيز لترامب حجب 4 مليارات دولار من المساعدات الخارجية

سمحت المحكمة العليا الأميركية، الجمعة، للرئيس دونالد ترمب بتجميد 4 مليارات دولار من مدفوعات المساعدات الخارجية، ما منح البيت الأبيض انتصاراً كبيراً في سعيه المستمر منذ أشهر لاسترداد المخصصات التي وافق الكونجرس العام الماضي على إنفاقها، بحسب تقرير شبكة سي إن إن.
وذكر التقرير أن المبلغ المجمد يشمل 4 مليارات دولار من المساعدات الخارجية، بما في ذلك برامج الصحة العالمية ومكافحة فيروس نقص المناعة البشرية، التي كان الكونجرس قد خصصها، إلا أن ترمب اعتبرها «تبذيراً»، وهو يخوض معركة على جبهتين هما الدفاع عن التخفيضات أمام المحكمة الفيدرالية، والسعي لإلغائها عبر الكونجرس.
وتمنح هذه الخطة القرار فعلياً البيت الأبيض خارطة طريق لإلغاء المزيد من الأموال التي أقرّها الكونجرس مستقبلاً.
وتأتي هذه التطورات في وقت يوشك فيه الكونجرس على بلوغ الموعد النهائي للتمويل الحكومي، وإلا فإنه مخاطر بإغلاق الوكالات الفيدرالية.
عارضت القرار القاضيات الليبراليات الثلاث في المحكمة: إيلينا كاجان، وسونيا سوتومايور، وكيتانجي براون جاكسون.
وفي بيان موجز يشرح القرار، قالت المحكمة إن «حجة إدارة ترمب بأن أمر المحكمة الأدنى الذي يتطلب إنفاق الأموال قد يؤثر على سلوكها في الشؤون الخارجية، يبدو أنه يفوق الضرر المحتمل للمجموعات غير الربحية التي تأمل في المنافسة على تلك الأموال».
وأثارت هذه القضية تدقيقاً متزايداً هذا العام، إذ انحاز القضاة مراراً وتكراراً إلى جانب ترمب في بعض الأحيان دون تفسير يذكر.
وكتبت القاضية كاجان: «اضطررنا لدراسة هذا الطلب على عجل في أقل من 3 أسابيع، لقد فعلنا ذلك بإحاطة موجزة، ودون مناقشة شفوية، ودون فرصة للتداول».
وركّزت إدارة ترمب على برامج المساعدات الخارجية التي اعتبرتها تتعارض مع «القيم الأميركية».
ومن شأن هذه التخفيضات أن تقلّص أو تلغي برامج التأمين الجزئي المُقدّمة لصغار المزارعين في كولومبيا للتعافي من الكوارث المناخية، وبناء «القدرة على الصمود في وجه تغير المناخ في هندوراس».
دعوى قضائية ومسار القضية
وفي فبراير الماضي، رفعت المنظمات غير الربحية التي تتلقى تمويل المساعدات الخارجية، بما في ذلك العديد من المنظمات التي تعمل في مجال الصحة العالمية، دعوى قضائية ضد الإدارة، مدعية أن التخفيضات كانت «ممارسة غير دستورية للسلطة التنفيذية أدت إلى خلق حالة من الفوضى في جهود المساعدات الخارجية الأميركية».
وأشارت تلك المجموعات إلى برامج أخرى قد تتأثر، مثل الجهود المبذولة لمساعدة ضحايا التعذيب.
وقال سكوت روهم، مدير السياسات العالمية بمركز ضحايا التعذيب، أحد المدعين في القضية: «إن تفكيك هذا البرنامج يُعاقب الناجين من التعذيب؛ الأشخاص الذين يعانون من ندوب جسدية ونفسية عميقة يُخلفها مُمارسو التعذيب». وأضاف: «إن الإدارة تتخلى عن ضحايا التعذيب لخدمة أجندة سياسية مكشوفة، لا أكثر».
ظلت قضية المساعدات الخارجية الطارئة عالقة في المحاكم الفيدرالية لأشهر، ورغم تعقيدها إلا أنها تثير تساؤلات جوهرية بشأن سلطة الرئيس في تجميد الأموال التي أقرها الكونجرس.
وتداخلت هذه القضية بشكل متزايد مع مفاوضات الميزانية في الكونجرس، وجهود ترمب لإلغاء الإنفاق من خلال ما يُعرف بـ«الإلغاء الجزئي».
ويُلزم القانون الفيدرالي الإدارة بإخطار الكونجرس إذا كانت تنوي «إلغاء» التمويل المعتمد، ويُمنح المشرّعون بعد ذلك مهلة 45 يوماً للنظر في هذا الطلب، إذ عادة إذا لم يُقرّ الكونجرس التخفيض خلال 45 يوماً، يجب إنفاق الأموال.
وفي هذه الحالة، أرسل ترمب الإشعار خلال 45 يوماً من نهاية السنة المالية، أي في 30 سبتمبر. بعدها تنتهي صلاحية موافقات التمويل، بمعنى آخر، يسعى البيت الأبيض عملياً إلى استنزاف الوقت، معتمداً على عدم تحرك الكونجرس قبل نهاية السنة المالية.
وأصدر القاضي الأميركي أمير علي حكماً لصالح هذه المجموعات، وكتب أن مساعي ترمب «تنتزع من الكونجرس السلطة الحصرية لتحديد ما إذا كان ينبغي إنفاق الأموال أصلاً». وبعد أن طالب القاضي أمير علي مجدداً بإنفاق الأموال، سارعت إدارة ترمب إلى المحكمة العليا بطلب استئناف عاجل.
وأبلغت المحكمة العليا أنها تنوي إنفاق 6.5 مليار دولار من المساعدات الخارجية محل النزاع بحلول 30 سبتمبر، لكنها تريد من القضاة السماح لها بحجب 4 مليارات دولار أخرى.
وقال المحامي العام الأميركي جون ساور للمحكمة: «من الصعب على الرئيس أن يتحدث بصوت واحد في الشؤون الخارجية أو في التعامل مع الكونجرس عندما تجبر المحكمة الجزئية السلطة التنفيذية على الدعوة ضد أهدافها الخاصة».
وأوقف رئيس المحكمة العليا جون روبرتس تنفيذ أمر القاضي أمير علي مؤقتاً، ما منح القضاة مزيداً من الوقت لمراجعة الإحاطة في القضية.
وفي أواخر أغسطس الماضي، أبلغ ترمب الكونجرس بنيته استعادة تلك الأموال عبر «إلغاء جزئي»، ثم جادلت الإدارة بأنه «لا ينبغي للمحاكم التدخل بينما تُناقش السلطتان التنفيذية والتشريعية مقترحاً لإلغاء جزئي».