اقتصاد

قراءة إسرائيلية في أسباب انهيار صديق رئيس الوزراء نتنياهو

تفاوضت الأرجنتين مع الولايات المتحدة بشأن إقامة قاعدة عسكرية مقابل دعم مالي.

وأشار مقال الصحفي أورييل داسكال إلى أن ميلي كان يُوصف بأنه “الأمل الأبيض” لطبقة معينة تقود في الأغلب القرارات الاقتصادية، حيث احتفل المحللون خلال أغسطس بنجاحه في الشأن الاقتصادي. كما أوضح المقال أن عدداً من المحللين الإسرائيليين، مثل ران باراتس، قالوا إن ميلي اقتصادياً عميق وجدي وأنقذ بلاده من أزمة خطيرة، مع إشادات من بعض الخبراء الذين حذروا منه سابقاً.

وذكر أن هذا الطرح ليس محصوراً في الأرجنتين فحسب، بل في إسرائيل أيضاً، حيث أُشير إلى أن ميلي أنقذ بلاده من أزمة، بينما جلبت تغطية إعلامية إيجابية له سخطاً عند آخرين لم يعجبهم أسلوبه.

وبحسب التقرير المنشور في 25 أغسطس، فإن الولايات المتحدة أنقذت اقتصاد الأرجنتين فعلياً واشترت سندات حكومية بقيمة مليار دولار من أموال دافعي الضرائب الأميركيين، في خطوة توصف بأنها دعم سياسي لميلي في مواجهة الأزمة الاقتصادية التي تعمقت بعد انخفاض قيمة البيزو.

وذكر أن العملة الوطنية الأرجنتينية انهارت تدريجياً، ورغم أن البنك المركزي أنفق مليار دولار من المال العام في محاولة لتدارك الوضع، كان الرد الأميركي منسوباً إلى دعم سياسي لميلي بالشكل الذي يحميه خارجياً.

ويرى المقال أن المستثمرين فرّوا من الأرجنتين بسبب سياسات ميلي، بينما كانت الولايات المتحدة تقود مساراً يعزز من بقائه في المشهد السياسي، في حين ألغت إدارة ترامب، وفق ما ورد، جزءاً من التزاماتها الاقتصادية تجاه دول أخرى، ما يجعل من هذه الأزمة كفّة مزدوجة بين إصلاحات داخلية وخطط خارجية داعمة لميلي.

رأى المقال ظاهرياً أن ميلي بدأ بإجراء إصلاحات كبيرة وتطبيق سياسة تقشف طويلة، وقام بتبسيط القوانين الضريبية وتخفيض الإنفاق الحكومي، واستقطب بعض المستثمرين الذين راضوا عن نهجه المالي، لكن الفرق بين ما يحبه المستثمرون وما يحتاجه الشعب كان واضحاً، مع وجود معارضة قوية داخل الكونغرس حالت دون تمرير ميزانيات وخطط تقشف كان يأمل فيها.

كما أشار إلى محاولاته خفض ميزانيات الجامعات بنسبة تصل إلى 40% باعتبارها “تطلعات يسارية-اشتراكية”، واتهامه بتركيز المساعي على كبح الإنفاق الصحي لكنه فشل في بعض الجبهات، ما زاد من الاحتجاجات والمظاهرات خارج البرلمان وقلّص فرص تمرير إجراءات الميزانية.

وفي داخلي الأرجنتين، فاز أكسل كيسيلوف، السياسي اليهودي اليساري، في مقاطعة بوينس آيرس الكبرى حين واجه ميلي في الانتخابات، وحقق فوزاً كاسحاً؛ وتُعد كيسيلوف اليوم أحد أبرز المرشحين المحتملين للرئاسة في 2027. وبالرغم من التغطية الإعلامية الإيجابية خارج الأرجنتين، ظل ميلي يحظى بنقد واسع داخل البلاد لعدم قدرته على تقديم حلول واقعية تلبي احتياجات الشعب وتشاطر معاناة السكان.

وأشار المقال إلى أن ميلي، رغم وعوده بمحاربة الفساد وتقليل الإنفاق الحكومي وتطهير صنع القرار من المصالح الأجنبية واليسارية والبيرونية والكرشنرية، اكتشف لاحقاً أن أخته كارينا، التي كانت تدير حملته ومكتبه، متهمة بالاستفادة من رشوة في مؤسسة تعنى بذوي الاحتياجات الخاصة في البلاد. وتفيد التسجيلات بأن كارينا قد حصلت على نسبة قد تصل إلى 3% من قيمة كل اتفاق وقعته الدولة مع شركات الأدوية لتوفير أدوية للمعاقين، مع تقديرات بأن أرباحها الشهرية قد تتراوح بين نصف مليون و800 ألف دولار بحسب المصادر المنشورة.

وصف داسكال الحالة بأنها تهاون في مكافحة الفساد حينئذ، معتبراً أن الفساد نفسه يبدو كأكبر عائق أمام تطبيق نموذج “الرأسمالية الفوضوية” الذي تروجه السلطة. وذكر أن ميلي نفى تورط أخته، لكن التقديرات تبقى أن شبهة الربح من الصفقات أثّرت بشكل حاد في مصداقيته ومصداقية خطته لتقليل الإنفاق وتقويم آلية صنع القرار، وهو ما أضعف جانباً من قضيته في محاربة الفساد ويترك الباب مفتوحاً أمام جدل واسع.

وبخصوص المستقبل: لا أحد يعلم بالضبط ما سيحدث في الأرجنتين، لكن المعروض يؤكد أن البلاد بحاجة إلى عملية تطهير واسعة من الفساد قبل بناء اقتصاد متمكن ومستدام، ويستلزم ذلك فريقاً جاداً ومبدئياً يفهم الأنظمة المعقدة والعمليات الكبيرة، بعيداً عن نجوم وسائل التواصل الاجتماعي التي لا تحمل خطة مؤسسية واضحة.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى