جهود دولية مكثفة لإيقاف حرب غزة.. بارقة أمل في نهاية النفق

تشهد الأيام الأخيرة حراكاً دولياً مكثفاً ضمن مساعي إنهاء الحرب الإسرائيلية على غزة، وتظهر ملامح مستقبل القطاع من خلال مقترحات جديدة وإعادة طرح خطط سابقة تزامناً مع انعقاد الجمعية العامة للأمم المتحدة في نيويورك، حيث يتفق الجميع على إيجاد حل مستدام للأزمة المتصاعدة منذ 7 أكتوبر 2023، رغم اختلاف التفاصيل والإجراءات بين المبادرات المختلفة.
انعقاد الجمعية العامة وتوافقات عامة على حل الدولتين
وتتوارد إشارات إلى اتفاقات بين الدول حول ضرورة بناء إطار ينهـي الحرب ويؤسس لحل الدولتين، مع اختلاف في الإجراءات التنفيذية وآليات الضمانات الدولية، بينما تُطرح خطط جديدة وتُعاد استعادة مبادرات سابقة بهدف وضع مسار واضح للسلام واستعادة الحياة الطبيعية في غزة والضفة.
لقاء قادة عرب وإسلاميين حول الوضع الإنساني والسياسي
عقد اجتماع شارك فيه قادة وممثلون من ثماني دول عربية وإسلامية، هم الرئيس التركي رجب طيب أردوغان، وملك الأردن عبد الله الثاني، وأمير قطر تميم بن حمد، والرئيس الإندونيسي برابوو سوبيانتو، ورئيسا وزراء باكستان ومصر شهباز شريف ومصطفى مدبولي، إلى جانب وزير الخارجية السعودي فيصل بن فرحان ووزير الخارجية الإماراتي عبد الله بن زايد، وجرى التركيز على إمكانية وضع حد للحرب وتوفير ضمانات أمنية لكلا الجانبين وتدعيم العمل الدولي لإعادة إعمار غزة وبناء آليات للحكم بعد إنهاء الحرب.
إعلان نيويورك والاعتراف بدولة فلسطين
برعاية سعودية وفرنسية، تم عقد مؤتمر دولي في نيويورك وتبنّت الجمعية العامة إعلان نيويورك الذي يحث على خطوات ملموسة نحو حل الدولتين ويؤكد الالتزام الدولي الثابت بهذا الحل، كما أيد الإعلان إثبات الاعتراف بدولة فلسطين وصدرت إشارات عن قبول دول عديدة هذا الاعتراف، بينما تشارك دول كبرى في الدعوة إلى تنفيذ مسار عملي يحافظ على الحقوق الفلسطينية والإسرائيلية ويضمن استقرار المنطقة.
خطة ترامب لإنهاء الحرب وتداعياتها
قدم ترامب ومبعوثه إلى الشرق الأوسط خطة من 21 نقطة خلال اجتماع في نيويورك مع قادة وممثلي الدول العربية والإسلامية تهدف إلى إنهاء الحرب، وذلك في ظلال تقارير تؤكد وجود خمسة شروط عربية لدعم الخطة، وتُبرز الخطة مبادئ تتضمن الإفراج عن المحتجزين الإسرائيليين، وقفاً دائماً لإطلاق النار، انسحاباً تدريجياً من غزة، وخطة لمرحلة ما بعد الحرب تقيم آلية حكم جديدة في غزة دون مشاركة حماس وتشكيل قوة أمنية تضم فلسطينيين وعناصر من دول عربية وإسلامية، إضافة إلى تمويل عربي وإسلامي للإدارة الجديدة وإعادة الإعمار مع مشاركة محدودة للسلطة الفلسطينية.
شروط عربية على خطة ترامب
حدد القادة العرب أن تتمم الخطة منع إسرائيل من ضم أي جزء من الضفة الغربية أو غزة، وعدم الاحتلال أو إقامة مستوطنات في القطاع، كما يجب وقف الممارسات التي تقوّض الوضع القائم في المسجد الأقصى وزيادة عاجلة للمساعدات الإنسانية الموجهة إلى غزة.
الخطة العربية لمستقبل غزة
اتفق قادة عرب وإسلاميين خلال اجتماعهم مع ترامب على ضرورة وضع خطة شاملة لإعادة إعمار غزة وفق إطار ينسجم مع مبادرة مصرية اعتمدتها القمة العربية الطارئة، وتتضمن الخطة 112 صفحة وتحديداً لخرائط مشاريع إعادة الإعمار وتقديراً كلفته 53 مليار دولار، مع تقسيم زمني إلى مرحلة تعافٍ أولي ستة أشهر ثم إعادة إعمار خلال خمس سنوات. وتقدر الخطة الأضرار المادية بنحو 29.9 مليار دولار والخسائر الاقتصادية والاجتماعية بنحو 19.1 مليار دولار، وتفترض وجود 50 مليون طن من الركام، وتشتمل على مشاريع إسكان وحدائق ومطار وميناء وتجهيز مركز تكنولوجي وفندق على الشاطئ. وترسّخ الخطة أن يتولى الفلسطينيون إعادة الإعمار وتؤكد ضمانات أمنية للطرفين من دعم دولي، وتلغي دور حركة حماس أو أي فصيل فلسطيني آخر في حكم غزة، وتُلزم جميع الفصائل المسلحة بتسليم سلاحها للسلطة الفلسطينية.
خطة أوروبية وضغوط لإقناع ترامب
تسعى دول أوروبية بقيادة بريطانيا وفرنسا، بدعم من ألمانيا وإيطاليا، لإقناع ترامب بمبادئ مقترحة لما بعد الحرب على غزة وتستند إلى ثمانية مبادئ، تشمل نشر قوة دولية بتفويض من الأمم المتحدة لتحقيق الاستقرار في غزة، ونزع سلاح حركة حماس ونقل قادتها إلى المنفى، وتحديد آليات انتقالية تفضي إلى حكم غزة من دون حماس.
إجراءات فرنسية ورغبة في تفعيل إعلان نيويورك
تقدم فرنسا مقترحات عملية لتفعيل إعلان نيويورك المدعوم دولياً حول حل الدولتين، مع تأكيد عدم وجود دور لحماس في الحكم المستقبلي وتدريجياً نشر القوة الدولية وتعزيز مسؤولية السلطة الفلسطينية عن الأمن الداخلي، مع فحص القوات الفلسطينية من قبل إسرائيل.
إعلان نيويورك ونطاقه التنفيذي
يجدد إعلان نيويورك التأكيد على خطوات ملموسة في مسار تنفيذ حل الدولتين وتدعو الدول للاسراع في تطبيقه، مع دعم لنشر بعثة دولية مؤقتة وتدريب وتجهيز قوات الشرطة الفلسطينية وتوفير مساعدة دولية للقيادة الفلسطينية، بما في ذلك مرافقة لإعادة بناء غزة وتوحيد القطاع والضفة تحت سقف سلطة فلسطينية واحدة، مع إنهاء حكم حماس وتسليم السلاح للسلطة وفق آليات دولية محمية.
إدراج الاعتراف وتوجيهات للمستقبل
شهدت المبادرات إشراك دول إضافية في الاعتراف بدولة فلسطين، وتأكيداً على أن إنهاء الاحتلال وتحقيق سلام عادل ودائم بين الإسرائيليين والفلسطينيين هو السبيل لتحقيق اندماج إقليمي أوسع، مع دعم لإقامة منظومة أمنية إقليمية وتعاون بين مناطق الشرق الأوسط وفق آليات دولية، وتأكيد أهمية إنهاء أي خطوة تمس مسار السلام ورفض الضم وبدء مسار للمصالحة والانتقال السياسي وفق دستورٍ فلسطيني موحد وتشريعات تشريعية حديثة.
الوضع الإنساني في غزة ومصير السيطرة والحياة العامة
تشير المعطيات إلى أن الحرب الإسرائيلية على غزة أودت بحياة عشرات الآلاف من الفلسطينيين وتسببت في دمار واسع، وتواجه غزة أوضاعاً إنسانية وصحية كارثية نتيجة الحصار وندرة الموارد، ما يحفز المجتمع الدولي على تكثيف المبادرات السياسية والتحركات الدعوية والعملية لإنهاء الحرب وفتح المجال أمام مساعدات كفيلة بإعادة بناء الحياة في القطاع وإعادة ترتيب الأوضاع الأمنية والسياسية بما يحفظ استقرار المنطقة.