لتجنب العقوبات.. مسار سري يتيح تدفق الأسلحة الروسية إلى فيتنام

تُظهر وثائق فيتنامية داخلية أن فيتنام وروسيا استعدتا لاحتمال أن تعرقل العقوبات الغربية صفقات الأسلحة، فأنشأ الطرفان نظاماً معقداً يتيح لهانوي إخفاء مدفوعاتها مقابل الأسلحة وتجنب التحويلات الدولية عبر النظام المصرفي العالمي.
وتوضح المعاملات أنها تتم via إجراءات غير تقليدية في الأسواق المالية، صُمِّمت لضمان استمرار تدفق الأموال بهدوء رغم تشديد العقوبات المفروضة على روسيا بسبب حربها في أوكرانيا.
وتسعى الولايات المتحدة منذ سنوات إلى تعزيز علاقاتها مع فيتنام لمواجهة النفوذ الصيني في جنوب شرق آسيا، وتفاوض مع هانوي في شأن التجارة بعد أن فرضت واشنطن رسوماً جمركية بنسبة 20% على صادرات فيتنام.
آلية تمويل الصفقات وتجنب العقوبات
وتذكر الوثائق أن الأرباح من مشروع Rusvietpetro المشترك في سيبيريا تستخدم لسداد القروض الخاصة بصفقات الأسلحة، ثم تُحوّل الأرباح المتبقية إلى شركة Zarubezhneft المملوكة للدولة، عبر فرعها داخل فيتنام، لتُعاد إلى Petrovietnam دون المرور عبر التحويلات الدولية.
وفي مذكرة مؤرخة في 11 يونيو 2024، كتب مدير Petrovietnam لي نجوك سون: «في ظل العقوبات واستبعاد روسيا من نظام سويفت، فإن هذه الآلية مناسبة وسرية نسبياً، إذ تتداول الأموال داخل روسيا وفيتنام فقط».
وأشار دبلوماسيان غربيان في هانوي إلى أنهما كانا يشكّان منذ فترة في وجود ترتيبات سرية روسية-فيتنامية لتمويل صفقات الأسلحة، لكن تفاصيل الآلية كانت جديدة عليهما.
ورغم أن Zarubezhneft لم تُدرج بشكل مباشر ضمن العقوبات المفروضة على روسيا عقب غزوها أوكرانيا، فإن اثنين من أبرز قيادييها يخضعان لعقوبات أميركية هما المدير التنفيذي سيرغي كو-dرياشوف ورئيس مجلس الإدارة يفغيني موروف، وهو ضابط سابق في جهاز استخبارات الاتحاد السوفيتي (KGB).
وتشير أسوشيتد برس إلى أن الآلية تبدو مصممة لتجنب أي عقوبات مستقبلية محتملة، بما في ذلك ما يُعرف بالعقوبات الثانوية التي قد تطال الجهات المتعاونة مع كيانات خاضعة للعقوبات.
وتظل الولايات المتحدة أكبر سوق لصادرات فيتنام، ومنذ رفع الحظر الأميركي عن تصدير الأسلحة إلى هانوي في 2016، أصبحت واشنطن مورِّداً رئيسياً لها وتعتبرها شريكاً استراتيجياً في مواجهة النفوذ الصيني، رغم أن فيتنام لا تزال تحتفظ بعلاقة عسكرية طويلة مع روسيا تعتمد عليها في توفير قطع الغيار والمعدات العسكرية.
في هذا السياق، تظل العقود الدفاعية الأخيرة تشير إلى استمرار الاعتماد الفيتنامي على موسكو لسنوات مقبلة، حتى مع تعزيز العلاقات مع واشنطن.
ففي 2011 قدمت روسيا قرضاً بقيمة ملياري دولار لتمويل صفقة شملت فرقاطتين و64 دبابة من طراز T90S، وفي 2023 حصلت على قرض إضافي بقيمة 8 مليارات دولار لشراء مقاتلات SU-30 وفرقاطتين إضافيتين لم تُسلّما بعد.
وتشير وثائق أخرى إلى أن الولايات المتحدة تضغط على فيتنام للتحول إلى شراء الأسلحة الأميركية، مع وجود تهديدات بموجب قانون مكافحة أعداء أميركا إذا استمرت في شراء الأسلحة الروسية.
ومع ذلك، تُظهر الوثائق أن الاتفاقية دخلت حيّز التنفيذ بالفعل، فخلال زيارة بوتين إلى هانوي في يونيو 2024 حصلت Zarubezhneft على ترخيص لتطوير حقل الغاز المعروف بـ«Block 11-2» في الجرف القاري الفيتنامي، وهو الموقع نفسه الذي ورد في مذكرة Petrovietnam لعام 2024.
كما كشفت وثيقة داخلية تعود إلى أبريل 2024 أن Zarubezhneft بدأت رسم خرائط ثلاثية الأبعاد للحقل، مما يؤكد بدء تنفيذ الاتفاق من الناحية الفنية.
وخلال زيارة إلى موسكو في مايو 2024، وقّع وفد فيتنامي رفيع المستوى برئاسة الأمين العام للحزب الشيوعي تو لام عدداً من الاتفاقيات المتعلقة باستكشاف النفط والغاز، إضافة إلى «خطة شراكة استراتيجية» للدفاع والتعاون في مجالات أخرى للفترة من 2026 إلى 2030، وفقاً لبيان مشترك.