اخبار سياسية

بعد اتفاق دفاعي بين السعودية وباكستان.. الهند: علاقتنا مع المملكة استراتيجية

أعلنت وزارة الخارجية الهندية أن نيودلهي تربطها بالرياض شراكة استراتيجية واسعة النطاق وتعمّقت هذه الشراكة بشكل كبير في السنوات الأخيرة.

رداً على استفسارات حول اتفاقية الدفاع بين السعودية وباكستان، قال المتحدث باسم الخارجية راندير جايسوال خلال مؤتمر صحافي إن بلاده تتوقع أن تراعي هذه الشراكة الاستراتيجية المصالح والحساسيات المتبادلة.

وجاءت هذه التصريحات بعد أن وقّع ولي العهد السعودي الأمير محمد بن سلمان ورئيس وزراء باكستان شهباز شريف على اتفاقية الدفاع الاستراتيجي المشترك، التي تهدف إلى تطوير جوانب التعاون الدفاعي بين البلدين، وتعزيز الردع المشترك، وتنص على أن أي اعتداء على أي من البلدين هو اعتداء على كليهما.

شراكة متنامية بين الرياض ونيودلهي

قال رئيس مركز الخليج للأبحاث الدكتور عبد العزيز بن صقر إن السعودية والهند تحرصان على علاقة متميزة وقديمة تطورت عبر الزيارات المتبادلة بين قادة البلدين، وأن المملكة تبنت سياسة عدم التدخل في الصراع الهندي-الباكستاني، وتتعامل مع الطرفين بالتساوي من منظور المصلحة المشتركة، وأن المملكة لم تعد طرفاً في الخلاف بين إسلام آباد ونيودلهي بشأن قضية كشمير.

أوضح أن اتفاق الرياض مع باكستان دفاعي وليس هجومياً، ويهدف إلى تنظيم الدفاعات المشتركة بين الطرفين، وأن باكستان لديها علاقات قديمة مع المملكة تعود إلى خمسينيات القرن الماضي، وأن زيارة وزير الدفاع السعودي لباكستان في مارس 2024 دعمت هذه العلاقة حتى وصل الاتفاق المشترك حول الدفاع بين البلدين. وأضاف أن توترات عسكرية بين الهند وباكستان دفعت السعودية إلى المساهمة في خفض التصعيد نتيجة علاقتها المتميزة مع الطرفين.

سياسة سعودية محايدة ومتوازنة

وأضاف عبد العزيز بن صقر أن باكستان لديها أكثر من 2500 مدرب أمني وعسكري في السعودية، وأن الاتفاقية جزء من مسار تعاون قائم. كما شدد على أن ولي العهد تبنّى سياسة استقلالية وحياد وتوازن، ما مكّن المملكة من الحفاظ على علاقاتها مع جميع الأطراف، بما في ذلك في الأزمة الروسية-الأوكرانية. وقال إن السعودية لعبت دور الوسيط بين الهند وباكستان لخفض التوترات، وإن الاتفاق مع باكستان لا يهدف إلى إثارة الهند، بل تمكين القدرات الدفاعية السعودية فقط. وأشار إلى وجود أكثر من مليوني هندي في المملكة، وأن التعاون الاقتصادي والعسكري بين البلدين مستمر، وأن العلاقة الاقتصادية مع الهند نمت بشكل كبير لأنها تحتاج إلى مصادر طاقة متعددة لتغذية خططها التنموية.

متغيرات إقليمية ودولية

ومن جانبه، قال السفير والدبلوماسي الهندي السابق أنيل تريجونايات إن الرياض ونيودلهي تجمعهما شراكة استراتيجية شاملة الدفاع والأمن، وأن المملكة من أكبر المستثمرين في الهند وشريك رئيسي في الاقتصاد العالمي والإقليمي، إضافة إلى العمل المشترك في قمة مجموعة العشرين وبريكس ومنظمات أخرى. وأكد أن كل دولة ذات سيادة لها الحق في إقامة شراكات مع أي طرف، وأن السعودية لطالما كانت صديقاً عظيماً للهند، وأن وجود شراكة خاصة مع باكستان لا يتعارض مع ذلك. ورأى أن السعودية اتخذت قرار الشراكة الدفاعية مع باكستان في سياق متغيرات إقليمية ودولية، لكنه شدد على أن السعودية ستبقى صديقاً أساسياً للهند، وأن مجلس الشراكة الاستراتيجي سيضمن استمرار العلاقة القوية نحو مزيد من الازدهار.

العلاقات السعودية الهندية

وتعود العلاقات بين السعودية والهند إلى أربعينيات القرن الماضي، وتطورت إلى شراكة مؤسسية أُطلقت من خلال مجلس الشراكة الاستراتيجي. وتزايد التنسيق في ملفات إقليمية ودولية من أجل استقرار أسواق الطاقة وأمن المحيط الهندي، وهو ما انعكس في تبادل التجارة الذي بلغ نحو 43 مليار دولار في 2023/2024، فتصبح الهند ثاني أكبر شريك تجاري للمملكة، فيما تحتل السعودية المرتبة الرابعة ضمن شركاء الهند التجاريين. وتجاوزت صادرات السعودية إلى الهند 31 مليار دولار مقابل واردات هندية بنحو 11 مليار دولار من السلع الهندسية والمنتجات البترولية والمنسوجات، وتجاوزت الاستثمارات السعودية في الهند 10 مليارات دولار، ووجود 40 شركة سعودية ناشطة في الهند و400 شركة هندية تعمل في السعودية. وفي مجال الطاقة تستورد الهند نحو 14% من نفط السعودية و18% من غازها، إلى جانب تعاون متزايد في الطاقة المتجددة بما في ذلك الربط الكهربائي وتطوير مشاريع الهيدروجين الأخضر وسلاسل الإمداد المستقبلية. كما وقّع البلدان أكثر من 50 اتفاقية في مجالات التكنولوجيا والصناعات المتقدمة والذكاء الاصطناعي والاتصالات والبناء. وفي التعاون العسكري توجد لجنة دفاعية مشتركة تبحث التدريب وتبادل الخبرات والتعاون الصناعي الدفاعي واتفاقيات التسليح، وهذا يعزز وجود جالية هندية كبيرة في المملكة تشكل جسراً بشرياً مهماً في مسار الشراكة المتنامية.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى