اخبار سياسية

أحمد الدالاتي لـ«المجلة»: انتهاكات السويداء مُدانة… والسوريا ستبقى موحدة (3 من 3)

تطوران مؤثران في المشهد

أشار الدالاتي إلى وجود تطورين مهمين: الأول هو التدخل الإسرائيلي، والثاني السلوكيات التي حدثت على الأرض، مع التأكيد بأن كلا التطورين مؤثران ويجب معالجتهما معا.

وضح أن القصف الإسرائيلي استهدف في البداية سيارات الأمن الظاهرة ومقرات الأمن، مما أدى إلى مقتل نحو ثلاثين عنصراً من الأمن وجرح أكثر من سبعين آخرين في أول استهداف.

بيّن أن المسار الذي كانوا يسيرون فيه لم يكن يهدف إلى دخول الجيش مركزي المدينة، بل تأمين دخول الأمن، لكن بسبب شدة المقاومة والتحشيد والاستهداف للجيش، دخل الجيش إلى مركز المدينة حتى دوار العمران، ثم سُحب الجيش بناءً على أوامر غرفة العمليات.

أوضح أن خطة الانتشار كانت تقضي بدخول ألفين من الأمن الداخلي وخمسمئة من الأمن العسكري لتطويق المدينة وتأمين أهلها، إلا أن القصف الإسرائيلي بدأ فوراً باستهداف السيارات الظاهرة فقتل نحو ثلاثين وأصيب أكثر من سبعين.

تحدث عن أن انسحاب الجيش حدث بعد ذلك وأن انتشار القوات استمر بحسب التوجيهات، لكن مع استهداف القوات الإسرائيلية الذي أدى إلى عجز في متابعة الانتشار وتفاقم الوضع.

أشار إلى أن يوم القصف التالي لم يشهد مقاومة جديدة بذات الصورة داخل دمشق فتم القصف هناك في اليوم التالي، وبدأت بعدها سلسلة من الأحداث التي أفرغت المدينة من وجود الجيش والأمن وتسببت بفوضى كبيرة.

بلغ عدد الضحايا في اليوم الأول نحو ستين إلى سبعين قتيلاً، مع وجود عشرات الجرحى، وهو ما أدى إلى ارتفاع معنويات الميليشيات وازدياد حدة الاستهداف الإسرائيلي وتحولات في الميدان.

أقر بأن حلق الشوارب وحرق القرى ونهب الممتلكات سلوكيات مدانة ارتكبها بعض العشائر والبدو، مع توجيه لوم إلى التحريض والاحتقان والطائفية التي تراكمت على مدى أشهر.

نفى وجود تبرير لهذه الانتهاكات وأوضح أن الممارسة الخاطئة ناتجة عن عناصر غير منضبطة، وأن لجنة تحقيق ستتابع محاسبة أي شخص تثبت عليه إدانة أو مخالفة.

أشار إلى أن هناك بعض الأصوات التي تدعو لانفصال السويداء عن سوريا، لكنها أكّد أن سوريا موحدة بجميع أطيافها وشعبها، وأن المسؤولية تقضي بالحفاظ على الوحدة والسلم الأهلي.

المسار العسكري والاشتباك في السويداء

عقدت المحاورات في دمشق ضمن إطار واضح، وتحدث عن أن انسحاب الجيش من السويداء سيؤدي إلى فوضى عارمة ونتائج غير محمودة، وأن الجهات الدولية والوطنية حاولت تضييق الهوة والتهدئة وفتح باب الحوار.

ذكر أن القصف الإسرائيلي تصاعد تدريجياً وهاجم مبنى الأركان والقِسم القريب من القصر الجمهوري، وأن هناك رسائل تهديد عبر الوسطاء تفيد بفتح مسار حرب مفتوحة إذا استمر الانسحاب من السويداء.

أوضح أن الوسطاء الدوليين بما في ذلك الأميركيين والأردنيين ناقشوا مع الجهات المعنية مخاطر الانسحاب المفاجئ وأكدوا ضرورة الفصل بين الأطراف والعودة إلى الاستقرار، وجرى اجتماع في الأردن بحضور وزير الخارجية السوري وتوم باراك ووزير الخارجية الأردني.

أشار إلى أن الإسرائيليين طلبوا شروط عدة، منها ممر إنساني من دروز إسرائيل إلى السويداء، وإطلاق سراح الأسرى، وانسحاب قوات من القرى المحيطة بالسويداء، لكن رد الدولة كان أن لا حاجة للممر الإنساني وأن الأمور ستتم عبر فتح طريق دمشق-الس السويداء وتقديم المساعدات وفق آلية محددة.

أوضح أن عدداً من القضايا مثل المعتقلين والمفقودين تشكل ملفاً شائكاً وتعاونت الدولة مع الوساطات المحلية والهلال الأحمر والصليب الأحمر لحله، مع الإقرار بأن وجود عدد من المختطفين يعود لتعدد الأطراف داخل السويداء وتعقيد الملف.

لفت إلى أن عدد القوات الأمنية المنتشرة حول السويداء يقدر بنحو 2500 عنصر من الأمن الداخلي، وأن الهدف هو حماية السكان وتخفيف التوترات ومنع تداعيات الاشتباك، مع التأكيد على عدم دخول الجيش إلى المدينة وفق صيغة الاتفاق.

نفى وجود رغبة إسرائيلية في تقسيم سوريا وأكد أن الإطار الأساسي هو عودة السويداء إلى الوضع الطبيعي ضمن سوريا موحدة، مع حث العقلاء على العمل من أجل استقرار المنطقة ومنع تكرار السيناريوهات المأساوية.

المفاوضات والآفاق والإدارة الذاتية

ناقش موضوع الممرات والآفاق التي طرحتها بعض الأطراف، وأكد أن الممر الإنساني ليس مطروحاً كخطة فعلية من جانب الدولة وأن الأولوية تتركز على إعادة الحياة إلى الطريق الدولي ومساعدات الخدمات الأساسية مع توجيه الجهود لعودة السكان إلى قراهم وتوفير الدعم عبر لجان محلية وتعاون مع منظمات إنسانية.

أشار إلى أن السويداء تشهد حالياً إدارتين ذاتيتين وأن هذه المسألة تثير قلقاً من احتمال تكرار التجربة في مناطق أخرى، لكن شدد في الوقت نفسه على ضرورة أن تبقى سوريا موحدة سياسياً وجغرافياً وأن تكون هناك حلول تقود إلى استقرار دائم بعيداً عن التفكك.

أكد أن السلطات ستسعى لتأمين عودة الأهالي إلى قراهم تدريجياً عبر آليات محلية وتقييم أضراره بما ينسجم مع خطة وطنية لإعادة الإعمار وتوفير الخدمات الأساسية، وأن الطريق مفتوح للجميع للمساعدة والتعاون دون تعقيدات كبيرة على الحواجز أو القيود غير المبررة.

اختتم بنبرة حازمة بأن المسألة السورية تتطلب التزاماً بالوحدة الوطنية والتعاون الدولي، وأن السويداء لن تكون بمنأى عن هذه الرؤية، وأن العقلاء فيها يدركون حاجة البلد إلى كيان موحد يحمي الجميع من تبعات العنف والتوتر المستمر.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى