وسائل التواصل الاجتماعي في نيبال: برلمان بديل ومنصة احتجاج لجيل زد

شهدت نيبال أكبر أحداث عنف سياسي منذ عقود، بعد أيام من احتجاجات مناهضة للفساد أُطلق عليها “احتجاجات جيل زد”، استخدم فيها الشباب المحتجون الإنترنت والتقنيات الحديثة ومنصات التواصل الاجتماعي للإطاحة بالحكومة وتحقيق مطالبهم بشأن حكومة مؤقتة تقود البلاد خلال فترة الانتقال السياسي.
قادت سوشيلا كاركي، رئيسة المحكمة العليا السابقة، رئاسة الحكومة مؤقتاً بعد أن طرح قادة الاحتجاج اسمها عبر منصة Discord، وجرى تكليفها بإجراء انتخابات برلمانية جديدة محدد موعدها في الخامس من مارس المقبل.
بدأت المظاهرات الحاشدة في 8 سبتمبر بسبب حظر قصير على منصات التواصل الاجتماعي، وشارك فيها معظم الشباب في كاتماندو ومدن أخرى، في أكبر موجة عنف سياسي تشهدها البلاد منذ عقود.
شرارة الاحتجاجات
قبل الحظر، أطلقت حملة “Nep o Kids” على منصات التواصل الاجتماعي سلطت الضوء على أنماط الحياة المترفة لأبناء القادة السياسيين، بجانب اتهامات بالفساد، ومع الحظر تصاعد الغضب الشعبي وتحولت الاحتجاجات إلى أعمال عنف ألحقت أضرار بمبانٍ حكومية ومنازل سياسيين.
أدت المواجهات إلى هجوم على مبانٍ بينها البرلمان والمحكمة العليا ومراكز الشرطة، إضافة إلى حرق مبانٍ وممتلكات خاصة، وهو ما دفع رئيس الوزراء كي بي شارما أولي إلى الاستقالة وتولى الجيش مهمة فرض الأمن في العاصمة.
عاد الهدوء بعد أن سيطر الجيش على الشوارع وبدأت مفاوضات بين المحتجين والجيش والرئيس بشأن تشكيل حكومة مؤقتة.
عيّنت كاركي رئيسةً للوزراء مؤقتاً في 12 سبتمبر، وهي قاضية سابقة معروفة بمواقفها ضد الفساد، وتولت قيادة حكومة انتقالية ستنظم الانتخابات البرلمانية في مارس 2026.
في سياق الأزمة، تحولت منصة Discord إلى ما يشبه “برلماناً افتراضياً” تديره منظمة مدنية تعرف باسم Hami Nepal، حيث جرى جذب أكثر من 145 ألف مستخدم خلال أربعة أيام، وتوزعت فيه قنوات للإعلانات والتحديثات ومناقشة الشؤون العامة واتخاذ قرارات.
وبعد ذلك، التقى كاركي بالرئيس رام تشاندرا بوديل وقائد الجيش أشوك راج سيجديل قبل الإعلان الرسمي عن تعيينها رئيسة للوزراء، ما عزز مسار النقاش والتنسيق بين الرئاسة والجيش في إطار الانتقال السياسي.
في سياق الرقبة الرقمية، أشارت منظمات دولية مثل Access Now إلى أن السلطات تسعى من خلال تشريعات جديدة إلى توسيع صلاحيتها في حجب المحتوى بحجة معلومات مضللة أو تهديد السلم الاجتماعي، وهو نقاش يعكس توازناً صعباً بين الأمن وحرية التعبير.
كما شهدت البلاد ارتفاعاً ملحوظاً في استخدام الشبكات الافتراضية الخاصة VPN، حيث ارتفعت اشتراكاتها بشكل كبير، وهو مؤشر على تمسك الناس بالفضاء الرقمي الحر بالرغم من القيود.
أما BitChat، فظهر كأداة رئيسة في ظل القيود، إذ طورها فريق يعمل على إتاحة التواصل بلا إنترنت عبر البلوتوث، وهو مشروع يطمح إلى أن يصبح بنية تحتية آمنة للتواصل والتجارة، مع إدماج وظائف مالية عبر Cashu لإرسال واستقبال مدفوعات بعملة البيتكوين بشكل مشفر، حتى لإيموجي أن يحمل قيمة مالية.
وصف مطوّر BitChat، المعروف باسم Calle، التطبيق بأنه أكثر من مجرد وسيلة تواصل، بل مشروع مقاوم للرقابة يسعى إلى تمكين المستخدمين من التواصل بحرية في بيئات خاضعة للرقابة، وهو ما انعكس في ارتفاع الاهتمام والتثبيت في أسواق إقليمية أخرى مثل إندونيا.
يُشار إلى أن جاك دورسي، مؤسس منصة X، كان من بين من وصفوا BitChat بأنه “هناك عندما تحتاجه”، مؤكداً الطفرة التي شهدها التطبيق في النيبال وإندونيا وتزايد الاهتمام بمفهوم الاتصالات الآمنة في سياق الاحتجاجات الرقمية.