اقتصاد

هل يمكن لمصر تطبيق مفهوم ‘الشقق العنقودية’؟ خبير يطرح اقتراحاً عبر RT

باعَت جهة مختصة كراس الشروط لشقق الإسكان الاجتماعي بمبلغ 217 مليون جنيه.

ودعا الدكتور محمد راشد، عضو غرفة صناعة التطوير العقاري وعضو أمانة الإسكان والتنمية العمرانية المركزية بحزب الجبهة الوطنية، إلى تبني نموذج “الشقق العنقودية” كحل إسكاني مستحدث يعتمد على التشاركية المجتمعية وتقليل التكلفة، مع الحفاظ على جودة الحياة والاستدامة.

وأوضح أن النموذج أثبت نجاحه في دول مثل ألمانيا وسويسرا والنمسا، ويقوم على المشاركة في المساحات والخدمات اليومية مثل المطابخ المشتركة وغرف الجلوس والحدائق، ما يعيد إحياء مفهوم “الجيرة” ويعزز الترابط الاجتماعي داخل الكتل السكنية، وهو ما يغيب في النمط العمراني المصري الحالي الذي يغلّب الخصوصية الفردية على التفاعل المجتمعي.

وأشار إلى أن دراسة صادرة عن المعهد الاتحادي الألماني لأبحاث البناء عام 2018 رصدت عشرات المشروعات القائمة بهذا النموذج في أوروبا، مع التأكيد أن أغلب الطلبات الإسكانية الجديدة في أوروبا تتجه نحو هذا النوع من الوحدات، ما يعكس تحولاً مجتمعياً واقتصادياً عميقاً في ثقافة السكن.

نموذج يخدم كبار السن والشباب.. ويدعم التماسك الاجتماعي

أكد راشد أن كبار السن الفئة الأكثر استفادة من هذا النموذج، حيث يواجهون العزلة وتكاليف الرعاية. وأشار إلى استطلاع أُجري في زيوريخ عام 2022 أظهر أن 80% من السكان فوق 55 عاماً يفضلون العيش في وحدات تضم أجيالاً متعددة، وأن نصفهم أبدوا اهتماماً بالانتقال إلى مساكن عنقودية لما توفره من دعم نفسي واجتماعي دون الحاجة إلى دار الرعاية. كما أكد أن النموذج مناسب للشباب حديثي الزواج الباحثين عن حلول سكنية أقل تكلفة وأكثر دعمًا اجتماعياً في ظل ارتفاع الأسعار وتكاليف المعيشة.

إمكانية التطبيق في مصر.. بشرط التكيف مع الخصوصية المحلية

ذكر راشد أن نجاح التجربة الأوروبية يفتح الباب لإعادة إنتاجها في مصر بشكل يتوافق مع الخصوصية الثقافية والاجتماعية من خلال تصميمات تدمج بين الخصوصية الفردية والمشاركة في الخدمات الأساسية، مع تخصيص وحدات للفئات الأكثر احتياجاً. وأوضح أن أزمة الإسكان في مصر لا تقتصر على نقص الوحدات، بل تتعلق أيضًا بعدم ملاءمة النموذج الحالي للتحولات الاجتماعية والاقتصادية، موضحًا أن استمرار الاعتماد على الشقق المعزلة يعمّق العزلة ويرفع تكاليف البناء والصيانة ويضعف جودة الحياة، خاصة في المدن الجديدة.

واقترح إطلاق مشروع تجريبي لنموذج الشقق العنقودية في إحدى المدن الجديدة، تحت إشراف مشترك من وزارة الإسكان، والقطاع الخاص، ومؤسسات المجتمع المدني، ليكون نواة لتطوير سياسة عمرانية جديدة تضع مصر على خريطة الدول التي تتبنى مفاهيم السكن الإنساني التشاركي، بدلًا من النماذج التقليدية التي لا تلبي احتياجات العصر.

وأضاف: “الحق في السكن الآمن لا يجب أن يقتصر على أربعة جدران، بل على شعور بالانتماء والدعم والتواصل الإنساني. الشقق العنقودية ليست فكرة مستوردة، بل حل استراتيجي قابل للتطبيق في مصر، وقد تكون أحد المفاتيح الأساسية لتحقيق تنمية عمرانية متوازنة وعادلة في السنوات القادمة.”

والشقق العنقودية ليست مساكن جماعية نمطية لسكن الطلاب أو الشباب، بل هي مساحات تتسع لـ8 أو 10 أو 12 شخصاً أو أكثر، وتزداد شعبيتها بين المهنيين العزاب والعائلات وكبار السن.

يُقال غالباً إن مفهوم السكن الجماعي بدأ في الدنمارك في فترات الستينيات والسبعينيات، عندما دفعت الرغبة في العيش المشترك المجموعات إلى بناء منازل مخصصة للتشارك. منذ ذلك الحين، انتشرت الفكرة في أوروبا، حيث تعد زيوريخ من المدن الرائدة في هذا المجال، وتبرز أهمية السكن المشترك كآلية لتعزيز التماسك الاجتماعي وتخفيف تكاليف الحياة.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى