السودان.. انحسار الخريف يفتح باباً أمام تجدد المعارك رغم آمال التسوية

يشهد السودان حالة من الترقب الممزوج بالقلق، حيث تتداخل ملامح التصعيد العسكري مع مؤشرات سياسية قد تمهد لتسوية مرتقبة، وفي حين حدّت ظروف فصل الخريف من وتيرة المواجهات البرية، تتكثّف الاستعدادات الميدانية تمهيداً لجولة جديدة من المعارك.
وردت تصريحات عضو مجلس السيادة ونائب القائد العام للجيش الفريق أول شمس الدين كباشي بأن أسلحة نوعية دخلت لدعم العمليات في إقليم كردفان وصولاً إلى فك الحصار عن مدينة الفاشر.
وأكّد كباشي أن العمليات العسكرية لن تتوقف إلا باستسلام قوات الدعم السريع.
وفي المقابل، استعرضت الأخيرة جاهزيتها عبر عرض عسكري في مدينة نيالا، تزامناً مع أداء حكومة تأسيس القسم.
ميزان القوى الميداني
اللواء أمين إسماعيل مجذوب، الخبير العسكري والقائد السابق للفرقة السادسة مشاة بالفاشر، قال إن المعركة الحالية تختلف عن المواجهات البرية التقليدية، إذ يعتمد الجيش على السلاح الجوي لتدمير دفاعات الدعم السريع وتهيئة الطريق للتقدم البري.
وأشار مجذوب إلى أن ميزان القوى يميل حالياً لصالح الجيش بفضل امتلاكه الطيران المقاتل وقوة بشرية كبيرة، في مقابل فقدان الدعم السريع جزءاً من عناصره الداخلية وتنامي الخلافات في صفوفه.
ومع انحسار الخريف، توقع مجذوب تصعيد المعارك خصوصاً مع محاولات الدعم السريع الاعتماد على الطائرات المسيرة لضرب المواقع الاستراتيجية وبث الرعب بين السكان العائدين.
الدعم السريع وتحالفاته
من جانبه، قال علي جاد الله، عضو تحالف تأسيس ورئيس تحالف القوى الشعبية، إن قوات الدعم السريع تحقق تقدماً ملموساً في كردفان، مسيطرةً على مناطق مثل النهود والخوي وأم صميمة، ما يتيح لها حصار مدينة الأبيض الاستراتيجية، التي تشكل عقدة ربط بين وسط السودان وغربه وجنوبه.
وأضاف أن فصل الخريف أعاق العمليات في كردفان، لكنه رجّح أن سيناريو الحسم العسكري سيكون الأقرب لحل الصراع.
كما أشار إلى أن قوات حكومة الوحدة والسلام/تأسيس، التي تضم الدعم السريع، قد تفرض سيطرتها الكاملة على جنوب كردفان والنيل الأزرق، وهو ما يضعف موقع الحكومة المركزية في بورتسودان إذا ما أُحكمت السيطرة على الحدود مع إثيوبيا وجنوب السودان.
كردفان.. ساحة فاصلة ومعبر نحو دارفور
المحلل السياسي عثمان ميرغني أوضح أن كردفان الكبرى تحولت إلى ساحة رئيسية للمعارك كفاصل بين الوسط ودارفور، حيث يسعى الجيش لفك الحصار عن الفاشر واستعادة مدن رئيسية مثل نيالا.
ويرى أن الجيش تمكن من تعديل استراتيجيته الميدانية وتحقيق نتائج ملموسة ما يعزز فرصه لعبور الحاجز نحو دارفور سريعاً عقب انتهاء موسم الأمطار.
وستكون السيطرة على مدينة الدبيبات في جنوب كردفان مفتاحاً للتقدم غرباً.
التسوية السياسية
على الصعيد السياسي، تبرز الجهود الدولية كعامل مؤثر في المشهد، فالمحاولات التي ترعاها الولايات المتحدة والسعودية وربما العودة إلى منبر سويسرا قد تشكل فرصة لإحياء مسار التسوية.
لكن ميرغني حذر من أن هذه الجهود تقف عند مفترق طرق حاسم: إما أن تقود الأطراف السودانية إلى سلام يوقف نزيف الحرب، أو أن تفضي إلى انهيار الأمل الأخير في التسوية، ما قد يفتح الباب أمام سيناريوهات أكثر خطورة، أبرزها تفكك السودان واحتمال فصل دارفور في ظل احتمال اعتراف خارجي.