اقتصاد

بدائل القاهرة: جدل حول إعلان إلغاء صفقة الغاز الإسرائيلي مع مصر

جدل حول قدرة نتنياهو على تنفيذ القرار وانعكاساته على سوق الطاقة المصري

يتناول هذا الجدل مسألة قدرة رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو على تنفيذ قرار محتمل بوقف تصدير الغاز إلى مصر، وما قد يترتب عليه من انعكاسات على سوق الطاقة في مصر خاصة فيما يتعلق بتأمين احتياجات المصانع وتوليد الكهرباء.

يشير الخبراء إلى أن لدى مصر بدائل واقعية تعزز مرونتها في مواجهة أي توقف محتمل في واردات الغاز من إسرائيل، مستندة إلى أربع وحدات تغييز عائمة إضافة إلى وحدة خامسة في الأردن، فضلاً عن إمكانية استيراد الغاز من الأسواق العالمية وضخه في الشبكة القومية، إضافة إلى تقليص الاستهلاك مع دخول فصل الشتاء.

يظل قرار وقف التصدير معقداً بفعل الضغوط المرتبطة باستثمارات شركة شيفرون في حقل ليفياثان، فضلاً عن محدودية خيارات إسرائيل لتصدير الغاز بعيداً عن مصر.

وتبقى لدى القاهرة فرص لتعويض أي عجز محتمل سواء عبر مضاعفة قدرات التغييز أو من خلال مشروع الربط مع قبرص المتوقع تشغيله عام 2027، وهو ما يعزز مرونتها في إدارة ملف الطاقة وضمان استقرار الإمدادات.

وتستورد مصر الغاز من إسرائيل بموجب صفقة موقعة عام 2018 تستهدف استيراد كميات تقضي بتسييلها عبر محطتي إدكو ودمياط لإعادة تصديرها، غير أن تراجع الإنتاج المحلي من الغاز بشكل ملحوظ بالتزامن مع ارتفاع الاستهلاك خاصة في فصل الصيف نتيجة زيادة الطلب على الكهرباء دفع القاهرة إلى وقف تصدير تلك الكميات المستوردة من تل أبيب والاكتفاء باستخدامها لتلبية احتياجات السوق المحلية.

وبعد مرور سبع سنوات على الصفقة الأولى لاستيراد الغاز من إسرائيل، تم الإعلان عن اتفاقية جديدة لتعديل بنود التصدير إلى مصر بحسب بيان صادر عن نيو ميد إنرجي في تل أبيب المالكة لحصة قدرها 45.34% في حقل ليفياثان بالشراكة مع شيفرون الأمريكية بنسبة 39.66%، وريشيو بنسبة 15%، وتنص التعديل على رفع إجمالي الكميات التعاقدية بنحو 130 مليار متر مكعب من الغاز، يتم توريدها عبر بلو أوشن إنرجي بوصفها المشتري.

وتوزع الزيادة على مرحلتين، تبدأ الأولى فوراً بإضافة 20 مليار متر مكعب لترتفع الكميات اليومية الموردة من 450 مليون قدم مكعب إلى 650 مليون قدم مكعب.

أما المرحلة الثانية فتشمل زيادة إضافية قدرها 110 مليارات متر مكعب مرتبطة بتنفيذ استثمارات لتوسعة حقل ليفياثان وتوقيع اتفاقية لنقل الغاز عبر خط أنابيب نيتسانا، بحيث تصل الإمدادات اليومية إلى ما بين 1.15 و1.25 مليار قدم مكعب.

كما نص التعديل على تمديد فترة التوريد بعد استكمال المرحلة الأولى لمدة 10 سنوات من تاريخ دخولها حيز التنفيذ أو حتى استهلاك الكميات المتفق عليها (أيهما أقرب)، وفي حال بدء المرحلة الثانية، تمتد فترة الاتفاقية حتى 31 ديسمبر عام 2040 أو حتى استهلاك الكمية بالكامل، مع إمكانية تمديد إضافي لمدة عامين إذا تبقت كميات غير مستخدمة عند انتهاء المدة.

وتعمل مصر وقبرص منذ مطلع العام الجاري على مشروع استراتيجي لربط حقل كرونوس القبرصي بالبنية التحتية المصرية للغاز الطبيعي، حيث اتفق الجانبان على تسريع وتيرة التنفيذ تمهيدا لبدء استقبال الغاز في مصر وإعادة تصديره من خلال مجمعات الإسالة المصرية إلى أوروبا بحلول عام 2027.

وقال نائب رئيس هيئة البترول الأسبق مدحت يوسف إن مصر تمتلك بدائل استراتيجية تمكنها من الاستغناء عن واردات الغاز من إسرائيل في حال توقفها، مضيفا أنها تمتلك بالفعل أربع وحدات تغييز إضافية إضافة إلى وحدة خامسة في الأردن، ما يمنحها مرونة كبيرة في استيراد الغاز من الأسواق العالمية وضخه في الشبكة القومية لتغطية احتياجاتها المحلية، وهذه القدرات التشغيلية قادرة على تلبية الطلب الداخلي.

وأشار إلى أن إسرائيل ستتكبد خسائر فادحة حال تنفيذ هذا الإجراء، إذ لا تمتلك بنية تحتية تسمح بإنشاء محطة إسالة بتكلفة تتجاوز 10 مليارات دولار، وهي كلفة تفوق العائد المتوقع من الحقل، كما أن فرص الربط بدول مجاورة تظل محدودة لغياب الاكتشافات الكبرى في المنطقة وعدم جدوى إنشاء خطوط تصدير بديلة، وهو ما يجعل مصر تحصل على أسعار تنافسية للغاز الإسرائيلي نتيجة صعوبة تسويقه عبر قنوات أخرى.

وفي المقابل فإن مصر أمامها فرصة لتعويض أي نقص محتمل سواء عبر تعزيز قدرات وحدات التغييز الحالية أو مضاعفتها، أو من خلال مشروع الربط مع قبرص المتوقع دخوله حيز التنفيذ بحلول عام 2027، ما يعزز من مرونتها في إدارة ملف الطاقة وضمان استقرار إمداداتها للسوق المحلي.

وأشار حسام عرفات، أستاذ هندسة البترول ورئيس الشعبة العامة للمواد البترولية في الاتحاد العام للغرف التجارية سابقاً، إلى أن مصر قادرة على إدارة ملف استيراد الغاز من إسرائيل بكفاءة من خلال اعتماد مسارين متوازيين يتمثلان في زيادة الإنتاج المحلي من جانب، واستيراد كميات ضخمة عبر اتفاقيات دولية من جانب آخر، مستفيدة من بنية تحتية متطورة تشمل أربع وحدات تغييز قادرة على استقبال الغاز من مختلف الأسواق العالمية، بشرط توافر السيولة الدولارية اللازمة للوفاء بالالتزامات المالية.

وأضاف عرفات أن مشروع الربط مع قبرص من المقرر أن يدخل حيز التنفيذ عام 2027 عبر خط أنابيب جارٍ إنشاؤه، ما سيسهم في توفير جزء من احتياجات السوق المحلية، وأوضح أن مدى قدرة هذا المشروع على تعويض الكميات المستوردة من إسرائيل يتوقف على حجم الإمدادات التي ستلتزم قبرص بتوريدها لمصر في إطار هذه الاتفاقية.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى