بدائل القاهرة: جدل حول إعلان إلغاء صفقة الغاز الإسرائيلي مع مصر

يرتبط الحوار بمدى قدرة نتنياهو على تنفيذ القرار المحتمل بوقف تصدير الغاز إلى مصر والتبعات العملية على إمدادات المصانع وتوليد الكهرباء، إضافة إلى البدائل التي قد تلجأ إليها القاهرة لضمان استقرار الإمدادات.
ويؤكد خبراء الطاقة أن لدى مصر بدائل واقعية تعزز قدرتها على مواجهة أي توقف في وارداتها من إسرائيل، خاصة مع وجود أربع وحدات تغييز عائمة ووحدة خامسة في الأردن تتيح استيراد الغاز من الأسواق العالمية وضخه في الشبكة القومية، مع إمكانية تقليص الاستهلاك في الشتاء.
ويُشير الخبراء إلى أن وقف التصدير سيكون معقداً بفعل ضغوط شركة شيفرون في حقل ليفياثان، إضافة إلى محدودية خيارات إسرائيل لتصدير الغاز بعيداً عن مصر.
وفي المقابل، تمتلك القاهرة فرصاً لتعويض أي عجز عبر مضاعفة قدرات التغييز أو عبر مشروع الربط مع قبرص المرتقب دخوله حيز التنفيذ عام 2027، ما يعزز مرونتها في إدارة ملف الطاقة وضمان استقرار الإمدادات.
البدائل والإجراءات المصرية لضمان الاستقراريين في الإمدادات
وتستورد مصر الغاز من إسرائيل بموجب صفقة موقعة عام 2018 تستهدف استيراد كميات تقضي بتسييلها عبر محطتي إدكو ودمياط لإعادة تصديرها، لكنها دفعت زيادة الطلب المحلي خاصة في الصيف إلى وقف التصدير والاكتفاء بإمداد السوق المحلي بقيمة تصل إلى 15 مليار دولار.
بعد مرور سبع سنوات على الصفقة الأولى، أُعلن عن تعديل بنود التصدير إلى مصر عبر نيو ميد انرجي المالكة حصة Leviathan، مع رفع الإجمالي بنحو 130 مليار متر مكعب لتوريدها عبر بلو أوشن إنرجي.
وتوزع الزيادة على مرحلتين: المرحلة الأولى فوراً تضيف 20 مليار متر مكعب ليصير التوريد اليومي 650 مليون قدم مكعب بدلاً من 450 مليون قدم مكعب.
أما المرحلة الثانية فتشمل زيادة إضافية قدرها 110 مليارات متر مكعب ترتبط بتوسعة حقل ليفياثان وتوقيع اتفاقية لنقل الغاز عبر خط أنابيب نيتسانا، بحيث تصل الإمدادات اليومية إلى ما بين 1.15 و1.25 مليار قدم مكعب.
كما نص التعديل على تمديد فترة التوريد بعد استكمال المرحلة الأولى لمدة 10 سنوات من تاريخ دخولها حيز التنفيذ أو حتى استهلاك الكميات المتفق عليها (أيهما أقرب)، وفي حال بدء المرحلة الثانية، تمتد فترة الاتفاقية حتى 31 ديسمبر عام 2040 أو حتى استهلاك الكمية بالكامل، مع إمكانية تمديد إضافي لمدة عامين إذا تبقت كميات غير مستخدمة عند انتهاء المدة.
وتعمل مصر وقبرص منذ مطلع العام الجاري على مشروع استراتيجي لربط حقل كرونوس القبرصي بالبنية التحتية المصرية للغاز الطبيعي، حيث اتفق الجانبان على تسريع وتيرة التنفيذ تمهيداً لبدء استقبال الغاز في مصر وإعادة تصديره من خلال مجمعات الإسالة المصرية إلى أوروبا بحلول عام 2027.
التداعيات والاستراتيجيات المصرية في سياق صفقة ليفياثان وتحولات السوق
وقال نائب رئيس هيئة البترول الأسبق مدحت يوسف إن مصر تمتلك بدائل استراتيجية تمكّنها من الاستغناء عن واردات الغاز من إسرائيل في حال توقفها، مضيفاً أن مصر تمتلك بالفعل أربع وحدات تغييز إضافة إلى وحدة خامسة في الأردن، ما يمنحها مرونة كبيرة في استيراد الغاز من الأسواق العالمية وضخه في الشبكة القومية، وهذه القدرات التشغيلية قادرة على تلبية الطلب الداخلي بالكامل.
وأشار إلى أن إسرائيل ستتكبد خسائر فادحة حال تنفيذ هذا الإجراء، إذ لا تمتلك بنية تحتية تسمح بإنشاء محطة إسالة بتكلفة تتجاوز 10 مليارات دولار، وهي كلفة تفوق العائد المتوقع من الحقل، كما أن فرص الربط بدول مجاورة تظل محدودة لغياب الاكتشافات الكبرى في المنطقة وعدم جدوى إنشاء خطوط تصدير بديلة، وهو ما جعل مصر تحصل على أسعار تنافسية للغاز الإسرائيلي نتيجة صعوبة تسويقه عبر قنوات أخرى.
وفي المقابل فإن مصر أمامها فرصة لتعويض أي نقص محتمل سواء عبر تعزيز قدرات وحدات التغييز الحالية أو مضاعفتها، أو عبر مشروع الربط مع قبرص المتوقع دخوله حيز التنفيذ بحلول عام 2027، وهو ما يعزز من مرونة الدولة في إدارة ملف الطاقة وضمان استقرار إمداداتها للسوق المحلي.
وقال أستاذ هندسة البترول ورئيس الشعبة العامة للمواد البترولية بالاتحاد العام لغرف التجارة سابقاً حسام عرفات إن مصر قادرة على إدارة ملف استيراد الغاز من إسرائيل بكفاءة عبر الاعتماد على مسارين متوازيين يتمثلان في زيادة الإنتاج المحلي من جانب، واستيراد كميات ضخمة عبر اتفاقيات دولية من جانب آخر، مستفيدة من امتلاكها بنية تحتية متطورة تشمل أربع وحدات تغييز قادرة على استقبال الغاز من مختلف الأسواق العالمية، بشرط توافر السيولة الدولارية اللازمة للوفاء بالالتزامات المالية.
وأضاف عرفات أن مشروع الربط مع قبرص من المقرر أن يدخل حيز التنفيذ عام 2027 عبر خط أنابيب جاري إنشاؤه، مما سيسهم في توفير جزء من احتياجات السوق المحلية، وأوضح أن مدى قدرة هذا المشروع على تعويض الكميات المستوردة من إسرائيل يتوقف على حجم الإمدادات التي ستلتزم قبرص بتوريدها لمصر في إطار هذه الاتفاقية.