توسيع نطاق الرسوم التي فرضها ترامب على المعادن يهدد اتفاق التجارة مع الاتحاد الأوروبي

حثّ البرلمان الأوروبي على إعادة النظر في الاتفاق التجاري الموقّع بين الاتحاد الأوروبي والولايات المتحدة في يوليو الماضي بسبب مخاوف من انهيار الهدوء التجاري الهش، وذلك بعد أن تأثرت صناعة المعدات الأوروبية سلباً بتوسيع الولايات المتحدة لفرض الرسوم الجمركية على الصلب، وفقاً لصحيفة وول ستريت جورنال.
تعهّد الاتحاد الأوروبي بموجب الاتفاق بخفض الرسوم الجمركية على بعض السلع الأميركية، وهو شرط يتطلب تصويت البرلمان الأوروبي، بينما تفرض الولايات المتحدة رسوماً بنسبة 15% على معظم صادرات الاتحاد الأوروبي.
وقررت الإدارة الأمريكية توسيع نطاق الرسوم الجمركية البالغة 50% على المعادن لتشمل مئات المنتجات الأخرى التي تحتوي على الصلب والألومنيوم، ما فرض رسوماً أعلى من 15% على عدد كبير من الشركات الأوروبية.
تداعيات وتأثيرات وخطط البرلمان
وقال بيرترام كاولاث، رئيس الرابطة الألمانية لصناعة الهندسة الميكانيكية (VDMA)، في رسالة إلى رئيسة المفوضية الأوروبية أورسولا فون دير لاين نهاية أغسطس الماضي: “خضعت حوالي 30% من واردات الآلات الأميركية من الاتحاد الأوروبي لرسوم جمركية تصل إلى 50% على محتوى المعادن في المنتج”.
وقال بيرند لانج، السياسي الألماني ورئيس لجنة التجارة في البرلمان الأوروبي إنه “لا توجد ضمانات أو استقرار في اتفاق الولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي”، مضيفاً أنه يتوقع أن يطالب أعضاء البرلمان بتعديل مشروع القانون لإلغاء أو تخفيض الرسوم على بعض الواردات الأميركية، متسائلاً: لماذا يجب على الاتحاد الأوروبي فرض رسوم جمركية صفرية على الدراجات النارية الأميركية، بينما يدفع المنتجون الأوروبيون رسوماً تصل إلى 50% على الصلب والألومنيوم؟
ووافق بيرنارد كرون، رئيس مجموعة “كرون” التي تنتج معدات زراعية ومركبات تجارية، على هذا الرأي، قائلاً إنه “بعد أن وسّعت وزارة التجارة فرض الرسوم الجمركية على المعادن لتشمل مئات المنتجات المشتقة منها بداية من الشهر الماضي، أوقفت الشركة تصدير منتجاتها إلى الولايات المتحدة، كما توقفت عن إنتاج بعض المنتجات الموجهة للسوق الأميركية، وسرّحت 100 عامل”.
وتدرس شركة “كرون” إمكانية إعادة توجيه الشحنات التي أُرسلت إلى الولايات المتحدة إلى المكسيك وكندا.
وذكر ممثل الشركة أنه لا يعرف إن كان عملاء شركته مستعدين لدفع زيادة تتراوح بين 15% و50% في سعر الآلات أو قطع الغيار، مضيفاً أن الوضع “سيؤثر سلباً على مبيعات الشركة في السوق الأميركية على المدى البعيد”.
وتتأثر الشركات الأميركية أيضاً، إذ تمتلك شركة “جون دير” إحدى أكبر منافسي شركة كرون مصانع في مدينتي مانهايم وزفايبروك في ألمانيا، وبحسب مسؤولة العلاقات العامة بالشركة فإن حوالي 20% من إنتاجها في ألمانيا يتم تصديره إلى الولايات المتحدة.
وأضافت المسؤولة: “نعتمد على تخفيض تكاليف الإنتاج وتعزيز التعاون مع شركائنا في التوزيع للتخفيف من آثار رسوم الجم المه على الصلب. لا نخطط لنقل المصانع من ألمانيا إلى الولايات المتحدة”.
وتختلف الرسوم الجمركية المفروضة على المصدرين حالياً بحسب نسبة المعادن في المنتج؛ فمثلاً لآلة قيمتها مليون دولار وتبلغ نسبة المعادن من الصلب 20%، ستكون الرسوم 50% من 200 ألف دولار و15% من بقية القيمة، ليصل الإجمالي إلى 220 ألف دولار للمعدة الواحدة، أي ما يعادل 22% من قيمتها.
وصرّحت الولايات المتحدة أنها ستراجع قائمة الرسوم الجمركية على المعادن كل أربعة أشهر، ما يزيد من حالة عدم اليقين.
ويطالب اتحاد مصنعي المعدات الألمانية (VDMA)، حالياً، المفوضية الأوروبية بوضع سقف للرسوم الجمركية على المعدات لا يتجاوز 15%، كما هو الحال بالنسبة للسيارات، وأشباه الموصلات، والأدوية، والأخشاب.
ويقول ماروش شيفوفيتش، مسؤول التجارة في الاتحاد الأوروبي، إن الاتحاد “لا يشكل تهديداً لمنتجي الصلب الأميركيين، وأن كلا الاقتصادين يعانيان من الواردات الرخيصة من دول أخرى”، مضيفاً أنه يعلم أن الطرفين يعلمان بمشكلة الرسوم، لكنّه لا يجرؤ على التكهن بموعد حلها.
وبخلاف صناعة السيارات، فإن شركات تصنيع الآلات غالباً ما تكون صغيرة أو متوسطة الحجم ولا تمتلك قدرات إنتاجية كبيرة في الولايات المتحدة.
وبعد إعلان اتفاقية التجارة، صرّح مسؤولو الاتحاد الأوروبي أن الطرفين سيعملان على نظام حصص يسمح بدخول كمية معينة من الصلب والألومنيوم من الاتحاد الأوروبي إلى الولايات المتحدة برسم جمركي منخفض، لكن لم يكشف عن أي تقدم في هذه المفاوضات.