ثغرة مميتة: إسرائيل استغلت هواتف حراس قادة وعلماء إيران لاستهدافهم

تتبعت إسرائيل تحركات شخصيات إيرانية بارزة وقتلت بعضهم خلال حرب امتدت 12 يوماً عبر تعقب هواتف الحراس الأمنيين المرافقين لهم، وفق ما نقلت صحيفة نيويورك تايمز.
عقد المجلس الأعلى للأمن القومي الإيراني اجتماعاً طارئاً في 16 يونيو داخل مخبأ على عمق 30 متراً تحت منحدر جبلي غرب طهران، وحضره عدد محدود من كبار المسؤولين بينهم الرئيس مسعود بيزشكيان ورؤساء السلطة القضائية ووزارة الاستخبارات، جميعهم وصلوا في سيارات منفصلة ولم يحملوا هواتفهم المحمولة مدركين خطر التعقب.
أسقطت طائرات إسرائيلية ست قنابل فوق المخبأ بعد بدء الاجتماع مستهدفة مداخله ومخارجه، ولم يُقتل أي من القادة لكن قتِل بعض الحراس، وكُشفت لاحقاً ثغرة أمنية تمثلت في تمكن الاستخبارات الإسرائيلية من تحديد موقع الاجتماع عبر اختراق هواتف الحراس الذين كانوا ينتظرون خارج المخبأ.
أدت الاستخدامات غير الحذرة للهواتف المحمولة من قِبل الحراس، بما في ذلك نشرهم على منصات التواصل الاجتماعي، إلى تمكين الاستخبارات العسكرية الإسرائيلية من تعقب علماء نوويين وقادة عسكريين واستهدافهم بصواريخ وغارات جوية خلال الأسبوع الأول من الحرب.
قال النائب السابق للشؤون السياسية في مكتب الرئاسة ساسان كريمي إن القادة الكبار لم يكونوا يحملون هواتف لكن حراسهم وسائقيهم كانوا يحملونها، ما جعل كثيرين منهم عرضة للتعقب.
أشارت الصحيفة إلى أن هذه الثغرات تأتي ضمن حملة إسرائيلية طويلة الأمد اعتمدت على جواسيس وتقنيات لاختراق إيران، ما دفع طهران إلى تنفيذ حملات اعتقال واسعة داخل مؤسساتها العسكرية والحكومية؛ وأعدمت إيران العالم النووي روزبه وادي بعد إدانته بالتجسس لصالح إسرائيل ونقل معلومات عن عالم نووي قتلته إسرائيل في هجمات يونيو، كما اعتُقل أو وُضع تحت الإقامة الجبرية عشرات الأشخاص من مؤسسات الدولة بتهمة التعاون مع الموساد.
بدأت إسرائيل تتعقب علماء إيرانيين بارزين منذ نهاية 2022 ودرست اغتيالهم منذ أكتوبر ثم أجلت التنفيذ لتجنب صدام مع إدارة الرئيس الأميركي السابق جو بايدن، وقال مسؤولون إسرائيليون إن فريقاً أطلق عليه اسم “مجموعة قطع الرأس” راجع منذ نهاية 2024 ملفات 400 عالم وقلّص القائمة إلى 100 استناداً أساساً إلى مواد من الأرشيف النووي الإيراني الذي سرقه الموساد عام 2018.
وفق الرواية الإيرانية، قتلت إسرائيل 13 عالماً نووياً في الأيام الأولى للحرب، وفي موازاة ذلك كانت تُحضّر لعمليات تستهدف كبار المسؤولين العسكريين، مع أن قائد القوة الجو-فضائية في الحرس الثوري أمير علي حاجي زاده كان يُعتبر الهدف الأول.
ثغرة قاتلة
لطالما اشتبهت إيران في أن إسرائيل تتعقب كبار القادة والعلماء عبر هواتفهم، وبعد أن فجّرت إسرائيل العام الماضي آلاف أجهزة “بيجر” كانت بحوزة عناصر من حزب الله فرضت طهران حظراً على استخدام الهواتف الذكية ومنصات التواصل لعدد من المسؤولين الحساسين، لكن الحظر لم يشمل الحراس في البداية.
حذر محمد جواد أسدي قائد قوة “أنصار المهدي” المكلفة بحماية المسؤولين والعاملين في البرنامج النووي قبل شهر على اندلاع الحرب من خطر الاغتيالات وطلب اتخاذ احتياطات إضافية، ثم غُيّرت القواعد بعد موجة الاغتيالات الأولى فسمح للحراس فقط باستخدام أجهزة اتصال لاسلكية بينما سُمح لقادة الفرق الذين لا يرافقون المسؤولين بحمل الهواتف، لكن أحد الأشخاص انتهاك القاعدة وحمل هاتفاً إلى اجتماع مجلس الأمن القومي في 16 يونيو ما سمح بتنفيذ الضربة الدقيقة.
وصف محسن حاجي ميرزايي مدير مكتب بيزشكيان هجوم إسرائيل على الاجتماع بأنه “مخطط مدروس” لاغتيال الرئيس مشيراً إلى أن صاروخاً أحدث فجوة في الخرسانة مكنت الحاضرين من الهرب. وقال حمزة صفوي نجل المستشار الأعلى لمرشد إيران إن التفوق التكنولوجي الإسرائيلي يمثل تهديداً وجودياً لإيران وأن على البلاد إجراء مراجعة شاملة للأمن والبروتوكولات واعتقال ومحاكمة الجواسيس لأن “لا شيء أكثر إلحاحاً من سد هذه الثغرة”.