مع اقتراب تصويت الثقة على الحكومة، ماكرون محاصر بين ضغوط المعارضة وسخط الشارع

أشارت مجلة “بوليتيكو” إلى أن حلفاء الرئيس إيمانويل ماكرون يفتقرون إلى إجابات واضحة حول ما سيحصل بعد السقوط شبه المؤكد لحكومة رئيس الوزراء فرانسوا بايرو في تصويت الثقة المقرر في 8 سبتمبر، وأن أسماء سيباستيان لوكورنو وجيرالد دارمانان طُرحت كخلفين محتملين، مع تأكيد أن أي رئيس وزراء جديد سيجد نفسه عالقاً في نفس المستنقع السياسي.
يُعوق الانقسام العميق على الساحة السياسية تمرير الإصلاحات اللازمة لخفض العجز، رغم تحذيرات بايرو من أن الامتناع عن تنفيذ خطة تقشف بقيمة 43.8 مليار يورو قد يدفع فرنسا نحو أزمة ديون مشابهة لليونان، فيما تشعر الأسواق بالانزعاج من البطء في ضبط المالية العامة.
ساد صدمة بين المسؤولين المنتخبين والمستشارين في الأحزاب الداعمة للحكومة، وقال مستشار وزاري لصحيفة “بوليتيكو” مفضلاً عدم الكشف عن اسمه إن “ماكرون تلقى ضربة قاسية” محذراً من احتمال اندلاع مظاهرات واسعة قد تشل البلاد في غضون أيام قليلة، واصفاً الموقف بأنه أزمة سياسية واجتماعية قد تُشكّل تهديداً للنظام.
خلفاء محتملون
يبدو أن قصر الإليزيه لا يخطط لحلّ البرلمان والدعوة لانتخابات فورية، ويُدرس تكليف سيباستيان لوكورنو، السياسي الوسطي البالغ من العمر 39 عاماً، بتشكيل حكومة جديدة. كما يُطرح اسم وزير العدل جيرالد دارمانان الذي لطالما طمح لرئاسة الحكومة، لكن مقربين يقولون إنه لا يريد مهمة قد تُعدّ “انتحارية”.
انطلق لوكورنو ودارمانان من حزب “الجمهوريون” قبل الانضمام إلى تحالف ماكرون عام 2017، ويُنظر إلى لوكورنو كأقرب إلى الرئيس وأكثر طواعية، بينما يُعتبر دارمانان طموحاً ومستقلاً الرأي. ويُشير البعض إلى أن لوكورنو يتباهى بعلاقاته مع حزب “التجمع الوطني” بقيادة مارين لوبان، لكنه يواجه شكوكاً حول قدرته على الحصول على دعم كافٍ لتمرير ميزانية تقشفية كما فشل بايرو وسلفه في فعل ذلك.
يرى مستشار وزاري آخر أن لا سيناريو أو اسم جديد قادران على حل الأزمة في ظل برلمان منقسم، ويعتبر حزب “الجمهوريون” طرح اسم لوكورنو مؤشراً على رفض الرئيس الاعتراف بالهزيمة، بينما يحاول ماكرون رسم صورة تهدئة وتقليل خطورة الوضع علناً.
خيار الانتخابات المبكرة
يحمل خيار الدعوة لانتخابات مبكرة مخاطر كبيرة على ماكرون، لأن الانتخابات المفاجئة التي أعقبت الاقتراع الأوروبي الصيف الماضي أدخلت البلاد في المأزق الحالي، وتُظهر استطلاعات الرأي أن أي انتخابات جديدة قد تُفضي مجدداً إلى برلمان بلا أغلبية حاسمة، ما يعني أن فشل حل البرلمان سيجعل الخسارة تقع مباشرة على الرئيس. ومع ذلك لا يُستبعد الإليزيه هذا الخيار تماماً، ويظل الغموض جزءاً من استراتيجية ماكرون.
حتى فكرة تشكيل حكومة تكنوقراط من خبراء ستواجه عقبات كبيرة في برلمان تتداخل فيه حسابات الانتخابات البلدية المقبلة والاستحقاق الرئاسي عام 2027.
تُبقى خطة بايرو وفريقه محاولة لإقناع الرأي العام بأن الأوضاع تحت السيطرة، ويراهنون على أن تعيد مارين لوبان وحزبها حساباتهما خلال 48 ساعة، مع اعتماد فريق بايرو على إكمال مهمة ضبط المالية العامة لتجنب انتخابات تشريعية قد تقوّي نفوذ اليمين المتطرف، فيما يسعى بايرو للخروج من قصر ماتينيون مرفوع الرأس وسط حديث عن طموحات رئاسية مستقبلية.