اقتصاد

حذف صفرتين من الليرة السورية: خطوة اقتصادية أم قطيعة رمزية مع إرث الأسد؟

قرر مصرف سوريا المركزي حذف صفرين من العملة وطباعتها في روسيا، في خطوة تهدف إلى تجاوز إرث نظام الأسد وإعادة تكوين ثقة عامة بالمقابل النقدي، بينما لا يزال الخلاف مستمراً بين اقتصاديين حول النتائج الاقتصادية المحتملة لهذه الخطوة.

خطوة في مسار الإصلاح الاقتصادي

يرى الخبير مجد حميدي أن حذف الصفرين قرار محفوف بالمخاطر لكنه ضروري من منظور اقتصادي ونفسي، لأنه يسهل المعاملات ويعزز ثقة المواطنين والمستثمرين بالنظام المالي إذا صاحبته إصلاحات نقدية ومالية أوسع. ويشير حميدي إلى ضرورة سحب الأوراق النقدية القديمة من السوق خلال فترة قصيرة لا تتجاوز ثلاثة أشهر والحفاظ على استقلالية المصرف المركزي في تنفيذ السياسة النقدية. ويستشهد بنجاح تجربة تركيا عام 2005 عندما حذفت ستة أصفار ضمن حزمة إصلاحات مدروسة، كما يؤكد أن تكلفة طباعة العملة الجديدة مرتفعة وأن روسيا تملك خبرة وأمنية طباعة عالية تؤهلها للقيام بالمهمة.

ثمة ما يثير القلق

يحذر الخبير حبيب غانم من أن حذف الصفرين لن يقوّي الليرة أو يخفض التضخم إذا بقيت الأسباب الحقيقية للتدهور، مثل تمويل العجز وغياب الإنتاج الحقيقي، حاضرة. ويذكر غانم أمثلة لدول حذفت أصفاراً دون تحسّن حقيقي في مؤشرات الاقتصاد، مشيراً إلى أن الفائدة الحقيقية قد تقتصر على سهولة التداول وتأثير نفسي على المواطن. ويخشى غانم من هروب رؤوس الأموال إلى الدولار أو الذهب، ما قد يدفع سعر الصرف إلى قفزات كبيرة قد تصل إلى حدود 15000 ليرة للدولار الواحد. ويخلص غانم إلى أن السيناريو الأمثل هو طباعة عملة جديدة مع الحفاظ على قيمتها تجاه العملات الأجنبية فقط بعد انتعاش الإنتاج وجذب استثمارات حقيقية، مصحوبة باستقلالية المصرف المركزي وإصلاح شامل للقطاع المصرفي وتأمين الودائع وتطوير البنية الرقمية وتفعيل سوق دمشق للأوراق المالية لتحويل السوق المحلية إلى سوق إنتاجية تنافسية.

شهدت الليرة السورية انهيارات كبيرة خلال سنوات الصراع، ويتعهد النظام الحالي بإعادة الإعمار وجذب الاستثمارات وتحقيق الاستقرار السياسي والأمني، في حين تظل نتائج خطوة حذف الصفرين مرهونة بوجود سياسات اقتصادية شاملة ومصداقية في التنفيذ.

المصدر: RT

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى