اليونيفيل في جنوب لبنان: مراقبة أممية للانتهاكات دون تدخل مباشر

مدد مجلس الأمن الدولي تفويض قوة الأمم المتحدة المؤقتة في لبنان (اليونيفيل) لعام إضافي حتى نهاية 2026، بعد مرور نحو 45 عاماً على تأسيسها لمراقبة الحدود بين لبنان وإسرائيل، وتوسّع دورها في 2006 لمساعدة الجيش اللبناني على إبقاء جنوب البلاد خالياً من الأسلحة غير الحكومية.
خلفية وتوسيع التفويض
تأسست اليونيفيل عام 1978 وتُجدد مهمتها سنوياً، وتم توسيع صلاحياتها عقب حرب 2006 للسماح لها بدعم انتشار الجيش اللبناني في مناطق الجنوب. وكان من المقرر أن ينتهي التفويض الحالي في 31 أغسطس، قبل قرار التمديد الأخير.
الصلاحيات والمهام
يُحدد قرار مجلس الأمن رقم 1701 مهام اليونيفيل بموجب الفصل السادس من ميثاق الأمم المتحدة، ما يجعل قدرتها على استخدام القوة محصورة في الدفاع عن النفس فقط، ولا يمنحها صلاحية تنفيذ القرارات بالقوة ضد خروقات سواء من الجانب الإسرائيلي أو من داخل لبنان. ويرى منير شحادة، المنسق الحكومي اللبناني السابق مع البعثة، أن اليونيفيل تعمل كـ”عين دولية تراقب الاعتداءات فقط” وتقتصر مهمتها على الرصد وتسجيل الخروقات في ظل توازنات سياسية دقيقة.
التركيبة والجنود والخسائر
تتألف قوات اليونيفيل من نحو 11 ألف عنصر يمثلون 47 دولة، مع تقديم الوزن الأكبر تقليدياً من دول مثل إسبانيا وإيطاليا وفرنسا. وتشمل أكبر الدول مشاركةً في أغسطس 2025 كلّاً من إندونيسيا (1256 جندياً)، وإيطاليا (1193)، والهند (903)، وغانا (876)، ونيبال (877)، وماليزيا (830)، وفرنسا (747)، وإسبانيا (660)، والصين (484)، وإيرلندا (348). ومنذ تأسيسها حتى منتصف 2024 خسرت اليونيفيل 337 جندياً، مما يجعل لبنان الأثقل كلفة إنسانية بين عمليات حفظ السلام التابعة للأمم المتحدة.
مناطق الانتشار والخروقات
تنتشر قوات اليونيفيل أساساً في جنوب لبنان برياً وبحرياً وعلى الخط الأزرق، وتعمل على منع تهريب السلاح وتنتشر في مناطق مثل مزارع شبعا وقرية الغجر، ومقرها الرئيسي في الناقورة. ويُعتبر الخط الأزرق خطاً فاصلًا وليس حدوداً دولية، وهناك 13 نقطة متنازعاً عليها بين لبنان وإسرائيل، إضافة إلى 18 نقطة تعترف إسرائيل بأنها لبنانية لكنها ترفض الانسحاب منها. وسجلت اليونيفيل وما وثقته الجيش اللبناني والأمم المتحدة أكثر من 33 ألف خرق إسرائيلي منذ صدور قرار 1701 عام 2006 وحتى 7 أكتوبر 2023، شملت قصفاً ورصد طائرات مسيرة وتوغلات ودخول بوارج قرب السواحل.
آليات التواصل والتوقعات المستقبلية
تعقد اليونيفيل اجتماعات ثلاثية منتظمة في الناقورة لعرض الملاحظات ومحاولة معالجة بعض القضايا، لكن قضايا أخرى تظل عالقة. وينص مشروع قرار مجلس الأمن على وقف عمليات البعثة في 31 ديسمبر 2026 وبدء خفض عدد أفرادها وسحبهم منظماً وآمناً خلال عام واحد، بالتشاور الوثيق مع حكومة لبنان بهدف جعل الجيش اللبناني المسؤول الوحيد عن أمن الجنوب.
آراء ومخاوف حول الانسحاب
قال المتحدث الرسمي باسم اليونيفيل في لبنان أندريا تيننتي إن القوات ستبذل قصارى جهدها لدعم انتشار الجيش اللبناني في الجنوب، وأنه من المهم انسحاب الجيش الإسرائيلي من جميع مواقع في الجنوب. وحذّر تيننتي من أن الانسحاب الكامل قد يترك فراغاً يصعب التنبؤ به، مشدداً على هشاشة الوضع والحاجة إلى دعم المجتمع الدولي لتمكين الجيش اللبناني من الانتشار الكامل.
من جهة أخرى، تسعى إدارة الولايات المتحدة إلى إنهاء مهمة اليونيفيل وتقليص تمويلها، وأكدت السفيرة الأميركية بالوكالة لدى الأمم المتحدة أن واشنطن لن تدعم تمديد المهمة مجدداً، في حين تتهم إسرائيل اليونيفيل بالفشل في ردع “حزب الله” وتضغط لإنهاء مهمتها بعد تصاعد القتال في أكتوبر 2023. ويرى منير شحادة أن هناك مساعٍ لدى إسرائيل لاحتلال جنوب الليطاني وفرض منطقة عازلة وفتح قنوات مباشرة مع الجيش اللبناني بما قد يؤسس لما وصفه بـ”فرض التطبيع”.