إلغاء صفرين من الليرة السورية: مصلحة اقتصادية أم تمرد رمزي على إرث الأسد؟

تعتزم الحكومة السورية طباعة أوراق نقدية جديدة، وتشير تقارير إلى تفاهمات مع مؤسسة روسية متخصصة بينما نقلت تقارير أخرى عن نوايا للطباعة في الإمارات أو ألمانيا.

سعت السلطة الجديدة إلى قطع الصلة الرمزية مع إرث النظام السابق، إذ لا تزال الأوراق الحالية تحمل صور الأسد، ويُذكر أن طرح العملة الجديدة مرتبط بالذكرى السنوية الأولى لإطاحة الأسد حسب مصادر متداولة.

آراء الخبراء

يرى الخبير مجد حميدي أن حذف صفرين من العملة خطوة محفوفة بالمخاطر لكنها تدخل في سياق الإصلاح النقدي والاقتصادي الضروري، موضحاً أن ذلك يسهل المعاملات ويعزز ثقة المتعاملين ويساهم في استعادة بعض المصداقية للنظام المالي، لكنه يشدد على ضرورة وجود آلية دقيقة لسحب الأوراق النقدية القديمة في مدة لا تتجاوز ثلاثة أشهر والحفاظ على استقلالية المصرف المركزي أثناء عملية الاستبدال. واستشهد بحالة تركيا عام 2005 كنموذج لنجاح حذف الأصفار عندما رافقته شبكة واسعة من الإصلاحات النقدية والاقتصادية، واعتبر أن تكلفة الطباعة عالية وأن روسيا مرشحة للطباعة نظراً لتجربتها وتقنياتها الأمنية في هذا المجال، على رغم وجود قيود بسبب العقوبات الغربية.

من جهة أخرى يؤكد الخبير حبيب غانم أن حذف الصفرين لن يقوّي الليرة أو يحد من التضخم طالما استمرت سياسات تمويل العجز وغياب مقابل إنتاجي حقيقي، مشيراً إلى أمثلة فشلت فيها دول حذفت أصفاراً دون تحسن حقيقي في مؤشرات الاقتصاد، مثل التجربة الطويلة لفنزويلا. وحصر فائدة الخطوة في تسهيل التداول ومنحة نفسية للمواطنين دون أثر على القوة الشرائية، وحذر من خطر تحويل المواطنين أموالهم إلى دولارات أو ذهب، ما قد يرفع سعر الصرف إلى مستويات أسوأ قد تصل إلى حدود 15 ألف ليرة للدولار الواحد إذا تفاقمت المخاطر.

ورسم غانم السيناريو الأمثل بأن تطبع الورقة الجديدة مع الحفاظ على قيمة الليرة أمام العملات الأجنبية حتى تعود عجلة الإنتاج ويتدفق استثمار حقيقي، مشدداً على ضرورة استقلالية المصرف المركزي عن الضغوط السياسية أو الأمنية وإجراء إصلاح شامل للقطاع المصرفي يشجع الودائع ويضمن أمانها، بالإضافة إلى تطوير البنية الرقمية وتفعيل سوق دمشق للأوراق المالية وتحويل السوق المحلية إلى سوق إنتاجي حقيقي بدلاً من الريعي، حتى تسهم هذه الإجراءات في إعادة الليرة إلى قيمتها الحقيقية.