إسرائيل في مأزق بعد إتمام الصفقة الأضخم مع مصر

أثارت صفقة تصدير الغاز إلى مصر بقيمة 35 مليار دولار جدلاً كبيرًا في إسرائيل بين وزارة الطاقة ووزارة المالية حول كفاية الاحتياطيات المحلية وما إذا كان التصدير سيضر باستقلال البلاد في مجال الطاقة.
أوضحت لجنة ديان في سيناريوها المركزي أن الاحتياطيات الإسرائيلية قد تنتج حوالي 27 مليار متر مكعب سنويًا بحلول عام 2045، مقابل استهلاك متوقع يبلغ نحو 22 مليار متر مكعب سنويًا الذي يُتوقع أن يستقر قرابة عام 2040 مع توسع مصادر الطاقة المتجددة. هذا الفارق يبدو فائضًا لكنّه ضئيل وقد يستلزم إنشاء بنية تحتية للاستيراد والتخزين إذا أُغلقت منصات حفر أو حدث ارتفاع غير متوقع في الطلب، ما قد يقضي على حالة الاستقلال التام في الطاقة التي تتمتع بها إسرائيل الآن.
تؤكد وزارة الطاقة أن توقعات الطلب تُحدَّث بما يتوافق مع الاتجاهات العالمية وخصائص الاقتصاد، لكن وزارة المالية عبر قسم الميزانية خشيت من تقديرات اللجنة وطلبت تقييد الصادرات أكثر، مقترحة رفع التزام الاحتفاظ بالغاز للاقتصاد المحلي من 440 إلى 510 مليارات متر مكعب، وذلك لأن نمو الطاقات المتجددة لا يزال غير كافٍ والبنية التحتية لتخزين واستيراد الغاز لم تكتمل بعد.
عارض بعض الخبراء هذا التشدد، مثل كبير اقتصاديي شركة BDO تشين هيرزوج، الذي رفض تقدير وزارة الطاقة المحافظ للاحتياطيات (850 مليار متر مكعب) ويدعم تقديراً أكبر يبلغ 1040 مليار متر مكعب كما قدمت شركات الغاز في مراجعة مستقلة، معتبرًا أن افتراض عدم اكتشاف احتياطيات جديدة مبالغ فيه وأن هناك فرصًا لاكتشاف كميات إضافية قد تمتد لعشرات أو مئات مليارات الأمتار المكعبة حتى أواخر الخمسينيات.
يلعب تقدم الطاقة المتجددة دورًا حاسمًا؛ فهدف إسرائيل لعام 2030 هو أن يأتي 30% من الطاقة من مصادر متجددة، لكن إنتاج 2024 كان أقل من 15%، فيما افترضت لجنة ديان في سيناريوها المركزي وصول نسبة المتجددة إلى 18% عام 2030 و40% عام 2050، مع عوائق أساسية تتعلق ببناء بنية تحتية للكهرباء وصعوبات بيروقراطية في مؤسسات التخطيط.
أدى الاتفاق مع مصر أيضًا إلى تسريع تطوير بنية الإنتاج والتصدير، فحقل ليفياثان قادر حاليًا على إنتاج 12 مليار متر مكعب سنويًا ومن المتوقع أن يصل إلى نحو 21 مليار متر مكعب بحلول عام 2029، كما ستتوسع قدرة البنية التحتية للتصدير لتزويد مصر بأكثر من 20 مليار متر مكعب سنويًا مقابل حوالي 10 مليارات الآن. وسيُسهم بناء خط أنابيب “نيتسانا” المعلن عنه في 2023 في توفير سعة تصديرية أكبر، ومن المتوقع توقيع اتفاقات متصلة بقريبًا.
تُثير الصادرات أيضًا مخاوف تتعلق بالتنافس في السوق المحلية وأسعار الغاز. تشير توقعات اللجنة المشتركة للأسعار إلى انتقال محتمل من سوق فائض إلى سوق شحيح، ومع التزامات شركات مثل إنرجيان وتصدير ليفياثان لمعظم إنتاجهما، قد يبقى خزان تمار المورد الكبير المتاح لعقود جديدة في السوق المحلية، مما يضعه في موقع تنافسي يمكن أن يرفع الأسعار، لا سيما مع خطط بناء محطات غاز جديدة تتطلب عقودًا بحلول عام 2030. ومع ذلك، تنتهي عقود تصدير ليفياثان في أوائل الأربعينيات، وحينها يمكن توجيه إنتاجه إلى السوق المحلية لإعادة المنافسة.
تبقى اكتشافات الاحتياطيات الإضافية الأمل الأكبر لتحقيق توازن بين حماية السوق المحلية والاستفادة من أسعار التصدير. في آخر جولة تنافسية للاستكشاف قبل الحرب فازت مجموعة نيوميد بالشراكة مع سوكار وبي بي بترخيص البحث في “البلوك 1” ومن المتوقع أن يبدأ الاستكشاف الزلزالي النشط. أما المجموعة الثانية التي ضمّت ريشيو وإيني ودانا فلم تحصل بعد على الترخيص، ويعزى ذلك جزئيًا لمخاوف جيوسياسية حول الاستثمار في ظل تراجع المكانة الدولية لإسرائيل، وقد تُصادر تراخيص غير المستغلة بعد مدد مرتبطة بالحرب في غزة.
المصدر: غلوبس.