رغبة ترمب في إرسال قوات إلى أوكرانيا تصطدم بمعارضة الناخب الأوروبي

واجهت خطة إرسال آلاف الجنود الأوروبيين إلى أوكرانيا عقبة رئيسية تمثلت في تباين الرأي العام الأوروبي تجاه أي انتشار عسكري قد يعرض القوات للخطر.
مواقف دولية واقتراحات
أبدى الرئيس الأميركي السابق دونالد ترمب انفتاحاً على تقديم نوع من الضمانات الأمنية الأميركية لكييف، بعد أن اقترحت فرنسا وبريطانيا نشر “قوة طمأنة” في أوكرانيا عقب أي اتفاق سلام لمنع هجمات جديدة من روسيا.
رحب قادة فرنسيون وبريطانيون بفكرة نشر قوات لحماية البنى التحتية والمطارات بعيداً عن خطوط القتال، ووصفت فرنسا المهمة بأنها “تقديم دعم استراتيجي” لا مهام حفظ سلام أو حراسة حدود. وفي المقابل اشتدت الشروط البريطانية على أن تقدم الولايات المتحدة غطاءً عسكرياً للقوات البريطانية حال تعرضها لهجوم، مع بقاء قواعد الاشتباك ومسألة إطلاق النار على القوات الروسية غير محددة بوضوح.
تباين الرأي العام وتأثيره على القرار
أظهرت استطلاعات أن غالبية الرأي العام في عدة دول تعارض المشاركة العسكرية من دون اتفاق سلام واضح؛ ف56% من الألمان يعارضون مساهمة برلين في أي انتشار عسكري، وأظهرت استفتاءات في فرنسا أن 67% يؤيدون إرسال قوات فقط إذا توصلت كييف وموسكو إلى اتفاق سلام بينما يعارض 68% الفكرة في غياب اتفاق نهائي. وفي بولندا أبدى 58.5% معارضة “شديدة” لإرسال قوات، فيما قال 28% إن على بولندا “ألا” ترسل جنوداً.
وأشارت استطلاعات بريطانية إلى أن غالبية البريطانيين يرحبون بمهمة لحفظ السلام لكنهم لا يريدون الانجرار إلى مواجهة مباشرة مع روسيا، مما يجعل دعم أي مشاركة برية مشروطاً ومحدوداً.
القيود السياسية والعسكرية في أوروبا
قالت قيادات ألمانية إن مثل هذا الانتشار سيُرهق قدرات الجيش الذي يعمل على إنشاء لواء في ليتوانيا لحماية الجناح الشرقي للناتو، ولا يمكن إرسال قوات ألمانية خارج الحدود إلا بقرار برلماني يشوبه انقسام داخلي، إذ لا يملك الائتلاف الحاكم أغلبية كبيرة وتعترض أحزاب من اليمين المتطرف واليسار المتشدد على الفكرة. وأظهرت مؤسسة “إنسا” زيادة في المعارضة الألمانية مقارنة بالربيع الماضي.
أعرب شاب يعمل في برلين عن خشية فقدان القدرات الدفاعية الداخلية إذا انخرط الجيش في نشر خارجي، بينما تربط فرنسا تأييدها الشعبي بوجود اتفاق سلام نهائي وليس بمجرد وقف إطلاق نار.
تقليص الخطط وخلافات داخلية
كان هناك تصور أولي لنشر قوة حفظ سلام أوروبية قوامها 30 ألف جندي، إلا أن الخطط خُفّضت جزئياً بسبب نقص الأعداد خصوصاً في الجيش البريطاني، فباتت فرنسا وبريطانيا تخططان لإرسال ما بين 6 آلاف و10 آلاف جندي مع ميل بريطاني للتركيز على المجالين البحري والجوي وتقديم التدريب للقوات البرية الأوكرانية.
ثار جدل شعبي وسياسي معارضة من تيارات شعبوية داخل دول مثل إيطاليا، حيث شن زعيم حزب يميني هجوماً على فكرة إرسال قوات واعتبرها مخاطرة شخصية للقادة المؤيدين. ودعت دول الجناح الشرقي للناتو إلى الحفاظ على قواتها على الحدود ولا تقبل سحبها.
موقف بولندا والدول المساندة
رسمت بولندا خطاً أحمر بشأن إرسال قوات ضمن قوة أمنية مدعومة أميركياً، معتبرة أن المخاطر على دول الحدود أكبر وقد تؤدي المشاركة إلى تصعيد يتسرب إلى أراضيها، مما جعل الحرب قضية شديدة التسييس داخلياً بعد موجة الدعم والمساعدات الكبيرة في بدايات الصراع. وفي المقابل أبدت دول شمالية مثل هولندا والدنمارك وإستونيا استعدادها لإرسال قوات أو المشاركة بمهام محددة.