خبيران اقتصاديان يحددان شروط نجاح حذف صفرين من العملة السورية

قال الخبير الاقتصادي والمصرفي إبراهيم قوشجي إن حذف صفرين من العملة يعزز نفسياً ثقة المواطنين بالليرة إذا ترافقت هذه الخطوة مع إصلاحات اقتصادية وإعلامية ممنهجة كما حدث في تجارب مثل تركيا والبرازيل.
أوضح أن حذف الأصفار لا يغير القيمة الحقيقية للنقود، فمثلاً تحويل عشرة آلاف ليرة إلى مئة ليرة جديدة لا يغير القوة الشرائية، لكنه يسهل العمليات الحسابية ويقلل الأخطاء في الفوترة والمحاسبة والتسعير في المؤسسات العامة والخاصة.
أشار قوشجي إلى أن التدرج والتنظيم في استبدال العملة يعززان الثقة في التعاملات المصرفية والمالية، بينما تظهر تجارب مثل زيمبابوي مخاطر غياب التخطيط والإدارة المتزنة.
نوَّه بأن حذف الأصفار لا يعالج التضخم الهيكلي مباشرة لكنه يمهّد لتفعيل أدوات السياسة النقدية بكفاءة أكبر، ويعزز استقلالية المصرف المركزي ويعيد ضبط السيولة مما يساهم في استقرار الأسعار، واصفاً خطوة حذف صفرين من العملة السورية بأنها خطوة استراتيجية نحو إصلاح نقدي شامل تستعيد كفاءة النظام النقدي والثقة بالليرة وتحفّز النمو الاقتصادي.
رأي أكاديمي
قال أستاذ الاقتصاد المالي والنقدي ياسر المشعل إن حذف صفرين قد يبدو لبعض الناس جريئاً وطال انتظاره، بينما يراه آخرون حلّاً شكلياً يهدف إلى “تجميل” العملة دون معالجة الجذور الاقتصادية للمشكلة.
أضاف أن للحذف مكاسب نفسية مباشرة، إذ سيشعر المواطن براحة عند التعامل بمئات أو عشرات ليرات بدلاً من الملايين، كما سيبسط العمليات المحاسبية ويقلّل الضغط عن أنظمة الدفع والبرمجيات المصرفية.
ذكر المشعل أن دولاً سبقت سوريا في إعادة هيكلة عملاتٍ لها نتائج متفاوتة، واستشهد بتجربة تركيا عام 2005 التي حُذفت فيها أصفار عدة واستعادت الثقة بالليرة بفضل إصلاحات اقتصادية واسعة وضبط العجز المالي ونمو قوي، موضحاً أن النجاح لم يأتِ بسبب حذف الأصفار وحده.
أكد أن حذف الأصفار يمكن أن يدعم الإصلاح الاقتصادي إذا أُدرج ضمن برنامج متكامل، وإلا فسيبقى مجرد رقم إضافي في سجل الأزمات، وأن سوريا تواجه تحديات هائلة تشمل تضخماً متسارعاً وضعفاً في الإنتاج المحلي وصعوبات في تأمين المواد الأولية وتراجع ثقة الجمهور بالقطاع المصرفي، مما يجعل الحذف وحده غير كافٍ.
رأى المشعل أن إعادة هيكلة العملة تتطلب إطاراً اقتصادياً متكاملاً يشمل إصلاح السياسة النقدية وضبط الكتلة النقدية وربط الإصدار بالنمو الفعلي للإنتاج، إلى جانب تعزيز القطاعات الإنتاجية كالزراعة والصناعة لمعالجة بطء النمو وتوفير فرص عمل، ومعالجة العجز المالي عبر تحسين الإيرادات الضريبية وتقليل الهدر.
ختم المشعل بالدعوة إلى استعادة الثقة بالمصارف عبر حماية الودائع وتبني سياسات شفافة تشجع المواطنين على إعادة أموالهم إلى الدورة المصرفية، وتأمين بيئة استثمارية آمنة بفتح المجال أمام القطاع الخاص والاستثمارات الأجنبية مع ضمانات قانونية واضحة.
المصدر: سانا