اقتصاد

الليرة السورية تسجّل مزيداً من التراجع… هل لذلك علاقة بزيادة الرواتب؟

تستمر العوامل الدافعة إلى اضطراب الليرة السورية وترتبط بشكل عضوي بآثار الأزمة الاقتصادية الناتجة عن سنوات الحرب الطويلة والعقوبات الاقتصادية وغياب دورة إنتاج حقيقي.

قدمت الحكومة مؤخراً سلسلة قرارات ضمن شبكة أمان اجتماعي، أبرزها رفع الرواتب بنسبة 200%، لكن هذه الإجراءات اقتصاديةً لم تُغطّ بخطة إنتاجية حقيقية أو بتدفُّق صادرات يكافئ حجم الاستيراد، فتمت مضخة كتل نقدية كبيرة إلى السوق من دون زيادة في العرض المحلي للسلع.

يرى الخبير الاقتصادي حبيب غانم أن الزيادة في الرواتب، وإن كانت ضرورية اجتماعياً لدرء الفقر، فقد أدت إلى تدهور قيمة الليرة لأنها ضخت سيولة دون تغطية إنتاجية أو سياسات نقدية مضبوطة، ما رفع الطلب على العملات الأجنبية. ويدلل على ذلك أرقام رسمية تفيد دخول نحو 1800 شاحنة محملة ببضائع من تركيا مقابل خروج حوالى 150 شاحنة من سوريا، ما يعكس عجز الصادرات عن تغطية فاتورة الاستيراد واستنزاف احتياطي القطع الأجنبي.

أدى فرط السيولة في السوق وغياب المنتج المحلي إلى تضخم واضح وزيادة الإنفاق الاستهلاكي على حساب المعروض المحلي، ما فتح الباب أمام المزيد من الاستيراد واستنزاف الدولار، وبالتالي تراجع القدرة الشرائية للمواطنين واحتمال أن يطغى ارتفاع الأسعار على أثر الزيادة في الرواتب خلال المدى القصير.

يحذر الخبير حسن ديب من أن بوادر النكوص ظهرت في ارتفاع مؤشر التضخم مع قفزات يومية في أسعار المواد الغذائية والمحروقات والسلع الأساسية، ويشدد على أن غياب سياسة نقدية صارمة ورقابة فعلية على الأسواق يجعل الزيادة بلا جدوى إذا لم تقترن بزيادة الإنتاج وردم الفجوة بين الاستيراد والتصدير.

شهد سعر صرف الدولار ارتفاعاً ملحوظاً في السوق غير الرسمية بينما أبقى مصرف سوريا المركزي السعر شبه ثابت عند نحو 11 ألف ليرة للشراء و11,055 للمبيع، ويتوقع خبراء أن يصل الدولار إلى حدود 12 ألف ليرة ما لم تُعتمد سياسات تعيد التوازن بين الكتلة النقدية والإنتاج وتجذب استثمارات حقيقية بمليارات الدولارات.

تظل الأوضاع ضبابية لجهة رفع العقوبات وعودة تدفُّق الاستثمارات، إذ قد يؤثر أي قرار دولي أو إقليمي على قدرة الليرة على الصمود، وبالتالي على حزمة الإصلاحات الاقتصادية والمالية المنتظرة.

عملة جديدة وخطوات إجرائية

تسعى السلطات لإصدار أوراق نقدية بديلة وحذف صفرين من العملة بهدف استعادة الثقة بالليرة، وقد اتفقت سورية مع شركة “غوزناك” الروسية على طباعة الأوراق خلال زيارة وفد سوري إلى موسكو أواخر تموز، ولم تستجب الشركة لطلبات تعليق الطباعة، بينما يبقى من غير الواضح ما إذا كانت إعادة تقييم العملة ستتطلب توافقاً تشريعياً قبيل إجراء الانتخابات لتشكيل مجلس تشريعي المقررة في أيلول المقبل.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى