اخبار سياسية

بين التقسيم والتبعية… هل بات سيناريو إنهاء حرب أوكرانيا وشيكًا؟

اختتمت قمة الرئيس الأميركي دونالد ترمب ونظيره الروسي فلاديمير بوتين في ألاسكا دون اختراق دبلوماسي، ولا يزال السلام في أوكرانيا بعيد المنال، لكن بدأت تتبلور ملامح سيناريوهين محتملين لنهاية الحرب.

رفض بوتين الدعوات الأميركية والأوروبية لوقف إطلاق النار يجمّد خطوط المواجهة ويفتح طريقاً للمفاوضات حول السيطرة على الأراضي وضمانات أمن كييف، وقال إن التسوية المستدامة تتطلب معالجة “الأسباب الجذرية” للأزمة وأخذ المخاوف الروسية بعين الاعتبار وإعادة توازن الأمن في أوروبا والعالم. بدلاً من ذلك، حمّل موسكو القرار بمواصلة الحرب حتى ترى استعداد أوكرانيا والغرب لتلبية أهداف روسيا الجيوسياسية الأوسع.

فشلت روسيا في تحقيق سيطرة كاملة على كييف، ويبدو أن هذا الهدف بات صعب التحقيق، بينما يواصل الدفاع الأوكراني التقليص من التقدّم الروسي لكن بتكلفة كبيرة، وتراجعت آمال طرد القوات الروسية تماماً بسبب إرهاق الجيش الأوكراني ونقص الموارد.

التقسيم مع الحماية

تعترف القيادة الأوكرانية بهدوء بأنها لا تملك القوة لاستعادة الحدود كاملةً، ويبدو أن الرئيس زيلينسكي مستعد لمناقشة قضية الأراضي بعد التوصل إلى وقف لإطلاق النار يجمّد الوضع. ترفض كييف والدول الأوروبية الاعتراف قانونياً بالمكاسب الروسية لتجنب تشجيع المزيد من الغزو، لكنها قد تقبل التعايش مع واقع سيطرة روسيا فعلياً على نحو خُمس مساحة أوكرانيا. الكرملين من جهته يطالب بانسحاب أوكرانيا من مناطق يدّعي أنها روسية حتى تلك الخاضعة لسيطرة كييف في دونيتسك.

تسعى أوكرانيا وحلفاؤها الأوروبيون لضمان أمن وسيادة الجزء المتبقي عبر تعزيز قدرات دفاعية ومساعدات أمنية غربية، ويبحث “تحالف الراغبين” بقيادة بريطانيا وفرنسا عن نشر قوات رادعة في كييف، مع أمل بأن تنضم الولايات المتحدة إلى هذه الضمانات، رغم غموض دور واشنطن. هذا السيناريو يشبه نهاية الحرب الكورية عام 1953 التي تركت شبه جزيرة منقسمة لكن الجنوب محمياً بوجود قوات حليفة.

بالنسبة لبوتين، سيناريو الاحتفاظ بحوالي 20% من الأراضي مع بقاء أوكرانيا ذات سيادة سيعد فشلاً تاريخياً لأنه سيخسر كثيراً من نفوذه، وقد يدفعه فقط الخوف من آثار اقتصادية وسياسية داخلية أو تشديد عقوبات تهدّد الاستقرار، لكن معظم المراقبين لا يرون مؤشرات قوية على تراجع روسي فوري. من المزايا المقترحة لتقوية الضغوط الاقتصادية إجراءات تستهدف عائدات النفط والمعاملات المصرفية وأساطيل ناقلات النفط، مع الإقرار أن تأثير مثل هذه الإجراءات لا يظهر بسرعة.

التقسيم مع التبعية

تطالب موسكو منذ بداية الغزو بتقليص الجيش الأوكراني وتقييد تسليحه وتغيير النظام السياسي وسياسات اللغة والهوية، والخطر الأكبر هو أن يصبح ما تبقّى من أوكرانيا غير قادر على مقاومة غزو ثالث فيُجبر على القبول بإملاءات موسكو ويصبح بمثابة محمية روسية. تستطيع روسيا فرض هذا السيناريو فقط بتحقيق نصر ساحق على الأرض، لكن التقدم الروسي محدود حتى الآن، والهدف الروسي الرئيسي قد يكون استنزاف الجيش والأرادة الأوكرانية.

بعد أكثر من ثلاث سنوات ونصف من الحرب، يعاني الجنود الأوكرانيون من التعب ونقص الأعداد وتذمّر داخلي تجاه القيادة، ومع ذلك يواصلون المقاومة. كما أن طبيعة الحرب الحديثة، مع دور الطائرات المسيّرة والقدرات الدفاعية المتطورة، تمنح ميزة للدفاع على الهجوم.

لا يتوقع خبراء مثل مايكل كوفمان انهيار الجيش الأوكراني الكامل، لكنهم يحذرون من أن فشل كييف في حل مشكلات التجنيد وإدارة القوات قد يؤدي إلى إضعافها تدريجياً. رغم تفوق روسيا في السكان والموارد، أثبتت أوكرانيا قدرتها على التكيّف والصمود، وما زالت قادرة حتى الآن على إطالة أمد مقاومتها وإبقاء نتائج الحرب مفتوحة.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى