ديميتري ميدفيديف.. “الظلّ البوتيني” في مواجهة “السجال النووي” مع ترمب

ديميتري ميدفيديف: من الإصلاح إلى المواجهة
لم يكن ديميتري ميدفيديف، نائب رئيس مجلس الأمن الروسي، بحاجة إلى منصب أرفع لإثارة الجدل الدولي، ففي أيام قليلة، دخل في سجال “نووي إعلامي” مع الرئيس الأميركي السابق دونالد ترمب، بعد أن وجه تهديداً باستخدام النظام النووي السوفيتي السابق، في مقابل رد سريع من ترمب بنشر غواصتين نوويتين ووصف تهديد ميدفيديف بأنه “فاشل”.
عودة التصعيد ورفض التراجع
كان ميدفيديف يُنظر إليه سابقاً كرمز للإصلاح الهادئ في روسيا، إلا أنه عاد إلى الواجهة بنبرة حادة تعكس أجواء الحرب الباردة، حيث أصبح أحد الأصوات الصارخة التي تدافع عن كرامة روسيا في أوكرانيا، والحنين لمجد إمبراطوري مضى.
سيرة حياة ومهام سياسية
- الميلاد والتعليم: وُلد في 14 سبتمبر 1965 بمدينة لينينجراد (سانت بطرسبرج حالياً)، وتخرج في كلية الحقوق بجامعة لينينجراد عام 1987 وحصل على دكتوراه في القانون.
- البداية المهنية: عمل محاضراً في الجامعة وارتبط بعلاقات وثيقة مع شخصيات بارزة، من بينها فلاديمير بوتين.
- الصعود السياسي: بدأ كمستشار قانوني في رئاسة الجمهورية، ثم تقلد مناصب مرموقة مثل نائب رئيس ديوان الرئاسة، ورئيس شركة “غازبروم”، ونائب أول لرئيس الوزراء.
- رئاسة روسيا: تولى الرئاسة عام 2008، وهو أصغر رئيس منذ نهاية الحقبة السوفيتية، وسعى إلى تحديث الاقتصاد وتوسيع الحريات الرقمية، لكنه واجه محدودية في الإصلاحات السياسية واستمرارية النظام القائم على شخصنة الحكم.
مرحلة الاعتياد على السلطة والتغيير التدريجي
بعد عودته إلى الرئاسة عام 2012، تولى بوتين حكم البلاد من خلف الكواليس، فيما بقي ميدفيديف في منصب رئيس الوزراء حتى 2020، خلال فترة تخللتها أزمات مثل فرض العقوبات الدولية، وتراجع أسعار النفط، وتصاعد المشهد الداخلي من حيث مستويات المعيشة والفساد.
مواقفه بعد 2022 والتصعيد الأخير
بعد الغزو الروسي لأوكرانيا في فبراير 2022، أظهر ميدفيديف وجهاً أكثر حدة، حيث دعم مواقف أكثر تصعيداً تجاه الغرب، داعياً إلى تشديد الإجراءات واعتبارها “دفاعاً عن روسيا”. ويُرجع بعض المحللين هذا التحول إلى محاولة لتأكيد حضوره السياسي أو التخلص من صورته السابقة كرئيس إصلاحي معتدل.
مميزات شخصيته ودوره الحالي
- يُعرف بشغفه بالتكنولوجيا والروك الكلاسيكي، ويتميز بصورة التكنوقراطي أكثر منه زعيماً شعبوياً.
- على الرغم من خروجه من الموقع التنفيذي المباشر، إلا أن دوره في مجلس الأمن وخطابه السياسي الحاد يعكسان استمرار نفوذه، رغم عدم مشاركته المباشرة في صانعي القرارات الاستراتيجية.
خلاصة
يظل ميدفيديف شخصية محكومة بسقف المنظومة التي نشأ فيها، حيث تتقاطع سيرته مع التحولات الكبرى في روسيا، من دولة ما بعد السوفيت إلى مركز قوة مركزي، حيث لا دائماً يكون المنصب هو المعيار الحقيقي للنفوذ.