صحة

باحثون يكشفون عن التركيب الوراثي وراء ظاهرة التلعثم

اكتشاف أسرار الوراثة وراء اضطراب التلعثم

كشف فريق من الباحثين بقيادة مركز فاندربيلت الطبي في الولايات المتحدة عن البنية الوراثية التي تكمن وراء اضطراب التلعثم، المعروف طبياً بـ”اضطراب الطلاقة في الكلام”. جاءت نتائج الدراسة، التي نُشرت في دورية نيتشر جيناتكس، متميزة لأنها تعتمد على بيانات جينية لأكثر من مليون شخص، وتعد الأكبر من نوعها حتى الآن في مجال دراسة هذا الاضطراب. على الرغم من أن التلعثم يعد أحد أكثر اضطرابات الطلاقة شيوعاً، إلا أن أسبابه ظلّت مجهولة لعدة عقود.

مفهوم التلعثم وأهميته

ما هو التلعثم؟

هو اضطراب يظهر على شكل تكرار المقاطع أو الكلمات، أو إطالة الأصوات، أو التوقف المفاجئ أثناء الحديث. يُصاحبه أحياناً توتر عضلي في الوجه أو الجسم، وتغيرات في تعابير الوجه وحركات لا إرادية مثل رمش العين أو إيماءة الرأس.

تأثير التلعثم على حياة المصابين

يتسبب التلعثم في معاناة نفسية واجتماعية، حيث يؤثر على ثقة الفرد بنفسه وقدرته على التواصل، ويؤدي أحياناً إلى الشعور بالاحباط أو تجنب الأنشطة الاجتماعية والمهنية.

أنواع وأسباب التلعثم

  • التلعثم النمائي: شائع لدى الأطفال من عمر سنتين إلى 5 سنوات ويختفي غالباً مع النمو.
  • التلعثم العصبي المنشأ: قد ينتج عن إصابات في الدماغ مثل السكتات.
  • التلعثم النفسي المنشأ: يظهر بعد صدمات نفسية نادرة.

وتلعب العوامل الوراثية دوراً رئيسياً، حيث يظهر التلعثم غالباً في العائلات. كما أن التوتر والضغط العاطفي قد يساهمان في تفاقم الحالة.

التشخيص والعلاج

كيفية التشخيص

يتم عبر اختصاصي أمراض النطق واللغة من خلال تقييم الكلام في مواقف مختلفة واستعراض التاريخ الطبي للحالة وأثرها على حياة الفرد.

طرق العلاج

  • معالجة النطق: تعليم التحدث ببطء وتركيز لتحسين الطلاقة.
  • أجهزة إلكترونية: تساعد على ضبط الإيقاع الصوتي أثناء الكلام.
  • العلاج السلوكي المعرفي: لمعالجة القلق والتوتر المرتبطين بالتلعثم.
  • الدعم الأسري: دعم الأهل عنصر أساسي بخاصة لعلاج الأطفال.

رغم الدراسات التي أجريت، لم تثبت أي أدوية حتى الآن فعاليتها في علاج التلعثم بشكل مباشر.

المنظور الوراثي وآخر الاكتشافات

دور الجينات في التلعثم

أظهرت الدراسة أن هناك 57 موقعاً جينياً مرتبطاً بالتلعثم، تنتمي إلى 48 جيناً، مع تداخل وراثي مع سمات أخرى مثل التوحد والاكتئاب والقدرة الموسيقية، مبرزةً وجود مسارات عصبية مشتركة تشكل أساساً بيولوجياً معقداً لهذه الصفات.

الجينات المرتبطة بالتلعثم

الجين الأكثر ارتباطاً لدى الذكور هو VRK2، الذي يُنتج إنزيم كيناز يلعب دوراً في تنظيم العمليات الحيوية داخل الخلية، مثل انقسام الخلايا ونمو الدماغ، ويتواجد على الكروموسوم السادس. يُعزز فهم وظيفة هذا الجين آفاق تطوير علاجات موجهة للأمراض العصبية والنفسية المرتبطة به، بما فيها اضطرابات التواصل.

الخلاصة والأهداف المستقبلية

تؤكد النتائج أن التلعثم حالة معقدة تبدأ من الجينات والأنظمة العصبية، وليس ناتجاً عن الفشل الشخصي أو التربية. يطمح الباحثون إلى استخدام هذه الدراسات في تطوير مؤشرات مبكرة للكشف عن الأطفال المعرضين للتلعثم، وتقديم الدعم المناسب لهم، بالإضافة إلى تصحيح المفاهيم الخاطئة التي تربط بين التلعثم والضعف الذهني أو الشخصي.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى