باحثون يكشفون عن التركيبة الوراثية الأساسية وراء التلعثم

اكتشاف الجينات المرتبطة باضطراب التلعثم بواسطة مركز فاندربيلت الطبي
تم الكشف مؤخراً عن البنية الوراثية الكامنة وراء اضطراب التلعثم، وذلك بفضل فريق بحثي بقيادة مركز فاندربيلت الطبي في الولايات المتحدة. جاءت نتائج الدراسة المنشورة في مجلة نيتشر جيناتكس لتقدم أول أدلة جينية شاملة لهذا الاضطراب، مستندة إلى بيانات جينية لأكثر من مليون شخص.
مقدمة عن التلعثم وأهميته العلمية
على الرغم من أن التلعثم يُعدّ من أكثر اضطرابات الطلاقة شيوعًا، إلا أن أسبابه كانت غير واضحة لوقت طويل. يُعرف التلعثم بحدوث تكرار المقاطع أو الكلمات، وإطالة الأصوات، والتوقف المفاجئ أثناء الحديث، مما يؤدي إلى تبعات نفسية واجتماعية كبيرة خاصة في مراحل الطفولة والمراهقة.
تفاصيل الدراسة والنتائج الرئيسية
- اعتمدت الدراسة على تحليل بيانات من شركة 23andMe، شملت أكثر من 99 ألف شخص مصاب بالتلعثم وأكثر من مليون شخص غير مصاب.
- تم تحديد 57 موقعًا جينيًا مرتبطًا بالتلعثم، تتوزع على 48 جينًا مختلفًا.
- أظهرت النتائج تداخلًا وراثيًا بين التلعثم وسمات أخرى مثل التوحد والاكتئاب والقدرة الموسيقية، ما يشير إلى وجود مسارات عصبية مشتركة.
عمر الانتشار والتعافي
يبدأ التلعثم عادةً بين عمر 2 إلى 5 سنوات في كلا الجنسين، وتتراوح نسبة التعافي التلقائي أو عبر العلاج بين 80-85%، وتكون نسبة الشفاء أعلى لدى الإناث. ومع ذلك، يبقى التلعثم مشكلة مستمرة لدى البالغين بنسبة أعلى من الذكور بمعدل 4 إلى 1.
أنواع التلعثم وأسبابه
- التلعثم النمائي: شائع في الطفولة ويختفي غالبًا مع النمو.
- التلعثم العصبي المنشأ: نتيجة لإصابات الدماغ مثل السكتة الدماغية.
- التلعثم النفسي المنشأ: يظهر بعد صدمات نفسية نادرة.
- العوامل الوراثية تلعب دورًا هامًا، وغالبًا ما يظهر في العائلات.
الأعراض والعوامل المؤثرة
- الأعراض الأساسية تشمل تكرار الأصوات، التوقف قبل أو أثناء الكلام، واستخدام أصوات حشو، وتوتر عضلي، وتغيرات غير إرادية في تعابير الوجه.
- المدة التي تستمر فيها الحالة، والتأثير على الأداء الاجتماعي أو المدرسي، وبدء الحالة بعد البلوغ، عوامل حاسمة في تحديد وجود مشكلة.
- العوامل التي تؤثر تشمل الجنس، وجود تاريخ عائلي، اضطرابات نمائية، والضغط النفسي.
المضاعفات والتشخيص والعلاج
- الأثر النفسي والاجتماعي قد يشمل فقدان الثقة بالنفس، وتجنب الكلام، والتنمر، وتراجع الأداء الدراسي أو المهني.
- يتم التشخيص بواسطة أخصائي نطق ولغة بتقييم الكلام، التاريخ، وتأثير الحالة على الحياة اليومية.
- علاج التلعثم يتضمن تقنيات تنطق بطريقة بطيئة، أجهزة إلكترونية، علاج سلوكي معرفي، ودعم من أفراد الأسرة.
- لا توجد حتى الآن أدوية فعالة، والأبحاث جارية لتطوير علاجات موجهة.
الجينات والبحوث المستقبلية
ركزت الدراسة على الجينات المرتبطة بالتلعثم، لا سيما جين VRK2، الذي يلعب دورًا في تنظيم أنزيمات مهمة لنمو الدماغ والوظائف العصبية. يُعتقد أن هذا الجين قد يساهم في اضطرابات عصبية ونفسية أخرى مثل الفصام والاكتئاب، عبر تأثيره على التواصل العصبي وتنظيم الالتهابات في الدماغ.
التفاهمات الجديدة تشير إلى وجود بنية جينية مشتركة تحكم وظائف معرفية عالية مثل اللغة والموسيقى، مما يعزز من قدراتنا على تطوير مؤشرات للكشف المبكر عن المعرضين للتلعثم وتقديم الدعم المناسب لهم مبكرًا.
خلاصة
باختصار، تُعد هذه الدراسة خطوة مهمة في فهم الأسباب الوراثية لاضطراب التلعثم، مما قد يفتح أبوابًا لعلاجات جديدة ويساعد في تصحيح المفاهيم الخاطئة المرتبطة به، مع تقديم أمل أكبر للأشخاص المصابين وعائلاتهم.