اخبار سياسية

الشيباني في الكرملين.. كيف يفتتح دمشق وموسكو فصلاً جديدًا في علاقاتهما؟

زيارة وزير الخارجية السوري إلى موسكو وتبعاتها على العلاقات بين البلدين

شهدت موسكو استقبالاً رسمياً لزيارة وزير الخارجية السوري أسعد الشيباني على رأس وفد عالي المستوى، مما أطلق مساراً جديداً لمرحلة تطبيع العلاقات بين موسكو ودمشق. جاء هذا الحدث في ظل توافد التحليلات والتوقعات حول أبعاد هذه الزيارة وتأثيرها المحتمل على مستقبل التعاون بين البلدين.

تداعيات الاستقبال والتوقعات المستقبلية

  • الاستقبال الدافئ وغير المسبوق لأول مسؤول سوري يزور الكرملين منذ الإطاحة برئيس النظام السابق بشار الأسد، يفتح الباب أمام تساؤلات حول مستقبل العلاقات الروسية السورية والدور الذي قد تلعبه موسكو في سوريا الجديدة.
  • رغم إرث الدعم المقدم موسكو لحليفها السابق، إلا أن نجاح الزيارة في إطلاق خطوات عملية مثل تشكيل لجنة مشتركة لمراجعة الاتفاقات السابقة، وتحديد آليات لبناء تعاون جديد، يعكس رغبة كلا الطرفين في تجاوز ماضي العلاقات السلبي.
  • موسكو ودمشق تجدنان أنفسهما في لحظة تقاطع مصالح قد تتيح فرصة لإعادة ترتيب الأفق المستقبلي للعلاقة بينهما.

مقدمات وتحضيرات الزيارة

  • اهتمت موسكو بشكل كبير بنجاح الزيارة التي تأخرت بعض الشيء رغم الدعوة الموجهة إلى الشيباني منذ مايو، وهو ما يعكس حرص الجانب الروسي على تفعيل علاقاته مع دمشق.
  • شهدت الأوساط الروسية خلال الفترة السابقة بعض الاستياء بعد تجاهل القيادة السورية الدعوات والرسائل الإيجابية، منها دعوة وزير الخارجية، والرسالة التي أرسلها الرئيس بوتين إلى نظيره السوري في مارس، مؤكداً فيها استعداد روسيا لتطوير تعاون واسع مع دمشق.
  • موسكو تابعت بقلق التطورات الأمنية والعسكرية في سوريا منذ بداية العام، خاصة أحداث الساحل، والفوضى الأمنية، والتدخل الإسرائيلي، والتي دفعت السلطات السورية إلى السعي للانفتاح على موسكو بشكل أكبر.

فهم دبلوماسي وتأثيرات الزيارة

  • تشير التقديرات إلى أن الهدف الرئيسي من الزيارة هو بناء علاقة استراتيجية جديدة تضمن مصالح الطرفين، مع العمل على مراجعة الاتفاقات السابقة وتحديد مكان وجود روسيا في سوريا، خاصة في ضوء المتغيرات الميدانية والجغرافية.
  • من بين الخيارات المطروحة، تقليص الوجود العسكري الروسي في سوريا، مع الاكتفاء بقاعدة طرطوس البحرية، وإعادة النظر في وضع قاعدة حميميم الجوية، والتي أصبحت أقل استخداماً مع نقل المعدات الثقيلة إلى الشمال الشرقي.
  • تعمل موسكو أيضاً على دعم جهود إعادة الإعمار، وطرح مبادرات لتحسين الوضع الاقتصادي، وتخفيف العقوبات، وبالتالي ترسيخ حضورها كمساعد للشعب السوري بعيداً عن الصورة السابقة كراعٍ حصري للسلطة.

دعم سياسي وتوازن في العلاقات الدولية

  • تسعى موسكو لتعزيز علاقاتها السياسية مع دمشق في ظل الحاجة إلى توازن مع التحديات الإسرائيلية والضغوط الغربية، مع الأخذ بعين الاعتبار أن الحذر يسيطر على الموقف الروسي، خاصة في سياق رغبة دمشق في ضمان دعم موسكو لموقفها الدولي والإقليمي.
  • أجرى بوتين اتصالاً مع رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو قبل الزيارة، أكد خلاله التزام موسكو بوحدة وسلامة سوريا، مع إشارة إلى إمكانية دور الوسيط في الملف النووي الإيراني، وهو ما يعكس استمرار النفوذ الروسي في المنطقة.
  • تحركات موسكو العسكرية في شمال شرق سوريا، خصوصاً في قاعدة القامشلي، تأتي بتنسيق مع تركيا، وتُعدُّ خطوة استراتيجية لضمان عدم تهديد وحدة سوريا، مع استبعاد أية نوايا انفصالية أو تمرد محتمل في المستقبل.

موقف موسكو من مجلس الأمن والملفات السياسية

  • مع تولي موسكو رئاسة مجلس الأمن في أكتوبر، تتاح لها فرصة لطرح قضايا هامة مثل وحدة وسلامة الأراضي السورية، ووقف التدخلات الخارجية، وهو ما يعكس التزامها بمصالحها ومبادئها في سوريا.
  • رؤية موسكو لا تتجه أبداً نحو دعم تقسيم أو انفصال مبكر، بل تؤمن بأهمية الحفاظ على وحدة سوريا من خلال علاقات مبنية على اتفاقات ومصالح مشتركة تتجنب حالات عدم الاستقرار والانفصال.
  • مشاركة الرئيس السوري أحمد الشرع في قمة عربية-روسية القادمة ستعطي دفعة جديدة للعلاقة، وتعيد تأكيد الدور الروسي كمحاور أساسي في الملف السوري.

وبهذا السياق، فإن التطورات الأخيرة تعكس مسعى موسكو للمحافظة على مصالحها الاستراتيجية والاقتصادية، مع دعم استقرار سوريا، وتوجيه رسالة واضحة أن علاقاتها مع دمشق تتجه نحو الشراكة المتوازنة، متجنبة أن تكون طرفاً في أية سيناريوهات قد تهدد وحدتها الوطنية.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى