المحكمة الدستورية في تونس: إصلاح مؤجل أم أداة سياسية؟

مبادرات نيابية وإشكاليات إرساء المحكمة الدستورية في تونس
يمثل إقرار المحكمة الدستورية أحد أبرز التحديات التي تؤثر على استقرار النظام الديمقراطي في تونس، حيث أن غيابها يترك فراغًا دستورياً يهدد المبادئ الأساسية للحكم الرشيد وحقوق المواطنة. منذ إصدار دستور 2022، لم يتم تفعيل هذه الهيئة القضائية، الأمر الذي أدى إلى تصاعد النقاش حول ضرورة العمل على إقامتها من جديد.
مبادرات نيابية لإقامة المحكمة الدستورية
- تقدم 21 نائبًا في البرلمان التونسي في يوليو بمقترح قانون يهدف إلى تفعيل المحكمة الحكومة، بعد أن سُحب مشروع سابق كان قُدم في أبريل من قبل بعض النواب.
- تُعتبر المبادرة الحالية محاولة لإيجاد إطار دستوري ينظم عمل المحكمة المستحقة بموجب دستور 2022، والتي تعتبر ركناً أساسياً لضمان تماسك الدولة وسلامة نظامها الجمهوري.
التحديات والمعوقات
- تاريخياً، فشلت جميع الحكومات والبرلمانات منذ 2014 في إرساء المحكمة الدستورية بسبب أجواء التوتر وعدم الثقة بين الكتل السياسية، وخصوصًا مخاوف من استغلالها لأغراض سياسية.
- يواجه مشروع القانون مقاومة من قبل البعض بحجة أنه قد يُستخدم كوسيلة لمراقبة أو تصفية حسابات سياسية بدلاً من أن يكون أداة لضمان التطبيق الدستوري الصحيح.
- يُنظر إلى غياب المحكمة على أنه يترك فراغاً دستورياً خطيراً، خاصة فيما يتعلق بمراقبة دستورية القوانين، وحماية حقوق الأفراد، والإجراءات في حالة شغور منصب رئاسة الجمهورية وفقًا للدستور.
تركيبة وأهمية المحكمة الدستورية
وفقاً للمبادرة المقترحة، تتكون المحكمة من 9 أعضاء يتم اختيارهم بناءً على معايير محددة ووفقاً للدستور، بحيث تشمل:
- 3 رؤساء دوائر من أقدم قضاة محكمة التعقيب.
- 3 رؤساء دوائر من أقدم قضاة المحكمة الإدارية.
- 3 قضاة من أقدم قضاة محكمة المحاسبات.
ويؤكد المختصون على أهمية استقلالية هذه الهيئة لضمان فاعليتها، خاصة في ظل التحديات السياسية والاقتصادية التي تمر بها البلاد، حيث يمكن أن تُسهم في حماية النظام الديمقراطي ومراقبة القوانين التي تعتبر غير دستورية.
مخاطر وتأثيرات غياب المحكمة
- غياب المحكمة يخلق فراغاً دستورياً يسمح للسلطة التنفيذية بالتصرف خارج نطاق الرقابة القضائية، وهو ما يهدد مبادئ الحرية ودولة القانون.
- وفي حالة شغور منصب رئيس الجمهورية، يُقيم الدستور أن تتولى المحكمة الدستورية مسؤولية إدارة المرحلة، وهو أمر غير متوفر حالياً.
- يوصي الخبراء بأن تكون هناك محكمة ذات مصداقية واستقلالية تامة لتفادي تأجيل الحلول القانونية، والتصدي بفعالية لأي محاولات استغلال أو تسييس للمؤسسة القضائية.
استنتاجات وتوصيات
على الرغم من التحديات، يُعد إرساء المحكمة الدستورية خطوة حاسمة لضمان استقرار المؤسسات وحماية الحقوق. من الضروري أن تتبنى الحكومة والبرلمان حواراً بناءً يركز على تطوير قانون يُضمن الشفافية والاستقلالية، مع ضرورة الاستفادة من التجارب السابقة لضمان نجاح العملية المستقبلية.