صحة

باحثون يكشفون عن التركيب الوراثي المسؤول عن التلعثم

اكتشافات حديثة تكشف عن الجينات المرتبطة بالتلعثم

تمكن فريق من الباحثين بقيادة مركز فاندربيلت الطبي في الولايات المتحدة من الكشف عن البنية الوراثية الكامنة وراء اضطراب التلعثم، المعروف طبياً بـ”اضطراب الطلاقة في الكلام”. نشرت نتائج الدراسة في دورية علمية مرموقة، وتعد الأكبر من نوعها حتى الآن، استناداً إلى بيانات جينية لأكثر من مليون شخص.

مقدمة عن التلعثم وأسبابه

رغم أن التلعثم يُعد من أكثر اضطرابات الطلاقة شيوعاً، ويؤثر على أكثر من 400 مليون شخص حول العالم، إلا أن أسبابه بقيت غامضة لعقود طويلة. ويتسم التلعثم بتكرار المقاطع أو الكلمات، أو إطالة الأصوات، أو التوقف المفاجئ أثناء الحديث، مما يسبب معاناة نفسية واجتماعية خاصة في مرحلة الطفولة والمراهقة.

نتائج الدراسة وأهميتها

  • تم تحديد 57 موقعاً جينياً مرتبطاً باضطراب التلعثم، تنتمي إلى 48 جيناً مختلفاً.
  • أظهرت النتائج تداخل وراثي بين التلعثم وسمات أخرى مثل التوحد والاكتئاب والقدرة الموسيقية، مما يشير إلى وجود مسارات عصبية مشتركة ترتبط بهذه الصفات المعقدة.
  • اختلاف التوقيعات الوراثية بين الذكور والإناث يفسر لماذا يبقى التلعثم مستمراً لدى بعض الأشخاص ويتلاشى لدى آخرين.
  • الجين الأكثر ارتباطاً بالتلعثم لدى الذكور هو VRK2، الذي يُنتج إنزيم “كيناز VRK2″، المرتبط بتنظيم العمليات الحيوية في الدماغ مثل انقسام الخلايا وتفاعل الإشارات الكيميائية.

مظاهر التلعثم وأنواعه

  • التلعثم النمائي: شائع لدى الأطفال من عمر سنتين إلى 5 سنوات ويختفي غالباً مع التقدم في النمو.
  • التلعثم العصبي المنشأ: قد ينجم عن إصابات في الدماغ مثل السكتات.
  • التلعثم النفسي المنشأ: يظهر بعد التعرض لصدمات نفسية نادرة.

الأعراض والعوامل المؤثرة

تشمل الأعراض تكرار الأصوات والتوقف قبل أو أثناء نطق الكلمات، بالإضافة إلى استخدام أصوات حشو وتوتر عضلي في الوجه أو الجسم، مع تغيرات في تعابير الوجه أو حركات لا إرادية. أما العوامل المؤثرة فهي:

  • الجنس: الذكور أكثر عُرضة من الإناث.
  • وجود تاريخ عائلي للتلعثم.
  • اضطرابات نمائية مثل التوحد وفرط النشاط.
  • التوتر أو الضغط العاطفي.

التشخيص والعلاج

يتم التشخيص بواسطة اختصاصي نطق ولغة عبر تقييم الكلام في مواقف مختلفة، مع مراعاة أثر الحالة على حياة الشخص. أما طرق العلاج فتشمل:

  • تحسين النطق عبر تدريبات على التحدث ببطء وتركيز.
  • استخدام أجهزة إلكترونية لتحسين الإيقاع الصوتي.
  • العلاج السلوكي المعرفي لمعالجة القلق الناتج عن التلعثم.
  • دعم الأهل يعتبر عنصرًا أساسيًا، خاصة في العلاج عند الأطفال.

حتى الآن، لا توجد أدوية فعالة مثبتة لعلاج التلعثم، رغم إجراء تجارب على بعض الأدوية التي لم تثبت فاعليتها بعد.

الفهم الصحيح والجانب الوراثي

لا يُعد التلعثم دليلاً على قلة الذكاء أو الضعف الشخصي، بل هو حالة عصب محيرة ترتبط بعوامل وراثية وعصبية. وأظهرت الدراسات أن الجين VRK2 هو الأكثر ارتباطاً بالتلعثم لدى الذكور، ويقع على الكروموسوم السادس. هذا الجين يُنتج إنزيم “كيناز VRK2″، الذي ينظم وظائف حيوية كالانقسام الخلوي ونمو الدماغ، ويُعتقد أنه يلعب دورًا في اضطرابات أخرى مثل الفُصام والاكتئاب.

الآفاق المستقبلية والأهداف المنشودة

تسعى الدراسات إلى استخدام النتائج الجينية لتطوير مؤشرات مبكرة للكشف عن الأطفال المعرضين للتلعثم، وتوفير الدعم المبكر لهم. كما يطمح الباحثون لتصحيح المفاهيم الخاطئة حول أسباب الحالة، وتعزيز الوعي المجتمعي بأهميتها وتأثيرها على جودة الحياة، من خلال تقليل التنمر وتحسين فرص المشاركة في التعلم والعمل.

وفي الختام، تؤكد الدراسات أن التلعثم سلوك عصبي معقد، يستدعي فهم أعمق لعوامل الوراثة والتفاعلات العصبية، بهدف تقديم علاج أفضل ودعم نفسي واجتماعي أكثر شمولية للفرد.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى