باحثون يكشفون عن التركيب الجيني وراء التلعثم

كشف الدراسات الحديثة عن الجينات الوراثية وراء اضطراب التلعثم
تمكن فريق من الباحثين بقيادة مركز فاندربيلت الطبي في الولايات المتحدة من الكشف عن البنية الوراثية المسؤولة عن اضطراب التلعثم، وهو اضطراب الطلاقة في الكلام المعروف طبيًا بـ”اضطراب الطلاقة في الكلام”. تأتي نتائج الدراسة، التي نُشرت في دورية نيتشر جيناتكس، كثورة في فهم أسباب هذا الاضطراب، مستندة إلى تحليل جيني لأكثر من مليون شخص.
مفهوم التلعثم وأنواعه
- التلعثم النمائي: شائع لدى الأطفال بين عمر سنتين وخمس سنوات، وغالبًا ما يختفي مع النمو.
- التلعثم العصبي المنشأ: يحدث نتيجة لإصابات دماغية مثل السكتة الدماغية.
- التلعثم النفسي المنشأ: يظهر بعد تعرض الشخص لصدمة نفسية، وهو نادر الحدوث.
وأهم أعراضه تكرار المقاطع أو الكلمات، إطالة الأصوات، والتوقف المفاجئ أثناء الكلام، مع توتر عضلي وتغيرات في التعبيرات الوجهية.
العوامل المؤثرة على التلعثم
- العمر والجنس: يصيب الأطفال من الجنسين بنسب متقاربة، ويزداد انتشاره في الذكور.
- التاريخ العائلي: وجود سجل عائلي للتلعثم يعزز احتمالية الإصابة.
- الاضطرابات النمائية مثل التوحد وفرط النشاط.
- الضغط النفسي والتوتر العصبي.
ويظهر التلعثم عادة في سن مبكر، ويختفي تلقائيًا أو عبر علاج النطق في غالبية الحالات، مع نسبة أعلى من الشفاء لدى الإناث.
النتائج والتفسيرات العلمية للدراسة
تم تحديد 57 موقعًا جينيًا مرتبطًا بالتلعثم، تتعلق بـ48 جينًا مختلفًا. تظهر الدراسة أن التلعثم يتداخل وراثيًا مع سمات أخرى، مثل التوحد والاكتئاب والمهارات الموسيقية، مشيرة إلى وجود مسارات عصبية مشتركة تنظم هذه الصفات.
بالإضافة إلى ذلك، أشارت الدراسة إلى أن الجين VRK2، الذي يقع على الكروموسوم السادس، هو الأكثر ارتباطًا بالتلعثم لدى الذكور، ويدرّ إنزيمًا يسمى كيناز VRK2، الذي يشارك في تنظيم العمليات الحيوية داخل الخلايا مثل انقسام وتطور الدماغ والتواصل العصبي.
وتشير الأبحاث إلى أن الطفرات في هذا الجين قد تكون مرتبطة باضطرابات أخرى كالفصام والصرع والاكتئاب، ما يعزز من فهم العلاقات بين العوامل الوراثية والاضطرابات العصبية.
تطبيقات وتوقعات مستقبلية
تسعى النتائج إلى تطوير مؤشرات مبكرة للكشف عن الأطفال المعرضين للتلعثم، وتقديم الدعم المناسب في وقت مبكر، بالإضافة إلى تصحيح المفاهيم الخاطئة حول أسباب الاضطراب، التي غالبًا ما تصور التلعثم على إنه نتيجة للفشل الشخصي أو التربوي، بينما هو حالة عصبية معقدة تتأثر بالعوامل الوراثية والعصبية.
من ناحية أخرى، تشير الدراسات إلى أهمية فهم التوقيعات الوراثية المختلفة بين الجنسين، حيث أن الجين VRK2 هو الأكثر ارتباطًا عند الذكور، مما يوضح وجود تباينات جينية تفسر احتمالات بقاء التلعثم أو اختفائه مع مرور الوقت.
ختاماً
هذه الدراسة تسلط الضوء على دور العوامل الجينية في اضطراب التلعثم، وتعزز من الأمل في تطوير علاجات موجهة وفهم أعمق للعوامل التي تؤثر في تطور هذا الاضطراب، ما يسهم في تحسين جودة حياة الأشخاص المصابين وتقديم الدعم النفسي والاجتماعي لهم.