صحة

باحثون يكتشفون التركيبة الوراثية الأساسية وراء “التلعثم”

اكتشاف الجينات المرتبطة باضطراب التلعثم في دراسة جديدة

تمكن فريق من الباحثين بقيادة مركز فاندربيلت الطبي في الولايات المتحدة من التعرف على البنية الوراثية الكامنة وراء اضطراب التلعثم، وهو من أكثر اضطرابات الطلاقة شيوعًا، والذي يؤثر على أكثر من 400 مليون شخص حول العالم. نُشرت نتائج الدراسة في مجلة نيتشر جيناتكس، وتُعد الأكبر من نوعها حتى الآن، استنادًا إلى تحليل بيانات جينية لأكثر من مليون شخص.

ملامح الدراسة وأهميتها

  • اعتمدت الدراسة على تحليل بيانات مقدمة من شركة 23andMe، شملت أكثر من 99 ألف شخص يعانون من التلعثم، وأكثر من مليون شخص غير مصاب.
  • تم تحديد 57 موقعًا جينيًا مميزًا مرتبطًا بالتلعثم، ينتمي إلى 48 جينًا مختلفًا.
  • أظهرت النتائج وجود تداخل وراثي مع سمات أخرى مثل التوحد والاكتئاب والقدرة الموسيقية، ما يشير إلى وجود مسارات عصبية مشتركة لصفاتها المختلفة.

حول اضطراب التلعثم وأسبابه

التلعثم هو اضطراب يظهر على شكل تكرار أو إطالة للأصوات، أو توقف مفاجئ أثناء الحديث، وغالبًا ما يبدأ في مرحلة الطفولة بين عمر 2 و5 سنوات، مع احتمالية للتعافي التلقائي أو عبر علاج النطق. ويصيب الذكور والإناث بنسب متقاربة، إلا أن نسبة الشفاء تكون أعلى لدى الإناث.

أنواع وأعراض التلعثم

  • التلعثم النمائي: شائع عند الأطفال ويختفي غالبًا مع النمو.
  • التلعثم العصبي المنشأ: ناجم عن إصابات في الدماغ مثل السكتات.
  • التلعثم النفسي المنشأ: يظهر بعد صدمات نفسية نادرة.

تشمل الأعراض تكرار الأصوات، التوقف قبل أو أثناء نطق الكلمات، استخدام أصوات حشو، وتوتر عضلي في الوجه والجسم.

متى يكون التلعثم مشكلة ويحتاج للعلاج؟

إذا استمر لأكثر من 6 أشهر، أو صاحبه مشاكل لغوية أو جسدية، أو أثّر على الأداء الاجتماعي أو المدرسي، يفضل استشارة مختص في النطق واللغة.

عوامل تؤثر على حالة التلعثم

  • الجنس: الذكور أكثر عرضة من الإناث.
  • التاريخ العائلي للتلعثم.
  • اضطرابات نمائية مثل التوحد وفرط النشاط.
  • التوتر النفسي والضغط العاطفي.

المضاعفات النفسية والاجتماعية

قد يؤدي التلعثم إلى فقدان الثقة بالنفس، وتجنب الحديث، والتنمر، وتراجع الأداء الأكاديمي والمهني، بالإضافة إلى تأثيره على الصحة النفسية وجودة الحياة.

طرق التشخيص والعلاج

  • التشخيص: يتم بواسطة اختصاصي النطق من خلال تقييم الكلام وتاريخ الحالة.
  • العلاج:
    • معالجة النطق: تعلم التحدث ببطء وتركيز.
    • استخدام أجهزة إلكترونية لتحسين الإيقاع الصوتي.
    • العلاج السلوكي المعرفي لعلاج التوتر والقلق.
    • دعم الأسرة ضروري خاصة للعلاج عند الأطفال.

لا توجد أدوية فعالة معتمدة حتى الآن لعلاج التلعثم، رغم وجود تجارب سريرية على بعض الأدوية لم تثبت فعاليتها بشكل قاطع.

الفهم العلمي لاضطراب التلعثم

التلعثم حالة عصبية معقدة، ليست مرتبطة بفشل شخصي أو تربوي، بل تتأثر بعوامل وراثية وعصبية. أظهرت الدراسات أن هناك تشرحيات وراثية تختلف بين الذكور والإناث، ويُعد الجين VRK2 من الأكثر ارتباطًا باضطراب التلعثم لدى الذكور. هذا الجين يُنتج إنزيم الكيناز VRK2، الذي يلعب دورًا مهمًا في تنظيم عمليات حيوية داخل الدماغ مثل النمو والتفاعل مع الإشارات الكيميائية، ويُرتبط أيضًا باضطرابات دماغية مثل الفصام والاكتئاب.

تأثير النتائج على المجتمع والأمل في المستقبل

تشير الدراسة إلى أن هناك بنية جينية مشتركة بين اللغة، الموسيقى، والتحدث، ما يفتح المجال لتطوير فحوصات مبكرة للكشف عن الأطفال المعرضين للتلعثم. الهدف هو توفير دعم مبكر يساعد على تقليل تأثير هذا الاضطراب على حياة الأفراد، وتصحيح المفاهيم الخاطئة التي تربط التلعثم بضعف الذكاء أو الضعف الشخصي.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى