اخبار سياسية
ليبيا تحت مجهر ترمب.. هل تتاح فرصة للاتفاق قبل انطلاق مبادرة سياسية محتملة

تعددت القراءات لزيارة مسعد بولس إلى ليبيا
قام مسعد بولس، المستشار السابق للرئيس الأمريكي دونالد ترمب لشؤون العالم العربي وإفريقيا، بزيارة رسمية إلى ليبيا ترافقتها تحليلات وتفسيرات متعددة من قبل الخبراء والمتابعين بشأن أهدافها ودلالاتها في المشهد الليبي والإقليميا.
مضمون الزيارة وأهميتها
- وصل بولس إلى مطار معيتيقة الدولي قادماً من تونس، وهي أول زيارة لمسؤول أمريكي رفيع منذ عودة ترمب إلى البيت الأبيض.
- التقى بعد وصوله بعدد من المسؤولين الليبيين، بينهم رئيس حكومة الوحدة الوطنية المقالة عبدالحميد الدبيبة، ورئيس المجلس الرئاسي محمد المنفي، بالإضافة إلى مسؤولين آخرين من المؤسسات الاقتصادية والأمنية.
- هدف الزيارة، بحسب المصادر، هو تعزيز التعاون الثنائي ومتابعة آفاق الشراكة الإستراتيجية بين الليبيين والأمريكيين، خصوصاً في مجالات الطاقة، المعادن، البنية التحتية، والصحة.
تحليل أهداف الزيارة والدلالات
- يرى البعض أن الزيارة تأتي في سياق جس نبض الأطراف الليبية حول إمكانية التوصل إلى توافق، وربما كزيارة استطلاعية قبيل الإعلان عن مبادرة أميركية محتملة لتعزيز الاستقرار في ليبيا.
- وفي سياق أوسع، تتفق الآراء على أن إدارة ترمب تسعى لفرض تصور لدور مستقبلي للولايات المتحدة في ليبيا، عبر تعزيز حضورها السياسي والاقتصادي، وربط ذلك برؤية واضحة لحل سياسي شامل يمهد الطريق لعودة النفوذ الأمريكي في المنطقة.
- كما يُنظر إليها كجزء من استراتيجية كبح التمدد الروسي في المنطقة، خاصة مع تصاعد تدريجي لمنافسة النفوذ في ليبيا وشمال أفريقيا عموماً.
الملفات التي جرت مناقشتها خلال الزيارة
- الأوضاع الأمنية: عقد لقاء مع قائد الجيش الوطني المشير خليفة حفتر في بنغازي، حيث ناقش دعم جهود توحيد المؤسسات العسكرية وتعزيز السيادة الوطنية.
- الملف الاقتصادي والنفطي: تناول الجانبان فرص التعاون في قطاع النفط، مع عروض تتجاوز قيمتها 70 مليار دولار، بالإضافة إلى مناقشات حول استثمارات في القطاعات الحيوية وكيفية تعزيز الشفافية في إدارة الثروة الوطنية.
- الملف السياسي: ركز اللقاء على دعم الجهود الرامية لتوحيد المؤسسات السياسية وتهيئة الظروف لإجراء الانتخابات، بالإضافة إلى مناقشة دور الولايات المتحدة في دعم المسار الديمقراطي الليبي.
- السجناء والملفات الإنسانية: طُرحت في سياق الحديث عن التهجير وملف سجناء من مناطق النزاع، حيث نفى الجانب الأمريكي أي خطة لنقل أو تهجير الفلسطينيين أو غيرهم من المدن الليبية.
مواقف وتحليلات الخبراء
- رأى بعض المحللين أن الزيارة تجسد محاولة من قبل واشنطن لإعادة تسويق حكومة الوحدة الوطنية، خاصة في ظل الانتقادات الداخلية من ناحية شرعيتها وقدرتها على إدارة المرحلة بشكل فعال.
- في الوقت ذاته، يُعتقد أن هذه الخطوة تفتقر إلى آليات واضحة لتحقيق النجاح، وأنها تأتي في ظل ظرف أمني وسياسي معقد، مع استمرار الانقسامات والصراعات المسلحة.
- بعض الخبراء أكدوا أن الأزمة الليبية لن تُحل إلا من الداخل، عبر توافق وطني حقيقي يُنتج حكومة موحدة، وتوحيد المؤسسات العسكرية والأمنية تحت إرادة الشعب الليبي.
الملف المالي والعقلي الاقتصادي
- عرضت حكومة الدبيبة استثمارات بقيمة تتجاوز 70 مليار دولار، في محاولة لتعزيز مكانة ليبيا على الصعيد الدولي وإظهار قدرتها على جذب الاستثمار الأجنبي، لكن النقاشات كشفت عن غموض وغياب ضمانات قانونية لهذه الالتزامات.
- وحذر خبراء من أن مثل هذه العروض قد تكون محاولة لتعزيز شرعية الحكومة من خلال تقديم وعود استثمارية، مع وجود مخاطر حقيقية تتعلق بتوظيف الأموال ومواجهة الفساد، خاصة وأن الحكومة تواجه اتهامات متكررة بإهدار المال العام.
الملفات الأخرى والتحديات الحالية
- إثارة ملف تهجير الفلسطينيين ودعوات بعض الأطراف الدولية لتهجير السكان الفلسطينيين من غزة، خاصة مع الحديث عن خطة أميركية لنقل مئات الآلاف إلى ليبيا، وهو أمر مرفوض من قبل السلطات الليبية والشعب الليبي.
- ملف النفوذ الروسي يشكل أيضاً محور اهتمام، مع تصاعد حضور موسكو في المنطقة، وتخوفات من محاولة بعض الأطراف استغلال الوضع لتحقيق مكاسب جيوسياسية.
- وفي الملف الأمني، يبقى التحدي الأكبر هو توحيد الصفوف العسكرية ومواجهة الجماعات المسلحة، وهو ما يعوق الاستقرار ويجعل من زيارة بولس إطاراً استكشافياً أكثر منه خطوة ذات نتائج مباشرة على الأرض.
الخلاصة والتوقعات المستقبلية
في النهاية، تُعد زيارة مسعد بولس إلى ليبيا رسالة دولية متعددة الأبعاد، تحمل في طياتها نوايا لتعزيز التوافق، والحد من النفوذ الروسي، وإعادة ترتيب أولويات الدعم الأمريكي. ومع ذلك، يبقى التحدي الأهم هو أن تنعكس هذه التحركات على الواقع الليبي عبر مسار سياسي واستقرار حقيقي، لا يظل حبيس التهديدات الاقتصادية أو الصراعات الأمنية.