اخبار سياسية
هل يؤذن الاعتراف الفرنسي المرتقب بآفاق جديدة أمام “الدولة الفلسطينية”؟

تطورات سياسية وإقليمية حول القضية الفلسطينية بعد قرار الكنيست الإسرائيلي
شهد الأسبوع الماضي تصاعداً في اهتمام المجتمع الدولي بالقضية الفلسطينية، في ظل تحركات دولية ومحلية تؤثر بشكل مباشر على مستقبل الصراع وأفق الحل. بدايةً من اعترافات دولية مرموقة ووصولاً إلى تصعيد الإستيطان والسيطرة على الموارد، تتضح معالم مشهد سياسي متغير يعكس تعقيدات الوضع الراهن.
موقف المجتمع الدولي من اعترافات دولة فلسطين
- توافق العديد من الدول الأوروبية، خاصة فرنسا، على أهمية الاعتراف بدولة فلسطين، مع توقع تصاعد هذا الاتجاه ليشمل دول أخرى مثل بريطانيا وبلجيكا.
- افتتاح خطاب رسمي لرئيس فرنسا أمام الجمعية العامة للأمم المتحدة هذا العام، أعلن خلاله عن نية بلاده الاعتراف بدولة فلسطينية، وهو ما يُعد مفارقة لافتة وتعبيراً عن طموحات الفلسطينيين والداعمين لهم حول العالم.
- الاعتراف الفرنسي يُعد بداية لموجة من الدعم السياسي، خاصة أن فرنسا تلعب دوراً قيادياً في الاتحاد الأوروبي وتحظى بمكانة دولية مهمة تسهم في حشد التأييد العالمي.
تحولات على الأرض والتحديات الميدانية
- استمرار التوسع الاستيطاني في الضفة الغربية، مع إقامة مئات البؤر الاستيطانية الجديدة وتوسيع البنية التحتية لتسهيل سيطرة إسرائيل على الأراضي والمياه، الأمر الذي يواجه معارضة دولية واسعة.
- سيطرة إسرائيلية على حوالي 60% من مساحة الضفة الغربية، مع عمليات تغيير في الطرق والبنى التحتية التي تربط المستوطنات بشكل أكبر بإسرائيل، مما يعقد أي مفاوضات مستقبلية.
- ضعف أطر التعاون الفلسطيني الإسرائيلي، خاصة في مجال المياه والأمن، حيث تحافظ إسرائيل على السيطرة الكاملة على مصادر المياه ومناطق مهمة، مما يعرقل جهود إقامة دولة فلسطينية مستقلة ذات سيادة كاملة.
تحديات المفاوضات والحدود
- فشلت مفاوضات أوسلو في التوصل إلى اتفاق نهائي حول قضايا الحل النهائي، خاصة الحدود، التي ما زالت تمثل العقبة الرئيسية أمام إقامة الدولة الفلسطينية.
- تطالب إسرائيل بضم مساحات واسعة من الضفة، خاصة القدس والأغوار، وتتمسك بعدم قبول حدود 1967 كأساس للحدود المستقبلية.
- المساحة الإجمالية للضفة الغربية أقل من 6 آلاف كيلومتر مربع، مع تواجد حوالي 800 ألف مستوطن في مناطق متزايدة، الأمر الذي يعقد مسألة إقامة دولة ذات سيادة كاملة.
المياه والسيطرة عليها
- إسرائيل تسيطر على غالبية مصادر المياه في الضفة، وتخصص لنفسها نسبة كبيرة من الأحواض الجوفية، مما يخلق أزمة مياه حادة للفلسطينيين.
- في اتفاق أوسلو، اقتسم الطرفان المياه بنسبة 85% لإسرائيل مقابل 15% للفلسطينيين، وهو ما بقي ثابتاً رغم تضاعف السكان واحتياجات المياه.
- في غزة، يعاني السكان من نقص في المياه وتلوث بسبب زيادة الاستهلاك والتلوث، ما يهدد صحة السكان ويعيق التنمية.
الموقف الإسرائيلي ومدى قبول فكرة الدولة الفلسطينية
- يوجد شبه إجماع داخل إسرائيل على تقسيم الضفة الغربية، ولكن مع رفض بعض الأحزاب وخاصة اليمين، لفكرة إقامة دولة فلسطينية مستقلة، مفضلين فرض السيطرة الكاملة أو الانفصال الأحادي.
- رئيس وزراء إسرائيل بنيامين نتنياهو، منذ 2009 وحتى تراجعه مؤخراً، عارض فكرة الدولة الفلسطينية، وركز على سياسة تكريس الانفصال والفصل بين الضفة وغزة.
- تراجعت شعبية حل الدولتين بشكل كبير بين المجتمع الإسرائيلي، إذ أظهر استطلاع عام 2025 أن نسبة المؤيدين تقل عن 20%، مع تصاعد التوجهات نحو فرض السيطرة أو الحل الأحادي الجانب.
مواقف الدول العربية والإقليمية وتطوراتها
- شهدت مواقف الدول العربية تغيراً تدريجياً، حيث أن بعض الدول اشترطت إحراز تقدم على المسار الفلسطيني كشرط للتطبيع، معتبرة أن الحل في إقامة دولة فلسطينية مستقلة هو مفتاح للاستقرار الإقليمي.
- الموقف الدولي، خاصة من الأمم المتحدة والاتحاد الأوروبي، أبدى دعمًا متزايدًا للاعتراف بدولة فلسطين، مع تزايد الدعوات لنهج يركز على حل الدولتين وتفكيك جبهة الاحتلال في الضفة وغزة.
- انقسام المجتمع الإسرائيلي ومخاوفه من مستقبل الحل السياسي تظهر جلية في تراجع الدعم للشراكة مع الفلسطينيين، مقابل ارتفاع نسب التأييد لاتجاهات السيطرة والضم الكامل.
خيارات المستقبل وإرهاصات الحلول الممكنة
- رغم التطمينات التي يروج لها بعض القادة الفلسطينيين حول أن دولة فلسطين ستكون خالية من السلاح، إلا أن واقع التغيرات السياسية في إسرائيل يعكس رفضاً متزايداً لأي تنازلات جوهرية.
- على الرغم من الدعم الدولي المتزايد، فإن إقامة دولة فلسطينية حقيقية تتطلب ضغطاً دولياً كبيراً، خاصة في مجلس الأمن، وتغييراً في السياسات الإسرائيلية على الأرض.
- الاعتراف الأوسع من قبل الدول الأوروبية وبقية المجتمع الدولي يُعد بارقة أمل، وقد يسرّع تنفيذ إجراءات عملية لإنهاء الاحتلال وإقامة الدولة المستقلة وفقاً لقرارات الشرعية الدولية.
وفي النهاية، يبقى التحدي الأكبر هو ترجمة الاعترافات إلى واقع ملموس على الأرض، من خلال ضغط دولي وتوافقات سياسية جادة، لضمان حقوق الشعب الفلسطيني وتحقيق السلام العادل والشامل في المنطقة.