الانتظام في ممارسة الرياضة يقلل من مخاطر الوفاة المبكرة بنسبة تصل إلى 40%

الأثر الطويل الأمد للنشاط البدني على الصحة والوفاة
تسلط الدراسات الحديثة الضوء على أهمية الحفاظ على نمط حياة نشط طوال مراحل الحياة، حيث أظهرت نتائجها أن الالتزام بممارسة النشاط البدني بانتظام يمكن أن يقلل بشكل كبير من مخاطر الوفاة بسبب الأمراض المزمنة والحوادث، مع فروق تصل إلى 40%. ويؤكد البحث على أن النشاط المستمر والمتكرر هو المفتاح لتحقيق فوائد صحية طويلة الأمد، بدلاً من الاعتماد على قياسات أحادية الوقت.
دراسة منهجية مهمة من نوعها
تم تحليل بيانات من أكثر من 85 دراسة شملت أكثر من 6.5 مليون شخص، وأكدت أن الأشخاص الذين حافظوا على نشاطهم البدني خلال مرحلة البلوغ كانوا أقل عرضة للوفاة بنسبة تتراوح بين 30 إلى 40% مقارنة بمن كانوا غير نشطين. كما أن البدء بممارسة الرياضة في مراحل متأخرة من الحياة لا يقلل من الفوائد، حيث أظهرت النتائج أن حتى من بدأ التمرين فيما بعد، يمكنه تقليل الخطر بنسبة 20 إلى 25%. هذه النتائج تدحض الفكرة القائلة بأن “الوقت فات” وتحفز على البدء في النشاط في أي مرحلة عمرية.
الخمول البدني وتحدياته العالمية
الخمول البدني يُعد حالياً رابع أكبر عامل خطر للوفاة على مستوى العالم، ويرتبط ارتباطاً وثيقاً بزيادة خطر الأمراض غير المعدية مثل أمراض القلب، والسكري، والسرطان. وتشير منظمة الصحة العالمية إلى أن:
- 31% من البالغين و80% من المراهقين لا يلبون المستويات الموصى بها من النشاط البدني عالمياً.
- معدلات الخمول تزداد مع التقدم في العمر، خاصة بعد سن الستين.
- 81% من المراهقين غير نشطين بدنيًا، مع تفاوت بين الفتيات والفتيان.
وتتسبب هذه المستويات العالية من الخمول في تكاليف باهظة على نظم الرعاية الصحية وتراجع في متوسط العمر المتوقع إذا لم يتم التصدي لها بشكل فعّال.
التوصيات الصحية وأهمية التوازن
تقدم إرشادات منظمة الصحة العالمية توجيهات واضحة لمختلف الفئات العمرية، وتؤكد على أن كل مستوى من النشاط البدني له فوائد، ويجب على الجميع تقليل الوقت المخصص للجلوس، حتى إن كان النشاط منخفضًا. وأظهرت الدراسات أن:
- ممارسة النشاط المعتدل إلى قوي بمعدل يتجاوز الحد الأدنى الموصى به لا يضيف فوائد إضافية كبيرة بعد ذلك.
- ممارسة نشاط بدني منتظم وأولئك الذين يلتزمون به بشكل دائم يجنون أكبر المكاسب الصحية.
فوائد النشاط البدني للسلامة والصحة
تعديل الفسيولوجيا وتقوية القلب والأوعية الدموية
يؤدي النشاط البدني إلى زيادة حجم القلب وكفاءته، وتحسين مرونة الأوعية الدموية، وخفض ضغط الدم، وتقليل تراكم الكوليسترول الضار. كما يعزز تدفق الأكسجين للمخ ويقلل من احتمالية الإصابة بالنوبات والسكتات.
التحكم في الأيض والوقاية من السكري
ينتج عن التمارين تحسين حساسية خلايا الجسم لهرمون الأنسولين، مما يقلل من مستويات سكر الدم ويقي من مرض السكري من النوع الثاني، ويحد من مضاعفاته الخطيرة على القلب والكلى والعين.
الحد من الالتهاب وتعزيز المناعة
تمارين الرياضة تعمل على تقليل الالتهابات المزمنة، وتدعيم نظام المناعة، وتقليل الضغوط التأكسدية التي تسرع الشيخوخة، مما يحافظ على صحة الأنسجة والأعضاء.
التوازن العصبي والصحة الإدراكية
زيادة تدفق الدم إلى الدماغ، وتحفيز نمو الخلايا العصبية، يعزز من الذاكرة، والتركيز، والوظائف التنفيذية، ويقلل من مخاطر الخرف ومرض الزهايمر.
الكتلة العضلية وتفادي الإصابات
التمارين المقاومة، خاصة رفع الأوزان، تحفز بناء العضلات والعظام، مما يقلل من مخاطر الكسور والناتج عنها تدهور الصحة، خاصة عند كبار السن الذين يعانون من هشاشة العظام أو فقدان الكتلة العضلية.
الختام والتوصيات العامة
توصلت الدراسات إلى أن الالتزام بالمستوى الموصى به من النشاط البدني يعظم الفوائد الصحية، وأنه من الأفضل أن يكون النشاط جزءاً لا يتجزأ من حياة الجميع، وليس حكراً على الرياضيين أو النخبة. وبتبني نمط حياة نشط، يمكن للجميع تحسين جودة حياتهم والحد من مخاطر الوفاة المبكرة.