اخبار سياسية

السويداء… من انسحاب الحياد إلى خوض دائرة المواجهة المسلحة

تطورات الأوضاع في محافظة السويداء السورية وتأثيراتها على المنطقة

شهدت محافظة السويداء خلال الأشهر الأخيرة تصعيداً ملحوظاً في الأحداث، الأمر الذي أثار تأملات وتداعيات متعددة على مستوى البلاد والمنطقة بشكل عام. تتنوع الأسباب والتفاعلات بين النزاعات الداخلية والتدخلات الخارجية، مما يفرض على المتابعين دراسة معمقة لفهم الأبعاد الدقيقة التي تؤثر على الوضع الراهن.

تصاعد النزاعات والأحداث الأخيرة

  • وقع حادث على طريق دمشق بين تاجر من المحافظة وأطراف مسلحة، أدى إلى عمليات خطف متبادلة بين مجموعات درزية وعشائر المنطقة.
  • تطورت الأزمات إلى نزاع مسلح بين الجيش السوري ومجموعات خارجة على القانون، مع تدخل إسرائيلي عبر قصف جوي طال عمق العاصمة دمشق.
  • تم الإعلان لاحقاً عن اتفاق لوقف إطلاق النار بين الأطراف المتنازعة، بهدف تهدئة الأوضاع وتحقيق استقرار مؤقت.

الموقف التاريخي والجيوسياسي للمحافظة

تمتلك السويداء تاريخياً مكانة خاصة في سوريا، إذ كانت منبع العديد من الثورات ضد الاستعمار الفرنسي، ويقدر أن يكون انطلاق الثورة السورية الكبرى من منطقة جبل الدروز بقيادة سلطان باشا الأطرش. تقع المحافظة بالقرب من الحدود الأردنية، وتُعد من أصغر المحافظات السورية من حيث المساحة وعدد السكان، إذ يقدر عدد سكانها بمليون ونصف المليون نسمة.

التركيبة الدينية والسكانية

  • الغالبية العظمى من السكان ينتمون إلى الطائفة الدرزية، التي تشكل حوالي 90% من السكان.
  • هناك نسبة صغيرة من المسيحيين تقدر بحوالي 7%، بالإضافة إلى السُنة التي تمثل نحو 3% من السكان.

القضايا الاجتماعية والهوية

تنعكس التركيبة الدينية على السياسات الداخلية، حيث تبرز قضايا حماية الأقليات والحفاظ على هويتهم، خاصة في ظل الاحتقان السياسي وتغيرات المشهد السوري بعد سقوط نظام بشار الأسد. يعتبر الدروز من المجتمع المحافظ، الذي يُحافظ على تقاليده وعقائده بشكل صارم، مع وجود درجات مختلفة من العقيدة، تتراوح بين الرؤساء والعقال والأجاويد والجهال، بترتيبات منظمة وذات طابع سري.

الهيمنة الدينية والسياسية

يشغل حاليًا ثلاثة مشايخ مرجعيين رئاسة الطائفة، أهمهم حكمت الهجري، الذي يعتبر أكثر نفوذاً، بعد أن قاد مواقف متماسكة مع النظام السوري السابق، لكنه بدأ يميل نحو مواقف أكثر مرونة في فترات لاحقة. أما جربوع والحناوي، فعملوا كوسطاء ومصلحين بين الطائفة والنظام، مع تأكيدهم على الحفاظ على مصالح المحافظة وسيادتها، مع دعم لوحدة سوريا الوطنية.

مواقف الأطراف الداخلية والخارجية

  • شهدت مواقف المشايخ تبايناً مع تصاعد الأحداث، حيث أعلن الهجري في البداية ترحيبه بدخول قوات الحكومة، لكنه تراجع لاحقاً، معرباً عن خيبة أمله من استمرار القصف
  • بينما أعلن جربوع والتنسيقيات المحلية عن اتفاقات لوقف النار وعودة الجيش إلى ثكناته، مع دعم كامل لسيادة الدولة.
  • في المقابل، عززت إسرائيل وجودها العسكري في المنطقة، مستفيدة من ضعف النظام السوري، ورافعت عن حماية دروز الجولان المحتل، في خطوة لم تتلقَ ترحيباً من العديد من السكان المحليين، الذي أكدوا على رفض التدخل الإسرائيلي وشددوا على استقلالية قرارهم.

حالة دروز الجولان والعلاقات مع إسرائيل

منذ احتلال إسرائيل للجولان قبل نحو خمسين عاماً، لم يُسمح لدروز المنطقة بزيارة أقاربهم في الجانب السوري إلا عبر تنسيقات رسمية، ويعيش حوالي 20% منهم بالجنسية الإسرائيلية، بينما يرفض الآخرون ذلك متمسكين بانتمائهم السوري. يقيم الدروز في الجولان بنسبة تقديرية تصل إلى 3% من السكان، موزعين على بلدات مثل مجدل شمس، ويواجهون تحديات تتعلق بالهوية والحقوق المدنية.

وفي النهاية، تبقى محافظة السويداء نموذجاً متقدماً في التاريخ والجغرافيا، وتواجه اليوم العديد من التحديات الجيوسياسية والاجتماعية التي تفرض على أبناءها وداعميها التفكير في مستقبل المنطقة وأهميتها الاستراتيجية في سوريا والمنطقة بشكل عام.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى