اخبار سياسية
السويداء في مرآة الأزمة: الجانب الاقتصادي والاجتماعي للحدث

تصاعد الأزمة في السويداء السورية وتأثيراتها المتعددة
شهدت محافظة السويداء في سوريا تطورات أمنية واقتصادية وسياسية معقدة، تعكس تاريخاً من الخلافات الداخلية والتحديات الإقليمية والدولية. يبدأ تحليل الوضع من خلال فهم خلفيات الأزمة وسياقها التاريخي، مروراً بتأثيرات الجفاف والتدهور الاقتصادي، وصولاً إلى التدخلات الخارجية والصراعات الخاصة بالمجتمع المحلي.
خلفية وتفسير أسباب الأزمة
- انقسامات سردية حول أسباب الاحتجاجات: بعض التصريحات تعتبرها صراعاً طائفياً، فيما ترى أخرى أنها أعمال عسكرية حكومية تهدف إلى فرض السيطرة على المنطقة.
- تعاني السويداء من نقص الموارد الاقتصادية والطبيعية، خاصة مع تردي المؤسسات وضعف الدور الاقتصادي للدولة، مما أدى إلى تهاوي قطاعات الزراعة والخدمات.
التركيبة السكانية والنظام الاقتصادي
- السكان يقدرون بأكثر من 467 ألف نسمة، يغلب عليهم الطابع الريفي، مع تركيز على القطاع الزراعي الذي يمثل 40% من الناتج المحلي، بالإضافة إلى التجارة والخدمات المستقرة نسبياً.
- اعتماد الأراضي على الزراعة البعلية، مع تراجع هطول الأمطار إلى أقل من 30% من المتوسط، أدى إلى خسائر فادحة في محصولي القمح والشعير، مع تدهور كبير في إنتاج الأشجار المثمرة كالزيتون والتفاح.
تأثيرات الجفاف والأزمة الاقتصادية
- تفاقم الجفاف أدى إلى تراجع عدد كبير من الأشجار، وتفاقم ظاهرة التصحر مع إمكانية تحويل المنطقة إلى صحراء خلال عامين.
- الظروف الاقتصادية الصعبة، مع ارتفاع أسعار الوقود وقطاع المياه، أدت إلى خروج أكثر من 75% من الأراضي الزراعية عن الخدمة، ما زاد من معدلات الفقر والبطالة.
الخلافات التاريخية والنزاعات القديمة
- تعود جذور الخلافات إلى بداية القرن العشرين بين الدروز والبدو، مع نزاعات على الأراضي ومصادر المياه، تفاقمت بسبب ضعف التسوية القانونية واختلاط القضايا العشائرية بالمصالح المائية.
- مواجهات دامية اندلعت في عام 2000 حول التعديات على الأراضي، وأسفرت عن سقوط ضحايا ومظاهر تصعيد بين الأطراف المتنازعة، واحتجاجات شعبية ضد السياسات الرسمية.
الجانب السياسي والهوية الوطنية
- تاريخياً، لعبت السويداء دوراً في ثورة 1925 بقيادة سلطان باشا الأطرش، لكنها شهدت توترات مع الدولة السورية منذ بداية الاستقلال، وأزمات تاريخية متعددة حول تمثيلها النيابي وسيطرة العشائر.
- اتهامات متكررة بمحاولة الانفصال عن سوريا، وزرعت سياسات النظام تحفظات ومخاوف من التمدد الانفصالي، خاصة مع تزايد التحديات الأمنية والاقتصادية.
سياسة النظام السوري تجاه المحافظة
- اعتمد النظام أساليب غير مباشرة بالمراحل الأولى من الثورة، مع محاولة الاحتواء عبر عدم المواجهة المباشرة، مع تردد في التدخل، لكنه استغل تغيّر الأوضاع لفرض سيطرته بشكل أمني، واتباع سياسة التهميش والتجميد.
- تفاقم مسلسل الاعتماد على الجماعات المسلحة المحلية، وتوسع نفوذ تجارة المخدرات، خاصة “الكبتاغون”، مع تواطؤ مزعوم بين الجماعات المسلحة وأجهزة أمنية وجهات نافذة.
احتجاجات 2023 والتطورات الأخيرة
- في أغسطس 2023، قررت الحكومة رفع دعم الوقود، مما أدى إلى احتجاجات شعبية واسعة، تحولت إلى مطالب سياسية واحتجاجات ضد السياسات الاقتصادية، اشتد ضغطها مع مظاهرات تطورت إلى تمزيق صور الأسد وإسقاط تماثيله، وأغلقت المكاتب الحزبية وشبكات الخدمات.
- رد النظام اتسم بالتجاهل والتحريك الأمني، مع مضيّه في سياسات التقليل من أهمية المطالب، وتقويض المؤسسات الخدمية، وتعزيز الجماعات المسلحة وتحجيم الحراك الشعبي.
التحديات الإقليمية والدولية
- تشترك السويداء مع الأردن في حدود طويلة، وتعد معبرًا رئيسيًا لتهريب المخدرات، مما أدى إلى توترات مع الأردن، خاصة بعد استهداف مهربين وإحباطات أمنية متبادلة.
- أما على الصعيد الإسرائيلي، فحاولت استثمار أحداث السويداء لضمان مصالحها، من خلال دعم الموقف الداعم للطائفة الدرزية، واستغلال النزاعات المحلية لتمرير أهداف سياسية وعسكرية في المنطقة، عبر تصريحات وتصعيد عسكري محدود ومراقب.
تظل الأوضاع في السويداء تعكس مجموعة من التحديات الأمنية، الاقتصادية، والاجتماعية، والتي تتطلب حلولاً شاملة تأخذ بعين الاعتبار الجوانب الداخلية والخارجية على حد سواء.