اخبار سياسية

السويداء في مرآة الأزمة: الجانب الاقتصادي والاجتماعي للأحداث

تصاعد الأزمة في محافظة السويداء السورية وتفاعلاتها الداخلية والإقليمية

شهدت محافظة السويداء، ذات التاريخ العريق والطابع الطائفي المميز، تصاعداً ملحوظاً في حدة الأزمات التي بدأت تتفاعل مع تطورات محلية وإقليمية، مما أثر على مجمل الأوضاع الأمنية والاقتصادية والاجتماعية فيها.

خلفية الأزمة وتفسيرها المتباين

  • تباينت التفسيرات حول أسباب اندلاع الأحداث، حيث رُوج بأنها صراع طائفي وعمليات عنف متقطعة، فيما وُصف بعضها بأنه إجراءات حكومية تهدف إلى إخضاع المنطقة.
  • لطالما عانت السويداء من نقص الموارد وتدهور البنى التحتية، مما فاقم من حدة الأزمات مع انهيار المؤسسات وظهور قوى محلية متصارعة.

الخصائص الاقتصادية والاجتماعية للمحافظة

  • تُعتبر السويداء معقلاً رئيسياً للدروز، ويبلغ عدد سكانها حوالي 467 ألف نسمة وفق إحصاءات 2014، غالبيتهم في الريف.
  • يعتمد اقتصاد المحافظة بشكل رئيسي على الزراعة، التي تشكل حوالي 40% من الناتج المحلي، والتجارة والخدمات.
  • تاريخياً، يعتمد نحو 90% من الأراضي على الزراعة البعلية، التي تتأثر بشكل كبير بتغيرات المناخ، خاصة نقص الأمطار وحدوث جفاف مستمر، مما أدى إلى تراجع إنتاج المحاصيل وتضرر الأشجار المثمرة بشكل كبير.

تأثير الجفاف وعمليات التصحر على القطاعات الاقتصادية

  • شهدت المحافظة انخفاضاً حاداً في إنتاج المحاصيل الرئيسية كالقمح والحمص، بالإضافة إلى تدهور محاصيل الزيتون والتفاح، مع ارتفاع خطر انتشار التصحر.
  • واجهت القطاعات الزراعية وصناعات الخدمات والتجارة ركوداً كبيراً بسبب ضعف البنية الاقتصادية وتأثيرات الأزمة المستمرة منذ عام 2011.

الخلافات التاريخية والتوترات الجيوسياسية

  • تعود جذور النزاعات المحلية بين الدروز والبدو إلى بدايات القرن العشرين، مع نزاعات على الأراضي ومصادر المياه، وتجددت مع تغير المناخ وندرة المياه، لتمتد إلى ملاحظات عن النزاعات المسلحة والاشتباكات الدامية.
  • شهدت بداية القرن الحالي صراعات مسلحة واشتباكات على خلفية التعديات على الأراضي، وتعقّد النزاعات بسبب اعتماد معايير عشائرية في التوزيع والملكية.

السياق السياسي وأثره على الاستقرار المحلي

  • سجلت السويداء مواقف وطنية بارزة، منها الثورة السورية الكبرى عام 1925، لكنها تعرضت منذ فترات سابقة لاتهامات بالسعي للانفصال عن سوريا، وتكررت أزمات سياسية متعددة عبر التاريخ، أبرزها خلال عام 1947 و1953 و1966.
  • شهدت مع بداية حكم بشار الأسد سنوات من التوتر، خاصة مع مواقف بعض الأطراف المحلية وحركات الاحتجاج المطالبة بالمزيد من الحقوق، والتي واجهت اتهامات بالانفصال وتعزيز التحركات الانفصالية.

أساليب النظام السوري وتعامله مع الأزمات الداخلية

  • اعتمد النظام أساليب متنوعة، بين تجنب المواجهة المباشرة وتحريك عناصر أمنية لمراقبة الوضع، مع إهمال جزئي لاحتياجات المحافظة الاقتصادية والاجتماعية.
  • انتشرت جماعات مسلحة محلية للدفاع عن بعض المناطق، وارتبطت غالباً بجهات أمنية، وأصبحت جزءاً من شبكات تهريب وتجارة غير مشروعة، مثل تجارة “الكبتاغون”.

احتجاجات 2023 وردود فعل النظام

  • في أغسطس 2023، جاءت خطوة رفع دعم الوقود كشرارة لانتفاضة شعبية، انطلقت من احتجاجات غاضبة طالبت بتخفيض الأسعار وتحسين الوضع المعيشي، قبل أن تتطور إلى مظاهرات واسعة رفعت خلالها شعارات وطنية ورُفعت فيها رايات الثورة والحرية.
  • اعتمد النظام سياسة تتراوح بين التجاهل والتأهب الأمني، من خلال إضعاف المؤسسات المحلية، وتحريك الجماعات المسلحة، وتشجيع تجارة المخدرات، لدرء تهديدات الاستقرار الداخلي.

البيئة الإقليمية وتأثيراتها على الوضع الداخلي

  • الحدود مع الأردن تشكل معبر تهريب مهم، وهو ما أدى إلى توترات مع الأردن بسبب تجارة المخدرات، وأدى التدخل الأردني لتضييق الخناق على المهربين إلى تصعيد التوترات بين البلدين.
  • كما أن الدور الإسرائيلي حاضر بقوة، مع مساعٍ لدعم بعض الجماعات، واستثمار الاضطرابات لتوسيع النفوذ، خاصة عبر التصريحات عن احتمالات التدخل لحماية الطائفة الدرزية في سوريا، مع وجود علاقات غير مباشرة بين شخصيات درزية وإسرائيل.

بصفة عامة، تُمثّل الأزمة في السويداء تعبيراً عن حالة معقدة من التداخل بين التاريخ، والجغرافيا، والسياسة، والاقتصاد، مع تداخل القضايا الداخلية والإقليمية، مما يتطلب مقاربة متكاملة لفهم أبعادها وآفاق حلها.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى