الأزمة في السويداء: الجانب الاقتصادي والاجتماعي من الأحداث

تطورات الأزمة في السويداء ومدى تعقيداتها الداخلية والإقليمية

تعيش محافظة السويداء في جنوب سوريا أجواء من التوتر والتصعيد المستمر، حيث تتداخل العوامل الداخلية مع التدخلات الإقليمية والدولية، مما يعقد المشهد ويزيد من حجم التحديات التي تواجه أهلها. تتعدد أسباب الأزمة وترتبط بتاريخ طويل من النزاعات والخلافات التي تتجدد مع تغير الظروف المناخية والسياسية، وتزداد تعقيداً مع انتشار ظاهرة الجماعات المسلحة والتهرب من المسؤوليات الحكومية.

الأسباب والتفسيرات للأزمة الحالية

• انقسام السرديات حول أسباب الأزمة، بين صراع طائفي وأعمال عنف متفرقة، وبين وصفها بأنها “عمل عسكري حكومي” يهدف إلى إضعاف المنطقة.
• تأثير تدهور الموارد الطبيعية، خاصة شح الأمطار، الذي أدى إلى تراجع كبير في الإنتاج الزراعي، بما يشمل الحبوب والأشجار المثمرة، وتهديد مصادر دخل العديد من الأسر.
• الخلافات التاريخية بين الدروز والبدو على الأراضي والمياه، والتي تفاقمت بسبب الجفاف، وتحولت إلى نزاعات مسلحة في بعض المناطق.
• الخلفيات السياسية والنزاعات المرتبطة بالمطالبة بالانفصال أو الاستقلال، والتي ظهرت بشكل متكرر منذ بداية القرن العشرين، وأدت إلى صراعات مع السلطة المركزية.

التحديات الاقتصادية والاجتماعية

• تراجع القطاع الزراعي نتيجة نقص المياه، وارتفاع تكاليف الري، وضعف الدعم الحكومي، مما أدى إلى خروج قسم كبير من الأراضي عن الخدمة.
• انهيار قطاعات الخدمات والتجارة، خاصة بعد اندلاع الثورة عام 2011، حيث زادت معدلات الفقر والبطالة وتدهورت القدرة الشرائية للأهالي.
• انتشار الجماعات المسلحة، التي تتنوع بين تلك ذات الطابع الديني والأخرى المرتبطة بأجهزة الأمن، فضلاً عن تجارة المخدرات وتهريبها، خاصة “الكبتاغون”.

الأحداث الأخيرة وتفجر الاحتجاجات

• قرار الحكومة السورية في أغسطس 2023 رفع دعم الوقود، والذي أدى إلى انفجار موجة من الاحتجاجات الغاضبة، وعجزت السلطات عن احتوائها بسرعة، مع تصاعد المطالب السياسية والاجتماعية.
• مظاهر التمرد شملت قطع الطرقات، إشعال الإطارات، وإسقاط رموز النظام في بعض الساحات، مع بروز مطالب مناهضة للحكومة وخروج عن السيطرة أحياناً.
• السياسات الأمنية، من جانب النظام، تركزت على الاحتواء والتقليل من زخم الحراك، مع استمرار التضييق على المؤسسات، وتسهيل وجود الجماعات المسلحة والإضرار بالاقتصاد المحلي.

الأبعاد الإقليمية والدولية

• حدود المحافظة مع الأردن جعلتها ذات أهمية كبيرة لنزاعات التهريب وتجارة المخدرات، الأمر الذي زاد من توتر علاقاتها مع الجوار.
• تدخلات إسرائيلية، بهدف حماية الدروز في فلسطين والجولان المحتل، واستثمار الاضطرابات لأغراض أمنية وسياسية، مع تصاعد التقارير عن تواصل غير مباشر مع شخصيات درزية سورية.
• حوادث استهداف بعض المهربين والمواقع في المنطقة، والتي ازدادت في أعقاب الأحداث الأخيرة، ورفعت مستوى التوتر بين الأطراف المتداخلة.

ختام

تظهر الأزمة في السويداء كمجموعة معقدة من العوامل الداخلية والتداخلات الإقليمية، وتحتاج إلى مقاربات مستدامة تتخطى الحلول الأمنية التقليدية، وتضع في الاعتبار التاريخ، والخلافات العميقة، والتحديات الاقتصادية، وضرورة تحقيق استقرار شامل يضمن حقوق الجميع ويعيد للأهالي شعورهم بالأمن والاستقرار.